2018-03-17 الساعة 01:48م
تظل معاناة المعلم اليمني عابرة لكل توقع مغرقة في المأساوية قد تجاوزت الوصف ونالت أقصى درجات التعاطف والعجز عن المساندة..
لقد بلغ به الحال أن يبتلع لسانه لعجز الشكوى ويأس المعونة.
أستأسد عليه الانقلاب وتجمعت حوله ضباع الهموم وبطش بحاله ولاة الأمور.
صار شماعة يبتز باسمها الطالب بإتاوات مرتفعة تصب في جيوب القائمين عليها ويرمى إليه الفتات فيقبع عاجز عن الاحتجاج عن غزوات النصب والسرقة لحاجته لذلك الفتات الذي يقيم أوده وعائلته.
فاحت رائحة المبالغ الشهرية التي تجمع من عرق ودموع البسطاء والفقراء لتصبح أكواما لا يستهان بها قد تصل في بعض المدارس الكبرى إلى الملايين.
ليصدم المعلمون فيها بنزر المبالغ التافهة التي تصل إلى أيديهم كرماد يذر في العيون.
مدارس كبرى تحول مديروها إلى جزازين لرقاب الطلاب بالتهديد بالحرمان من الاختبارات النهائية وضياع عاما تلو عام من أعمارهم بعد ضياع هيبة وهدف التعليم.
مبالغ تجمع باسم المعلم لتذهب مقاسمة بين إدارات نفعية وبين مجهود حربي والقليل منها فقط يصل إلى يد المعلم مخضباً بالمهانة والحاجة.
تقول لي أحدى المعلمات الفاضلات : تم جمع مبلغ ألف ريال من كل طالبة في الفترة الصباحية وكنت أعرف وضع كل طالبة من تلميذاتي وكان منهن تلميذة أعرف مدى سوء حال أسرتها والذي أوصلها إلى أن تطلب من صاحب المقصف بقايا أعقاب السندويتشات التي ترميها بعض الطالبات ويقوم هو بجمعها في نهاية الدوام من أجل أغنام يربيها كانت تأخذها إلى بيتهم كوجبة عشاء أو غداء.
هذه الطالبة لشدة حرصها على دراستها سلمت ألف ريال أسوة بالبقية فكانت دهشتي وصدمتي كبيرة جعلتني أسألها على انفراد كيف استطاعت توفير هذا المبلغ؟
قالت لي أن والدتها باعت أسطوانة الغاز الوحيدة في البيت بعد أن عجز والدها أن يملأها بالغاز وأن الأسرة لا تطبخ الكثير وتكتفي بالموقد.
تقول المعلمة: أوجعني هذا الحل من أسرة الطالبة وصرت مهمومة أكثر منهم حين يحل شهر آخر وتحتاج إلى دفع ألف آخر.
المعلمة التي تعاني حالة مادية سيئة ككل معلمي هذا الوطن حصلت على مبلغ عشرة الف من إدارة المدرسة اضطرت بدافع الشفقة لحال الطالبة أن توفر مبلغ ألف ريال من أجل إعطائها للطالبة كرسم للشهر القادم.
قائلة لي: شعرت أني آخذ مالا حراما رغم أني لم أطلب لنفسي وما أخذوه من الطالبات كان يذهب إلى جيوبهم بالدرجة الأولى؛ ولكن الأمر يبدو كسلخ الجلد لدى كثير من الأسر التي ذهبت الحرب بلحمها وتركتها جلدا على عظم.
وأضافت بحزن بالغ: مئات الأسر تعجز عن اطعام نفسها فكيف ستدفع مبالغ المشاركة المجتمعية كما يطلق عليها؟! أما المعلم فقد أضيف لمأساته نكبة أخرى وهي ابتزاز الأهالي باسمه فلا هو أستفاد من هذه المبالغ ولا هو ارتاح من معرتها أمام نفسه وأمام الناس.
* يمن موينيتور