جميعنا كان يتوقع أن الحوثيين مجرد ورقة يلعب بها علي صالح وأنه سيقلب الطاولة عليهم حين تكون الفرصة مواتية لذلك , ولعل محاولة طارق , ابن أخ صالح , تشكيل لواء تحت مسمى " لواء الملصي " بعيدًا عن سلطة المجلس السياسي وحكومة الانقلابيين , يُعزز اعتقادنا بأن ثمّة سيناريو كان يُعدّ برعاية خارجية لدحر الحوثيين إلى كهوفهم , لكن الحوثيين لم يكونوا أغبياء كما نتصوّر , لم يسمحوا لــطارق بإنشاء معسكرات وألوية خارج إطار تحالفهم , وإن كانت تلك الألوية ستحارب العدوان , كما يسمونه , إلا أن الحوثيين رفضوا ذلك جملة وتفصيلا واعتبروه تغريدًا خارج السرب ومحاولة لــ شق الصف الداخلي , الذي سيفضي في نهاية الأمر إلى انقلاب على الانقلاب  ..

عدم سماح الحوثيين لحليفهم صالح بإنشاء معسكرات وألوية خارج إطار تحالفهم , إضافة إلى السيطرة على الجيش الذي بناه خلال فترة حكمه المُقدّرة بــ ثُلث قرن , كل هذا جعل صالح وحيدًا , وكلنا يعرف النهاية التي لحقت بــ صالح , بفعل محاولة فض تحالفه مع الحوثيين , من خلال منح طارق الضوء الأخضر لبدء المعركة التي ظهرت نتيجتها مبكرًا , قُتل صالح وانتصر الحوثيون , فيما لاذ طارق بالفرار ..

إلى مناطق الشرعية هرب طارق , رغم عدم اعترفه بها , ظهر محاطًا بمدرعات تابعة للإمارات ومظللًا بطائراتها , وهي دولة ضالعة وفعّالة في التحالف العربي ..
يتنقل طارق في مناطق محررة ويحظى بحراسة مشددة , وبالمقابل نلحظ أن الرئيس هادي لا يستطيع العودة إلى المناطق المحررة , بل كيف له أن يفكر بالعودة ومقاتلات الإمارات جاهز لقصف مطار عدن الدولي للحيلولة دون عودته , كما فعلت في وقت سابق  !!

في المبادارت التي تقدم بها المبعوث الأممي إلى اليمن , ثمّة نص فحواه " ضرورة تسليم السلاح لطرف ثالث " , لكن ذلك كان يبدو بندًا ساذجة , لم يكن ثمّة طرف ثالث في اليمن , هناك طرفان فحسب , شرعية وانقلاب ,
لكن بعد انفراط عقد الانقلاب وهروب طارق إلى مناطق محررة , هل سيلعب دور الطرف الثالث , كونه سيشكل قطاعًا منفصلًا عن الشرعية لمواجهة الحوثيين , خاصة أنه يحظى بدعم إماراتي , يلحظه الأعمى فضلًا عن البصير , الأمر الذي سيكسبه معسكرات بعدتها وعتادها ؟؟

الحوثيون فطنوا لما يخطط له طارق ورفضوه , فأجهزوا على مخططه قبل رؤيته للنور وبلمحة بصر , ونجحوا في إفشال الانقلاب على انقلابهم !!
تُرى , هل ستقبل الشرعية ما رفضه الحوثيون ؟؟