2019-04-18 الساعة 06:59م
لم تكن الخمسة عقود المنصرمة من عمر ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 م كافية لخلق جيل وطني جمهوري ولد من رحم الثورة وتشرب قيمها، وارتشف من مبادئها، وآمن بفلسفتها ، واستنار من أفقها المشع وبريقها اللامع، وظل يبث نورها في كل موطئ مظلم وقبو معتم .. لكن أن تجد بعد هذا الزمن الطويل من عمر الثورة والوطن جيلاً لا يمت للجمهورية بصلة ولا تربطه بجمهورها آية صورة بل تراه يعيش موغلاً في غياهب التخلف والردة الوطنية وتقديس سلوكيات الماضي السيئ رغم حمله شهادات علمية عليا واحتسابه من رجالات التنوير والمعرفة إذ لم يترك أيا منهما أثراً عليه أو يضيف له أي ملمح من ملامح ثورته المقدسة والتي لم يكن الوطن دونها أكثر من حضيرة يقطنه قطيع من الناس تحت وطأة الكهنوت وأوهامها النتنة التي عادت هذة السنوات بجلباب مغاير، وعته أكثر ألماً وقسوة بعد انقلاب مشؤوم على الدولة والنظام والقانون سطا على جل مكتسبات الوطن فأعادته إلى نقطة الصفر ليساق المجتمع إبان ذلك صوب بوتقة صراع لا نهاية لها .
ليسامحني القارئ وأنا أسوق هذه المقدمة الطللية واستفز مشاعره الوطنية وأضعه أمام مرآة الواقع الذي تعرى عقب انقلاب السلالة وتعرت معه صور بعض النخب الأكاديمية اليمنية المزيفة وسقط بريقها في الوحل وانقشعت خدعها وأقنعتها البراقة التي ظلت تعلن عن نفسها باسم الثقافة تارة ، وباسم الوطنية تارة أخرى ، وتدير مؤسسات علمية كالجامعات ونوادي الأدب والسياسة ، حتى فضحت بموقف بائس نابع عن وعيها الهش فانحازت إلى الجانب المعتم من حاضر الوطن وماضيه وبذلت جهداًً جسيماً في بث سموم الانقلاب والترويج لمشروعهم الفتاك بالحلم والعلم والسلام .
قدمت السنوات الأربع الماضية مواقف غاية في القبح والشناعة لأكاديميين وصحافيين ومثقفين يمنيين أثبتوا عبرها خواءهم، وعدائهم لأبناء جلدتهم بتلك المواقف المخزية التي خيبت ظننا الإيجابي وكان أصحابها يعدون في دائرة النخب، فأثار ظغنتي ذلك الوعي السطحي واستعصى علي فهم دلالته وهل من المنطقي أن يتدافعوا راكضين لاستقبال فتى المسيرة القرآنية، وصبي الكهف الطائش وهو يقوض مؤسسات الدولة ويحول البلدإلى فراغ يشبه عقول الذين احتضنوا ذلك المشروع بيقين مطلق وابتهاج سخيف.
سأتناول هنا نموذجاً سيئا لهؤلاء النمط يحمل درجة الأستاذية في في علوم البلاغة والأسلوبية يدعى يحيى المذحجي يشغل منصب عميد كلية اللغات بجامعة تعز وللعلم أشرف على رسالته في الماجستير والدكتوراه عباس السوسوة المنتمي لسلالة الهاشميين والذي يكن حقداً دفينا للنظام الجمهوري وصاحب المقولة الشهيرة التي يشنها كلما شاهد علم اليمن "بالحجار نحميك ، بالموز نرميك" .
دعونا نتعرف على المذحجي الأستاذ بجامعة تعز وعالم البلاغة في كلية آدابها وأكاد أجزم أنه لم يتخرج على يديه طالب واحد يفقه في البلاغة شيئا حيث المرجع الوحيد عند المذحجي كتاب جواهر البلاغة للهاشمي درسه لطلابه طيلة المدة التي عمل بها في الجامعة حتى اللحظة المهم ما علينا من هذا .
ما يهمني هنا بالنسبة له تلك النزعة الهاشمية عنده أهي مكتسبة أم فطرية، إذ بان عفنها مع خروج صبي الكهف ليتسيد على أقيال اليمن وهنا واتت الفرصة عند المذحجي ليقوم بعملية تسويق المسيرة القرآنية بلاغيا في مختلف وسائل التواصل بنشوة وإخلاص، وكأنه يروج للفتح المبين مع الظن لديه بأن الخوض في هذا المضمار والانحياز بموقف صلب لوهم السلالة، وأحقيتها الإلهية في الحكم يدرج ضمن الرأي السياسي متناسياً أنه لا علم ولا وعي ولا ثقافة ولا حزبية تقبل بمثل هذا الوهم أو تصدقه، عدا المذحجي البلاغي وأقرانه الذين نصبوا أنفسهم للدفاع عن الحوثي ومهاجمة تعز وجيشها الوطني والشرعية .
لا تكمن هذه المعضلة عند هذا الحد من الالتحاق بركب مسيرة فتى مران بالنسبة للمذحجي وإنما في سهولة مضغ أوهام السلالة وتغاضي عواقبها الوخيمة التي نزلت كالسم القاتل على شعب اليمن وقلبت حياة هذا الشعب الأبي إلى جحيم بينما تبدو تلك الجرائم الحوثية عند المذحجي مبررة ويمكن تجاوزها طالما أنها تقف في وجه العدوان الغاشم السعوصهيوني بحسب ما يردده المذحجي ولا ترتقي لمستوى جرائم التحالف المنتهك لسيادة اليمن .. والغريب في الأمر أن المذكور حين يكتب في صفحته على الفيسبوك يتبجح عبرها بفقاعات من الهراء المستفز لمشاعر أي يمني غيور وتراه ينظر بشزر لتعز وأبنائها الشرفاء وجيشها الوطني ومقاومتها الذين تسامحوا معه كثيرا حتى الان وهم الذين صدوا هجمات الانقلابيين وطردوه من مدينة الطهر والسلام والثقافة والنظام والقانون
المدينة التي لا تحابي ولاتتمايل أو تراوغ في موقفها كالمذحجي النتن الذي يمثل صورة هشة لأكاديمي مصنفر عمل كبوق لنظام منقرض حتى نال بغيته وحين سقط ذلك النظام هب مسرعا لاحتساء لعاب السلالة والاستمتاع بمذاقها المشين .
وقد دفعتني مواقف بعض هؤلاء النخب المعبرة عن سذاجتهم الثخينة وتزييف هويتهم العلمية والوطنية فيما مضى وما بدر منهم في هذه اللحظة العصيبة من تاريخ اليمن لأن أتقبل مخرجات الجامعات التي تثبت أن القائمين عليها كانوا أسوأ من الرداءة ولا علاقة لهم بالعلم وإنما يتبعون سلطة ويعملون جواسيسا معها داخل الجامعات وهذا معروف للجميع وما تورط به كثير منهم في ثورة شباب فبراير ضد زملائهم المنحازين لأحلام الشباب وقيم التطلع ومبادئ التغيير .
الخزي والعار لهذا المذحجي .