لم تنتشر في تقديري حتى رسم هذه السطور وتسري سريان النار في الهشيم، في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية منزوعة الهوية ومجهولة المصدر والجهة، في نطاق الشبكة العنكبوتية والصحافة اليمنية شائعة مثل شائعة (خيانة السلفيين)!
هذه الشائعة والتهمة التي ألصقت بالإخوة السلفيين من وقت مبكر مازالت تطفو على السطح بين الفينة والأخرى، كانت ولاتزال مجرد إشاعة .. إشاااعة .. إشاااعة، يجري النفخ والنفث بها في الفضاء العام السياسي والإعلامي، لتحقيق أهداف وغايات محددة ومقصودة آنية.
غير أن من الخطورة بمكان من خلال دراستي وتتبعي لموضوعها صيرورتها في الواقع مُسلّمة من المُسلّمات وحقيقة مقطوع بها، كونها تفضي إلى تكوين صورة شائهه مُثبتة في ذهنية الشارع اليمني والرأي العام، تلازم وتلاحق الإخوة السلفيين في حلّهم وترحالهم.
ذلك أن الشعب اليمني والرأي العام في مجمله، كان ولازال يتّشكل ويتغذى نتيجة حالة الجهل واللاوعي والتصحرّ السياسي والإعلامي، من موجات الإشاعة وماكنات التضليل، والحُروب النفسية والإعلامية المفتوحة، التي يديرها الإنقلابيون " صالح والحوثيين ".
عدا أن هذه الشائعة والتهمة لم يكن لها أن تسري وتتدفق في الفضاء العام لوكان للإخوة السلفيون اهتمام وتقدير للإعلام والصحافة، واحترام ورعاية – للاستمرار في العطاء _ من نشطوا وانطلقوا وبرعوا في هذا المجال، وقدموا جهودا مشكورة وباذخة، لا تخطئها عين أو تطمرها المشاريع الفردية ويطويها تقادم الزمن.
وتبعا لذلك، لا غرو أن يظل الإخوة السلفيون في بلادنا اليمن بمختلف توجهاتهم ومكوناتهم وفصائلهم ورموزهم وافرادهم ومؤسساتهم هدف سهل للشائعات والصحافة والإعلام المعادي والموجه، بل لا غرابة أن يظلّوا ضحايا بالجملة لموجات التضليل والتخوين والتشويه والتبخيس والتقزيم التي لم تبق منهم أوتذر.
وبالعودة والنظر فيما حملته شائعة تخوين السلفيين، تبين أن بواكير إلصاق التهمة قد تزامن مع محنتهم في دماج، حين واجهوا منفردين حرب ظالمة وغاشمة، وتطهير عرقي وطائفي، انتهى بعملية التهجير التي طالتهم أمام مرأى من العالم أجمع.
وبالرغم من عدم جدوى وتناسب رسو تهمة الخيانة وإلصاقها بالإخوة السلفيين آنذاك، نتيجة لما تعرضوا له، لكنها سَرت وشَاعت، نتيجة حالة القصور والضعف السياسي والإعلامي، الذي يتمتع به الإخوة السلفيون، وبسبب آخر جوهري يتمثل بواقع العلاقة وحالة الاحتكاك والتنافر بينهم وبين الإخوة في الحركة الإسلامية" حزب التجمع اليمني للإصلاح"، والعداء المستحكم من بقية التيارات والأحزاب المتشيعة واليسارية.
وللتنويه: فإن محور هذه التناولة والمقالة سوف يسلط الضوء كلياً في تناول موضوع شائعة تخوين السلفيين على الأسئلة الستة، التي يجري الاشتغال عليها في عملية تحرير وتركيب الخبر الصحفي، وفي عملية وتقنيات البحوث والتحقيق المعاصرة، وهي ماذا، ومن، ومتى، وأين، وكيف، ولماذا ؟!
وقد خلصت نتائج البحث والتقصيَّ التي أخذت مني وقتاً وجهداً كبيراً إلى تمكني من معرفة جهة ومصدر الشائعة، وإدراك عملية وخلفيات تخوين السلفيين في الفضاء العام، عوضاً عن الواقع والمشهد السياسي اليمني بِرمّته، بدءاً بأحداث دماج وليس انتهاءاً بدمت، ومابينهما وقبلهما وبعدهما من أحداث ومعارك جرت في معظم المدن والمناطق اليمنية.
غير أن عملية التخوين وبعث الشائعة وتصديرها في الفضاء العام ضد الإخوة السلفيين لها في كل موطن غاية وهدف، من قبل خبراء الشائعات وإذكاء الصراعات أثناء الحروب، الذين يديرون حالياً في البلد مطابخ وماكنات التضليل، والحروب النفسية والسياسية والإعلامية لـ الإنقلابيين تكتل " صالح والحوثيين" وحزب المؤتمر الشعبي العام.
وبدا لافتاً للعيان حال تدفق شائعة تخوين السلفيين وترويجها في الفضاء العام، الذي يتزامن بدقة وإحكام عند احتدام المعارك واشتداد الصراع بين الإنقلابيين " صالح والحوثيين" وقوى الشرعية والمقاومة الشعبية، من خلال الجيوش الالكترونية في نطاق مواقع التواصل الاجتماعي وفي المواقع الإخبارية والصحف اليومية والأسبوعية التي تصدر عنهم.
ومن الملفت أن يجري تصدير شائعة تخوين السلفيين وكل الشائعات في نطاق مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية عن طريق مصادر مجهولة وأسماء وهمية ابتداءً، وفي صورة بوستات مصوّرة وأخبار وتصريحات مفبركة منسوبة لجهات وأطراف تالياً، مرفقة في سياق تقارير وتحليلات وغير ذلك من فنون العمل الصحفي والإعلامي.
يلي عملية التصدير تلك التقاط وتسجيل ما أحدثته خطوة تصدير الشائعة وأنتجته من ردود وأفعال من قبل الأطراف المستهدفة، والاستفادة منه وتوظيفه عملياً في مارثوان تغذية النزاعات والحروب السياسية والإعلامية من قبل خبراء حروب الشائعات والتضليل والحروب النفسية والإعلامية، الذين يعملون باقتدار في حقل تكتل الإنقلابيين " صالح والحوثيين ".
ولعل شائعة تخوين السلفيين في تصوري هي اقصى ما عزف عليه الانقلابيين تكتل " صالح والحوثيين " ومن شايعهم ووقع أسير فخاخ ماكنات تضليلهم وتأثيرهم السياسي والإعلامي في الفضاء العام، بهدف الإيقاع مؤخراً لا أكثر بين فصائل ومكونات المقاومة الشعبية التي يشكل الإخوة السلفيون إحدى أعمدتها.
ولم يكن القصد من وراء بعث وتصدير الشائعة وموضوعها وأهدافها المعلنة وغير المرئية هو تثبيت هذه التهمة وتكوين صورة شائهه وقاتمة للسلفيين، بقدر ما الهدف المرسوم والمحكم هو إذكاء حالة من النزاع بينهم وبين أبرز مكونات المقاومة الشعبية المتمثل بإخوانهم في الحركة الإسلامية " حزب التجمع اليمني للإصلاح" لتفكيك جبهة المقاومة والتأثير عليها وضربها من الداخل.
ومن طريف ماوقفت عليه في أمر شائعة تخوين السلفيين، أن الإنقلابيون " صالح والحوثيين" الذين يعتبرون المصدر الوحيد في نشرها وعملية ترويجها، لا يقصدون مدلولها وسياقها الظاهر والمتبادر للذهن، فيما الإخوة في الحركة الإسلامية " التجمع اليمني للإصلاح " مجرد هدف ورجع صدى لها، فيما أغلب الإخوة السلفيون رغم قوة سريان الشائعة يصمون آذانهم عنها، وعدد ليس باليسير من الإخوة السلفيون والإصلاحيون وأتباعهم يحقق أهداف وغايات الإشاعة وأجنداتها.
ومايمكن الخلوص إليه في نهاية هذه السطور هو إدراك مرامي وأبعاد حروب الشائعات وإذكاء النزاعات وتغذية الصراعات أثناء الحروب، التي يوليها الإنقلابيون في اليمن تكتل " صالح والحوثيين" جُلّ اهتمامهم وجهدهم، ويخطر لي أنها معركتهم الظافرة التي نجحوا وبرعوا فيها إلى حد ما مذ تفجر الصراع ودورة الأحداث.
كما أن شائعة تخوين السلفيين لم ولن تكون وحدها التي طفت على السطح في الفضاء العام فحسب، بل مازالت ماكنة ومطابخ إعلام الإنقلابيين تعمل عملها في الواقع وخبراءهم ينسجون المزيد من الشائعات وغبار الأقاويل في وجه جبهة خصومهم في التحالف والشرعية والمقاومة، ولعل من أطرف ماوقفت عليه مؤخراً من الشائعات التي تنثر وترمى حول السلفيين " تبنّي الإمارات لهم وإحلالهم محل الإخوة في الحركة الإسلامية (التجمع اليمني للإصلاح)!
ومجمل القول في نهاية السطور، أقول: حري بالإخوة السلفيين والإخوة في إطار الحركة الإسلامية" التجمع اليمني للإصلاح" القيادات والأفراد والأتباع أن يدركوا حدية وطبيعة الصراع القائم مع الانقلابيين " صالح والحوثيين " ولزوم الحذر كل الحذر والاحتراز من موجات التضليل وحروب الشائعات التي تستهدفهم، وتطال بيضتهم وجبهتهم التي تعني لهم كل شيء الآن، وأن ليس سوى البقاء والفناء ينتظرهم.
• كاتب وباحث يمني