2018-10-22 الساعة 06:45م
صدر قرار الرئيس ومضى مع كل الأسئلة التي تخللت القرار.
كانت الصدمة للجميع هي إحالة بن دغر للتحقيق، وهو قرار أحمق ولا ينم عن أي حكمة سوى غل اللحظة التي اتخذ فيها رئيس الجمهورية ذلك القرار.
تغيير الحكومة كان مطلب القوى السياسية كاملة وأوحت بيانات الأحزاب بذلك قبل أسابيع، لكن الأمر بدا وكأن الحكومة هي رئيس الوزراء، فترك هادي ذلك الغثاء كاملا وعاقب بن دغر بطريقة استفزت مشاعر الناس بشكل لا يليق برئيس جمهورية ولا برئيس حكومة، كما عاقب الدكتور معين عبد الملك بهذا القرار أكثر مما يعتقد البعض أنه كافأه.
جاء رئيس الوزراء الجديد بسيرة نظيفة بحيث يمكن القول إنه كان الأنجح بين زملائه في الحكومة، عمل بصمت وأنجز مشاريع مهمة في مجاله (الأشغال العامة والطرق) ولم يكن له مواقف سياسية ضاجة، وظل على الأرض يعمل طوال الفترة السابقة حتى جاء القرار وهو في عدن.
هل يحق للدكتور معين التوجس اليوم من تعامل هادي نفسه؟!
أعتقد لديه الحق بذلك، فالرئيس هادي يمعن في إهانة موظفيه بطريقة تجعل المرء يتوقف عن الإنجاز والتفكير في مراضاة مزاج الرئيس، وهذا ما سيجعل معين واقعا في ضغط خضع له بقية مسؤولي الدولة في السابق.
عين الرئيس معين عبد الملك وسلمه (عفش) وزراء لا ناقة لهم في إدارة الدولة ولا جمل، وسيطالب معين أن ينجح بهؤلاء، وهذه بحاجة لنبي وليس لمعين.
الدكتور معين لديه قدرة على التواصل مع كل الأطراف الداخلية والخارجية، واختاره الرئيس قبل عام لإدارة لجنة التنسيق ومتابعة تنفيذ نتائج اجتماع الرئيس مع ولي العهد السعودي، وأظهر قدرة على التوازن بين رؤى الرئيس ورؤى السعودية، وربما يكون هذا المرتكز هو الأهم لرئيس الوزراء حاليا.
لكن هل يكفي ذلك؟
بالتأكيد لا..
فمازالت الأحزاب السياسية بطريقة أو بأخرى متحفظة على القرار، ربما لديها الحق في كون مطالبها كانت بأن يكون تغييرا حكوميا وليس تغييرا لرئيس الوزراء، وهذا الأمر مازال المطلب الأساسي للجميع، مع إصلاح المنظومة كاملة وتقليص عدد الوزراء وإصلاح نظام الأجور.
رمى الرئيس هادي أفضل شخص كان يرمي عليه بملفات معلنة وسرية إلى وسط المعمعة، وسيتركه لتضارب الأحزاب والمصالح، وإذا لم يتح الرئيس للدكتور معين أن يشكل طاقمه ويمنحه صلاحيات إنعاش البلد فإنه سيكون قد قضى على آمال الناس بمعين وبالقادم بعد معين وبأي تغيير سيحصل.
أما فيما يتعلق بالعلاقة مع السعودية فإن الخطوة الأنجح أمام رئيس الوزراء هي توحيد جهود الدعم السعودي في مصب واحد، فالأرقام التي تبذلها السعودية في الملف اليمني مهولة، لكنها ليست موجودة على أرض الواقع، لأنها تدار بأشخاص بلا حساب ولا عقاب، والأولى أن يكون التعامل اليوم حكومة لحكومة، والأموال تذهب لخزينة الحكومة، وبناء مالية محترفة تساعد في توجيه هذه الأموال في طريقها الصحيح.
قبل ذلك يجب أن يلزم رئيس الوزراء كافة الوزارات بإعداد ميزانيات دقيقة للعمل في الداخل، وأن تتولى الحكومة تنفيذ ما تستطيع من المشاريع المطروحة، بدلا من التشتت وجلب الدعم كل لوزارته عبر طرق ملتوية أمام السعودية والإمارات.
طالما والسعودية لديها تواصل جيد برئيس الوزراء فالأولى أن تصحح العلاقة بشكل مباشر وإلغاء تعدد الميزانيات إذا أرادت تحقيق النجاح الذي تحتاجه اليوم أمام العالم.
ملف تصدير الغاز يعد أولوية، وهذا الملف يجب أن ينجح فيه الدكتور معين كونه المورد الذي سيساهم في إيقاف عملية التدهور الاقتصادي، وسيمنح الحكومة القدرة على صرف الرواتب باستمرار كأقل منجز مطلوب حاليا.
أما ملف ميزانيات الجيش والأمن والأعداد المهولة للقوى البشرية فهي بحاجة لخبراء مخلصين يخلصون البلد من تلك الكارثة التي سترفد ميزانية الدولة بمئات ملايين الدولارات.
ملف التعيينات يجب أن يتوقف، ويجب أن يتم تنفيذ مطالب الأحزاب السياسية بإعادة تصحيح ذلك الملف وإلغاء التعاقدات والوظائف غير الضرورية وغير القانونية.
ملفات عويصة أخرى أمام رئيس الحكومة تستدعي الوقوف من كل القوى لأجل استعادة قليل من أمل الإنجاز، يستحق اليمنيون التكاتف اليوم، أما (المهاونة) والبحث وراء إفشال كل الجهود فهو فشل للجميع وليس لبن دغر أو معين أو غيره.