2016-06-22 الساعة 10:27م
سقطت قوى الثورة، والتغيير، سريعا وبدون مقاومة تذكر في مغارة الدولة العميقة، وتحولت سريعا الي ثورة مضادة، تدافع عن القيم الضحلة للاستبداد، متخلية عن قيم الثورة، والتغيير، التي خرج من اجلها الشباب الي الساحات، والميادين، في الجنوب، والشمال.
من يقول انه يمثل الثورة، والتغيير، اليوم داخل السلطة الحالية، او ما يعرف بسلطة الشرعية، فقط كذب، فسلطة الشرعية، هي مزيج اليوم من قوى الثورة المضادة، وقوى الدولة العميقة، التي تمثل نظام الرئيس المخلوع علي عفاش، هذا المزيج البشع، حاول ان يقضي على امال التغيير، منذ وقت مبكر ،ويقود البلاد في عجز فاضح الي نكبة الحرب الاهلية، التي ما تزال اليمن تعيش اوارها حتى الان.
القوى الانقلابية هي ثورة مضادة، ودولة عميقة، من خارج سلطة الشرعية، وهي واضحة منذ وقت مبكر في اهدافها، ومراميها، وماذا تريد؟ لكن الخدعة الكبيرة التي لم يتوقعها احد، هي ان تتحول قوى الثورة، والتغيير، التي تم الرهان عليها، لانقاذ البلاد، الي تحالف شيطاني، بين الثورة المضادة، والدولة العميقة، لتشكل عامل هدم، وخراب، للدولة، من الداخل، بينما تحاول جاهدة الظهور في صورة المنقذ، دون جدوى.
منذ البداية قلنا ان الخلل يكمن في الداخل، وحذرنا من التحالف، الهلامي، بين الثورة ،والثورة المضادة، ودعونا الي مراجعة سريعة داخل تكتل الشرعية، لانقاذ ما يمكن انقاذه، والوقوف على اداء اداري، وسياسي جديد، يمثل تطلعات الجماهير، لكن ما حدث هو استمرار الهروب من استحقاقات الثورة، والتغيير، الي مغارة الدولة العميقة، التي طبعت سلوك قوى ما تسمى بالثورة، والتغيير، بطابعها، وحولتها الي ادوات ثورة مضادة، بينما القوى القادمة، من رحم النظام القديم، استقرت كادوات دولة عميقة، سعت للتحالف سريعا مع ما تبقى من ادوات نظام عفاش، داخل اجهزة الدولة، لحماية نفسها من رياح الثورة، والتغيير.
ولان ما نسميها مجازا ادوات الثورة، والتغيير، لا تمتلك مشروعا سياسيا، ولا رؤية للتغيير، فقد كان كل همها البحث، عن المناصب، والمكاسب، من داخل الدولة العميقة، التي استطاعت ان تختطفها سريعا لتحولها الي ادوات مضادة، في مسار الثورة، والتغيير، دون اية مقاومة تذكر.
ما حدث لثورة الشباب الشعبية، يحدث الان للحراك الجنوبي، اذ تعمل الدولة العميقة، على اختطاف قيادات الحراك في السلطة داخل المدن المحررة، وتحويلها من ادوات ثورية تحرريه، الي ادوات ثورة مضادة، متحالفة مع الدولة العميقة، وتقف امام تطلعات الجماهير، في التغيير، المنشود.
الامور خطيرة جدا، قد لا يدركها البعض، لكن هذه العملية الهادفة الي ضرب الثورات، وعمليات التغيير، تحظى بدعم داخلي، وخارجي، والهدف منها اعادة الجماهير الي المربع الاول، واحباط كل امال التغيير، والتحول، التي خرج الناس من اجلها الي الساحات، والميادين.
نريد نلاحظ عمليات مقاومة داخل السلطة الحالية، لمظاهر الفساد، والاستبداد، من قبل القوى الجديدة، لنطمئن على الاقل، بان هناك ثورة تقاوم من الداخل، لكن للاسف هذا لم يحدث، فكل ما يحدث هو انصهار تام داخل مستنقع الدولة العميقة، بكل ممارساتها، وسلوكها، وان حدث بعض التغيير هنا، اوهناك، فهو طفيف جدا لا يرقى الي مستوى تضحيات، الجماهير.
ما الذي يحدث اذن ..هناك مؤامرة كبيرة على قوى الثورة، والتحرر، و التغيير، الحقيقية، التي انتجت افكار الثورات السلمية، والهمت الجماهير، فعل الحرية، والتغيير، هذه القوى الشابه، يجري تدميرها بكل الوسائل المعلنة، وغير المعلنة، لابعادها عن مسار الفعل، وابقاءها بعيدة عنه، واستبدالها بقوى اخرى لا تحمل رؤية، ولا فكر، ولديها استعداد للانصهار في مستنقع الدولة العميقة، دون مقاومة تذكر، مادام ذلك يحقق لها مصالحها، الشخصية، والانية.
الثورة، والتغيير، في اليمن شمالا، وجنوبا، يتعرضان لمؤمرة كبيرة ،وخطيرة، ومعهما تتعرض الدولة لنفس المؤامرة، ويتم ذلك بدعم خارجي، واضح لايهمه مصلحة الجماهير، ولا تطلعاتهم، المنشودة، بقدر ما يهمه مصالحه، وكيفية تحققها، وبقاءها على حساب، وجودنا كيمنيين.
على قوى الثورة، والتغيير، والتحرير، التي ما تزال قابضة على الجمر، ان لا تياس مما يجري، وعليها كشف اللعبة القذرة للجماهير، وتوعيتهم وبان ما يحدث هي محاولات لاعادة انتاج نظام، وتحالفات سلطوية، مسخة، تجمع بين الثورة المضادة، والدولة العميقة، لاختطاف الثورات، واحباط تطلعات، الجماهير، الحرة.
ينبغي ان تستمر المقاومة بكل ادوات الفعل الثوري، وان يستمر الرفض، لممارسات الدولة العميقة، فالثورات لا تتحقق نتائجها في يوم وليلة، والتغيير، والحرية، لا تقطف ثمارهما، بتلك السرعة، لكن العبرة في الاستمرار، واقامة التحالفات، المجتمعية، الهادفة لابقاء فكرة الثورة حية، في النفوس، والعقول، وكلي يقين بان نور الفجر سوف يشرق، في يوما ما، من وسط الظلام، مهما حاول البعض حجبه.
وينبغي اليقضة لتحالف الثورة المضادة، والدولة العميقة، ووضعه تحت المجهر ،والرقابة الجماهيرية، والمجتمعية.
رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام