2018-10-23 الساعة 06:55م
ألمح وزير النقل صالح الجبواني إلى مساعٍ غير معلنة لإجراء تغيير وزاري كلي أو جزئي بعد أيام من تعيين رئيس جديد للحكومة هو معين عبدالملك خلفاً لأحمد عبيد بن دغر الذي أقيل من منصبه وأحيل للتحقيق في خطوة رأها البعض انتقام شخصي أكثر منها رغبة حقيقية في التغيير.
لم يوضح الوزير ما إذا كانت هناك مفاوضات يقودها رئيس الحكومة الجديد لإحداث تغيير محدود أو واسع في الحكومة، لكنه اكتفى في تغريدته بتويتر بالحديث عن صفقة قد تفضي إلى ذلك وحذر من القبول بهذا الخيار دون حل التشكيلات المسلحة التابعة للإمارات ودمجها في الجيش والأمن حتى لا تتحول الحكومة إلى غطاء شرعي للكيانات غير القانونية.
وهذا الموقف هو الأول الذي يصدر من مسؤول حكومي ويشير فيه إلى إمكانية تغيير وزاري بعد تعيين معين الذي كان يشغل منصب وزير الأشغال العامة والعمل.
ويضيف هذا الرأي للجدل القانوني والسياسي المزيد من التساؤلات حول ما إذا كان قرار إقالة بن دغر يعني إقالة الحكومة بأكملها لاسيما مع عدم وجود نص دستوري يبقي الحكومة في حال تغيير رئيسها، وحق رئيس الوزراء الجديد في اختيار أعضاء وزارته بالتشاور مع الرئيس وفقا للمادة (١٣٢).
وقد يكون كلام الجبواني أوضح مؤشر نحو التغيير الوزاري وهو ما يعني – في حال لم يكن رسالة سياسية – توجهاً لاستيعاب وكلاء الإمارات واقصد بذلك ما يسمى “المجلس الانتقالي” الذي سعى جاهداً بإيعاز من مموله لإسقاط الحكومة وكاد أن ينجح بانقلاب مسلح مطلع العام الجاري.
وما يعزز هذا الاحتمال هو موقف وزير النقل الذي حذّر من صفقة تغيير دون حل التشكيلات المسلحة التابعة لأبو ظبي وإحداها القوات التابعة للمجلس بجانب “الحزام الأمني” والنُخب في ساحل حضرموت وشبوة.
وحتى تعيين معين عبدالملك يشير لذلك بالنظر إلى أنه اختيار التحالف وتحديداً السعودية والتي يُعتبر مقرباً منها وصديقاً لسفيرها في اليمن بحكم عمله نائباً لرئيس لجنة التنسيق والمتابعة والمشاريع التنموية الممولة من الرياض، وهو كذلك شخصاً مقبولاً للإمارات ربما لاستقلاليته السياسية وعدم اتخاذه أي موقف منها، وهو في المحصلة استجابة لرغبتهما في تغيير سلفه.
وما دام الأمر جاء برغبة التحالف وليس استجابة لتقييم أداء الحكومة أو تطلعات الشعب فليس مستبعداً أن يكون التغيير الوزاري وارداً لاستيعاب حلفاء الإمارات لكي يكون مبرراً لإشراكهم لاحقاً في وفد الشرعية التفاوضي مع الحوثيين أو على الأقل حل مشكلتهم مع الشرعية لضمان التهدئة كرغبة سعودية في الوقت الراهن.
وفي حال تحقق لأبو ظبي وحلفاؤها ما أرادوا بأن يكونوا جزءاً من الحكومة فإن هذا يمثل انتصاراً لهم طالما عجزوا عن تحقيقه طوال السنة الماضية، ويجعل أفعال الإمارات بعيدة عن النقد الحكومة لوجود من يعارض التعرض لها وبذلك تكون مهمة الحلفاء شرعنة ما يقومون به وما يطلبه منهم الداعم.
من الواضح أن معين لن يكون نسخة أخرى من بن دغر في انتقاد الإمارات بحكم الاختلاف في شخصية الرجلين ومصادر قوتهما، لكن إن كان سينجح في استثمار علاقاته الجيدة مع الرياض وأبو ظبي في حلحلة القضايا الخلافية فقد حقق المطلوب لنجاحه.
وبغض النظر حصل التغيير وجاء بالانتقالي أم لا، فما يحتاجه رئيس الحكومة هو تمكينه من أداء عمله من عدن بجميع وزارئه والتحرك بمناطق الشرعية بحرية ومنحه حق إدارة وتشغيل الموانئ والمطارات وإنتاج وتصدير النفط والغاز للخارج، ودعم حكومته مباشرة وكجهة وحيدة في اليمن بحيث يضمن استغلال الدعم السعودي الذي يذهب بأماكن غير معروفة وغير مفيدة للمواطنين.
بالتأكيد سيحتاج دعم الأحزاب والقوى السياسية والتي وإن لم تعلن دعمها له حتى الآن عبر بيان مشترك أو كل حزب على حده، فهي لا شك لا تعارض توليه هذا المنصب ولكنها قد تكون متحفظة على الطريقة التي جاء بها والتي كانت تريد تغييراً وزارياً وليس في رأس الحكومة.فقط
ولاشك أن الظروف التي تعين فيها معين صعبة كما كان حال سلفه لكنها مقارنة ببداية بن دغر أفضل نوعاً ما مع تثبيت موارد مالية من النفط والضرائب وتفعيل البنك المركزي وإن لم تكن بالشكل الكافي.
يمكن لمعين أن يبعث برسائل أمل للناس بخطوات أولية مثل اتخاذه قراراً بوقف التعيينات المخالفة لقانون شغل الوظيفة وتشكيل لجنة من مختصين لتصحيح عيوب التعيينات السابقة وإخضاع أية ترشيحات لمعايير القانون والضغط على المسؤولين مزاولة أعمالهم من الداخل مع وضع ميزانية دقيقة لوزاراتهم وترسيخ مبدأ الشفافية والمحاسبة لأكبر قدر ممكن.