2018-05-10 الساعة 08:48م
مطب 1:
تحتم علينا أحيانا قراءة الواقع الضحل و المتدني فكريا وحضاريا الذي توصلنا له اليوم، بأننا قبل ان ننقاد بفكرة انتقاد عقلية العامة والبسطاء من هذا الشعب المطحون فكريا واجتماعيا وانسانيا على سلوكياتهم المغلوطة، فاﻷحرى بنا أولا التيقظ ﻹنهيار قيمي مؤسف تصنعه حقيقة من يوضعون أنفسهم او وضعتهم المناصب اليوم على المشهد العام لما يعرف ب "النخبة "- وهنا أعني مجموعة اﻵفات التي تدعي الحداثة والتقدم وتتولى مسؤولية الدفاع عن الحقوق و الكرامة والحريات او جموع القضايا الإنسانية - من المزيفين والمزورين الذين هم أقرب مثال لمصطلح الديمقراطية و الحرية بنسختهما العربية المشوهة والمؤسفة. فهم بتناقض سلوكياتهم امام تلون وزخرفة احاديثهم يظهرون كنخاسين مبادئ يتاجرون بقضايانا في المنابر، ليكونوا اشد فتكا بفكرة تقدم المجتمع من تأخره فكريا وبالتالي حضاريا.
وتثبت لنا مؤخرا الحقائق المتبجحة للعديد من نخبنا الإعلامية او الحقوقية، انهم ليسوا إلا مجرد طفيليات ناقلة لوباء الجهل والتخلف بأرقى صوره واقواها..
ومن ثم كيف للشخص الجاهل او البسيط ان يثق او يقتنع بضرورة واهمية تلك المفاهيم الإنسانية، إذا كانت هذه النخبة على المنابر تصنع بها سحر الاحاديث لغايات الظهور المدوي وعلى ارض الواقع تبدي كفرا منفرا وجحودا صاعقا!
ان تناقض صارخ كهذا من شأنه ان يخلق صدمة تؤدي لانتكاسة حضارية ونفور لدى فئات المجتمع المتواضعة فكريا من الأمي والجاهل؛ فلو كانت هذه اﻷقنعة المغشوشة هي من تمثل وتتحدث عن تلك القيم حتما ستنهار قيمتها وترفض كليا لدى العامة.
ولهذا النوع المتحذلق بالحديث نقول:
كبر مقتا ان تقولوا ما لا تؤمنون به وان تمارسون خلافا لما تنظرون..ويا من حولتم قضايانا الإنسانية وحقوقنا لنظريات كلامية هشة تبيعونها و معها انسانيتنا كهتافات جوفاء في اسواقكم السوداء، بئس ما تصنعون .
من هنا تحديدا كان سؤالي:
من اين يفترض بنا ان نبدأ بتشخيص الكارثة، هل من المرض ام من الكائنات المسببه في تكاثره وانتشاره؟؟؟
مطب 2:
أما الفصامية المخيفة فهي معضلة المثقف اليمني، الذي يعزي ذاته بقراءة الكثير من الكتب ويفني اوقاته في الدأب باﻹطلاع والمعرفة، فقط ليتباهى اخيرا بكونه مثقف وقارئ او أراجوز كتابة جيد يرص الكلمات وينشرها ليبهر بها القارئ، ومن ثم يراكم ما يقرأ من الورق برف مهجور ليس في المكتبة هذه المرة ولكن في دماغه المغلق والعاجز عن بذل ادنى جهد واقعي إنساني لفلسفة ما يتلذذ بقراءته ويتشدق به الى سلوك عملي يعد هو الفيصل الأوحد بين الوعي والجهل، وبين المثقف الحقيقي والشعاراتي المريض المتصنع للوعي- بتبسيط اكثر هو المستحمر الذي يحفظ ويردد دون ادنى محاولة للتطبيق وتحطيم الإطار!
اما هذا النوع اﻷخير، اود ان اقول لهم ليتكم وفرتم قيمة تلك الكتب لتشتروا بها ورق حمام كانت ستخدمكم اكثر من هذا الإبتذال والتناقض المزري والجهد العبثي!
"كالحمار يحمل أسفارا..!"