2019-04-29 الساعة 12:42ص
منذ اسبوع وقناة الجزيرة تروج للفيلم الوثائقي ( الغداء الاخير ) والخاص بإعتيال الزعيم الراحل ابراهيم الحمدي رحمه الله .. قلت في نفسي لقد قرأت الكثير من الروايات عن ذلك في العديد من مذكرات الكثير من الشخصيات السياسية اليمنية ، ولكن قناة مثل الجزيرة بما تملكه من امكانيات هائلة، ونفوذ وعلاقات واسعة. فلاشك انها ستثري هذا الموضوع وتظهر لنا العديد من الحقائق الغائبة . من الساعة العاشرة مساء وانا اقف امام التلفزيون متلهفا لسماع الجديد ..
بدا البرنامج ببث مقاطع من بعض خطابات الشهيد الحمدي ومقابلاته ثم التحدث عن بعض نشاطه والوضع السياسي اثناء حكمه .. وفجأة ظهرت بعض الشخصيات اليمنية لتدلي بدلوها في هذا الامر وتوقعت انها ستكون من مشارب متعددة في المجتمع اليمني ، فاذا معظمها ان لم يكن كلها من الحزب الناصري وكأن الشهيد الحمدي كان اميناً عاماً للتنظيم الناصري وليس رئيسا للجمهورية العربية اليمنية . ولم يكن ينقصنا الا الاستاذ عبد الله نعمان رعاه الله ..
ظهر شاباً في العشرينات من عمره يتحدث عن الرئيس الحمدي وماذا كان ينوي فعله في اليمن وقد وصفته قناة الجزيرة بانه باحث امريكي في الشؤون اليمنية . لا ادري متى بحث وكيف؟ ولكن كان لا بد من اضفاء البعد العالمي للموضوع وكلنا يعلم كيف تتم الامور ..
هناك الكثير من الحشو في البرنامج لا لزوم له ولكن من اجل استيفاء وقت البرنامج كان لا بد منها . فقد استغرق التحدث مثلا عن الفتاتين الفرنسيتين مايقرب من عشر دقائق من وقت البرنامج . الشيئ الذي اضحكني ان الاستاذ عبد الله الحكيمي الذي وصفه البرنامج بانه من اقرب المقربين للشهيد الحمدي وظهر في البرنامج متأثرا اكثر من مرة متحدثا عن الحمدي وطريقة قتله ومن الذين شاركوا في قتله . قد قال في ظهوره الاخير ان الاستاذ احمد العماد مدير مكتب المقدم الغشمي قد اتصل به في يوم مقتل الحمدي وطلب منه الحضور اليه ، وعندما وصل قال له :نريد ان نكتب (بيان ) . فقال له الحكيمي خير ايش حصل هل كان هناك انقلاب وفشل؟ فرد عليه العماد بالقول : مالك يا ( جني) لقد قتل الحمدي واخيه ونريد ان نكتب بيان وقد قالها عبد الله الحكيمي في البرنامج ضاحكا ..
لم يذكر الحكيمي انه تاثر واندهش من سماع الخبر او شكل له اي صدمة باعتباره كان من اقرب المقربين للحمدي كما وصفه البرنامج . !!! بل قال للعماد: اذا تكون طريقة البيان على كذه وكذه واخذ يصيغ معه البيان والدنيا عوافي .. اعتقد لو ان الاخ جمال المليكي معد ومخرج هذا الفيلم الوثائقي لو انه كلف نفسه في البحث في مذكرات العديد من الشخصيات اليمنية السياسية التي عاشت تلك المرحلة لو جد في بعضها معلومات اوفر واخطر مما عرض في البرنامج . بل اكاد اجزم ان مجلس مقيل في اليمن قادرا على اثراء هذا الموضوع اكثر مما قُدم في البرنامج . لكن كان من الواضح ان الهدف من البرنامج هو التأليب ضد السعودية بالدرجة الاولى واطراف يمنية اخرى .. لذلك عندما ظهر في البرنامج نائب رئيس البعثة الامريكية الى اليمن في السبعينات.
وقال : ان الحمدي لم يكن محل اعجاب السعوديين وخصو صاً في اخر ايام حكمه. عندما قال ذلك . ظهر مباشرة على شاشة القناة عنوان ( خبر عاجل ) . يقول نائب رئيس البعثة الامريكية يقول كذا وكذا . بطريقة مضحكة وكأن الخبر يتعلق بموضوع الساعة وليس قبل ما يقرب من اثنين واربعين عام . وهكذا كلما ورد اسم السعودية في البرنامج اوردوا الخبر تحت عنوان خبر (عاجل ) . وهنا نضع هذا التساؤل . ماذا لو كانت العلاقات السعودية القطرية غير مقطوعة هل كانت قناة الجزيرة ستقدم هذا البرنامج ؟ وهل هذا البرنامج وتوقيته يخدمنا نحن كيمنيين ؟ شخصيا لا اعتقد ذلك على الاطلاق بل العكس هو الصحيح .. قدمت قناة الجزيرة هذا المساء ولاسباب سياسية برنامج ( الغداء الاخير ) وقدمت لنا في نفس الو قت كيمنيين وجبة ( عشاء ) غير صحية على الاطلاق . ايها الاشقاء في الخليج لا تحرقونا بينكم ضمن خلافاتكم السياسية فلم نعد نطيق اكثر من ذلك . ارحمونا يرحمكم الله