2018-06-28 الساعة 12:46ص
كنت ابحث عن سجائر في ليل الحصبة المتأخر ، لم تكن بوابة الشيخ تنام
كان يذكرنا بصحوة ما نحن عليه من خطأ ونزق جهوي ، والان لا احد غير حارسين من العصيمات يتثائبان على جانب بوابة لم تعد تحرس احد غير النهايات الحزينة ، بينما يبتسم الشيخ عبد الله من لوحة قماشية لذكراه وعسيبه مثبت على الجدران
افكر في برد العصيمي وهو يحرس الموتى وقد تسربت حياته في ليل الحصبة ، لم يعد مرافق شيخ ، ولا هو جندي حراسة ولا هو حوثي ولا مقاومة ولا هو عنصر استخبارات
انه يجلس على الرصيف ، يراقب اخر المارة الباحثين عن سجائر ، يتلقى الريح القادمة من الاطلنطي وهي تجتاز جبال الاوراس في المغرب العربي وتعبر الصحراء الكبرى ثم مويجات ظلام البحر الاحمر لتصب نهاية المطاف على ركبتي عصيمي جالس على الرصيف ولم يعد لديه ما يحرسه
من هنا دخل المشائخ بحثا عن شيخ المشايخ ، من هنا مر علي حميد جليدان، وبقي ينتظر أن يؤذن له ، من هنا خرجت رابعة بتاج بلقيس لتزف للموت بمسدس أردني حقير من عشيرة المخدرات ، وخرجت الصوالين المعطرة بالخيلاء الارستقراطي ونشوة القات الضلاعي ، وهنا وقف رجال كثيرون في انتظار ان يؤذن لهم لملامسة اصابع الارستقراطي الاخير قبل ان يتبدد ابناؤه في بلاد الله بلا إذن من احد ولا رجاء
لم نتمكن من معرفتهم يوما ، لكن صمت البوابة محزن ، يذكرني بنهاياتنا جميعا ، المثقفين والقبايل ، الصحفيين والناشطين واخر من تبقى من زمن شيخ المشايخ
رفعت راسي للوحة القماشية وأومئت بتحية العابر : مسا الخير يا صاحب الجنبية والشال
هذا الزمن قد شردنا جميعا ، نحن الذين لطالما اسميناك شيخ الجمهورية ، والجمهورية ايضا تم تشريدها ولم تعد صالحة لأن يحلبها احد،
في الجهة الاخرى صورة لمجاهد ابو شوارب ، تم لصق ما تبقى من حاشد في لافتة واحدة قال عنها احدهم : هذه هي المخطوطة الحزينة المتبقية من وهم القبيلة .
شخصيا : كنت اظن حاشد هي المعادل البدائي لشراسة القوزاق ، قبيلة الزعقات والمقاتلين المدججين بجلود الضباع وهم يسفحون الدم في السهب الروسي العظيم
تبين ان الروايات لا تشبه واقعنا المكسور والاعزل حتى من القبائل ، القبائل التي كرهنا اندفاعتها الاستخواذية وتبين لاحقا ان حاشد اضعف من رسام كاريكاتور يواجه البارود بريشته الملونة
لسبب يعرفه قلبي احبك يا شيخ عبد الله ، وراض انا انك رحلت وعادك الشيخ عبد الله ، كيف لو دخلوا عليك انت بكلك واسقطوا عمامتك انت شخصيا؟ لقد رحلت الا انك لم تشهد كسر ناموس بلد ظنتك يوما اخر اباطرة الاستحواذ وهتك القانون
اتعرف ، تمنى اغلبنا نهاية لسطوة عائلتك ونخيط ابنائك ، لكن الكسرة تزامنت مع انكسار بلد ، واذلال عيال الشيخ ترافق مع اذلال ابن الرعوي ، وكان تفجير بيتك في الخمري ايذانا بتفجير كل بيت في كل قرية ،
بعد رحيلك لم نخض مع حميد أو حسين وبقية ابنائك العشرة صراعنا الطبقي ، لقد سقطنا معا وبلا معركة .
الليالي الباردة تدحرج القراطيس وتجمعها عند بوابتك ، بينما يحدق العصيمي في الفراغ ، لم يعد لديه غير جهة واحد للزامل ، وليل بلا جهات .
كبري يا بندقي جنب البنادق ، قالها صادق وصادق صدق صادق ،
مع كل عصر يتجدد حبي وولهي للفتنة تتعرق عند البوابة " يا كحيل الرمش والعين الوسيعة " وكأنني أمام قصر المعتمد بن عباد لحظة أن داس يوسف بن تاشفين على عمامة آخر ملوك الطوائف.