أهم الأخبار
عبدالملك شمسان

عبدالملك شمسان

في مواجهة الشباب هذه المرة

2015-01-31 الساعة 10:49ص

المغتصب للسلطة وحلفاؤه في الداخل والخارج لا ينظر للحوارات باهتمام، بل كثيرا ما يجد فيها مخرجا لنفسه.. لا ينظر للكرفتات الزاهية على أعناق قيادات السياسة باحترام، فضلا عن يراها مثار قلق، ووحدها كلمة "لا" التي تضج بها الشوارع ترهبه وحلفاءه.. ترعبهم، تقض مضاجعهم، تجبرهم على السهر في التفكير بما لا يخلصون به إلى نتيجة.

يحرص وحلفاؤه على قمع المظاهرات بكل ما أوتي من قوة ليثبت للشعب عدم نفعها، يعمل جاهدا على خلخلتها، على التشكيك في جدواها، على إثارة الريبة في مغزاها، على التحريش بين أجزائها، يفعل كل ما بوسعه لييأسوا منها، يقوم وحلفاؤه بكل ذلك وهم يراقبون المظاهرات من وراء النافذة وينفخون دخان سجائر الرعب من القادم المجهول.

إذا كان يبحث –كما يقول- عن الشراكة وليس هو المستأثر بكل شيء فكيف يظهر في مواجهة وقمع المظاهرات كحاكم وحيد متحكم!؟

إذا كان يرفع لافتة الحرب على أحد الأطراف السياسية بغية تحييد الآخرين فماذا سيقول وقد أصبح المستقلون ومنتسبو الأحزاب والتيارات الأخرى يملؤون الشوارع وأعدادهم في تزايد مستمر؟

إذا كان يغازل الجنوب ويلوّح أن عنده حلّ قضيتهم فلماذا يحتشد الحراك الجنوبي كله ضده!؟ وكيف يقرأ مطلب الحراك بنقل إدارة الدولة إلى تعز وهو يتحدث -لأول مرة- بهذه الطريقة عن محافظة من المحافظات الشمالية!؟

أحرق بفساده لافتة "محاربة الفساد" التي كان يدّعيها، وأحرق مبكرا لافتة "الدولة المدنية" التي كان يتشدق بها، وأي عقل هذا يسمح لصاحبه أن يتشدق بـ"الدولة المدنية" أمام المتظاهرين من الطلاب والجامعيين وحملة الشهادات العلمية!؟

شطب بيده أسماء الأطراف التي أعلنها تباعاً كخصوم له، حتى وجد نفسه أمام الشباب وجها لوجه.. لقد اعتاد خوض المواجهات غير المتكافئة مستقوياً بالحلفاء والمال والسلاح، وهو اليوم في مواجهة غير متكافئة جديدة، ولكن لصالح الشباب هذه المرة، وهم من سيتعلم منهم أن المستبد المتسلط لا ينفعه السلاح إذا كان عقله بليدا.. ربما أنها المرة الأولى التي يتعلم فيها شيئا نافعا، وربما تكون الأخيرة!!

تتطاير أوراق السياسة من على طاولته، تجف اللغة في حلقه، ينظر للسلاح المركوم خلفه فيراه عبئا ثقيلا، تشتعل من تحت الرماد تلك الجمر التي خلفها وراءه في شمال الشمال، ينظر إلى خزائن المال فلا يرى كنوز الدنيا تكفيه لمواجهة شعب، يتلفت إلى من حوله فلا يرى إلا متفيّدين يبحثون في ضيقه عن سعة عيشهم، وفي أزمته عن غناهم، وإذا هم يظهرون له أسوأ صور الاستغلال، ويمارسون عليه أبشع صور الابتزاز، ولا ينجزون له شيئا ويرفعون عنه همّا إلا ليلقوا على ظهره بما هو أثقل.

يفقد فيهم الثقة، يخطف نظراتٍ إلى عيون حلفائه في الداخل والخارج فيراهم يشيحون بوجوههم كلما نظر إليهم، يعود مجددا للمراهنة على تفتيت وتفكيك المسيرات والمظاهرات، يضاعف جهده فتتضاعف أخطاؤه، تنكشف مساوئه رغما عنه، تظهر للشعب حقيقته وتظهر له حقيقة الشعب.. يضرب ساعتها على جانب النافذة بحنق اليائس، وحال بينهما الموج فكان من المغرقين!!

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص