2018/02/13
  • الأضواء المصطنعة !
  • يحدث أحيانا أن يقوم شخص أو مؤسسة أو دولة أو حزب بتجيير عمل أو مصادرة إنجاز ما لصالحه على حساب الفاعل الأصلي، و يحدث ذلك بأساليب شتى، فإما أن يتم التجيير بادعاء مباشر ، أو بإيحاءات غير مباشرة ، أو باحتيال ، و أكثرها سفها من يسطو على إنجاز الآخرين برعونة و سرقة ظاهرة على قاعدة : سارق و بيده فانوس !

       تحضرني - هنا - لمناسبة هذا الموضوع قصة حقيقية حدثت في منطقة من مناطق محافظة تعز قبل ثورة ال 26 من سبتمبر 62م. و تتلخص القصة في أن  شيخا كبيرا من مشائخ تلك المنطقة أقام حفل زفاف كبير لأحد أبنائه ، فبادر مشائخ و وجاهات المناطق المجاورة لمشاركة ذلك الشيخ أفراحه ، و كان من عادتهم رفد صاحب الفرح بالمال أو تقديم عدد من الثيران أو الكباش كما هو معروف .

       جمع مشائخ إحدى المناطق و وجاهاتها عددا من الثيران و انطلقوا بموكب تُدقّ بين يديه الطبول باتجاه الشيخ صاحب الفرح و الزفاف، و عندما كانوا على مسافة قريبة من دار العرس و قد خرج الشيخ لاستقبالهم هب الضيوف ليظهروا له فرحتهم، و نزلوا للبرع على دقات الطبول قائلين لرجل بسيط منهم أن يسوق الثيران خلفهم، فانتهز الرجل الفرصة -  عندما اقترب المضيف منهم - و أمسك بثور سمين مشيرا للشيخ بأنه منه، فيما راح مشائخ منطقته يستعرضون ببرعهم ورقصهم لإرضاء الشيخ الذي كان قد انتزع رضاه ذلك الرجل البسيط  الذي قدم له الثور الأسمن من بين ما سِيق اليه من الثيران .

       و لأن الشيخ امْتنّ من صنيع الرجل فقد سأل عنه فقيل له هذا الحاج سعيد أحمد و كان هذا اسمه .

       و وصل الموكب و أخذ القوم مجالسهم ، و إذا بهم يسمعون من الشيخ المضيف : جهزوا غداء الحاج سعيد و اصحابه ، فينظر  القوم بعضهم إلى بعض مستغربين كيف ينسبون إلى رجل عادي دون أحد المشائخ ، وجاء دور القهوة ؛ و إذا بالشيخ المضيف يبالغ بالاهتمام : أسرعوا بالقهوة للحاج سعيد و اصحابه ، و يزداد استغرابهم وقد طواهم الرجل و أصبحوا مجرد أصحاب له، و هم من أتوا بقطيع البقر هدية للشيخ، وليس للحاج سعيد فيها شيئ، وهكذا كان عند إعطاء القات : أكرموا الحاج سعيد و أصحابه !

      لقد جَيّر الرجل كل شيئ لصالحه، و صادر كل جهود الآخرين بحيلة نفذها على حين غفلة منهم، فنسبت له وحده كل الجهود !!

        إن سرقة جهود الآخرين قد تتم بمكر و حيلة ، و قد تتم بالتقليل من شأن الجهد المبذول، و قد تتم بنكران الجهود كلية بصور خفية و نسبتها لآخر، وقد تنسب كذبا و زورا لآخر جهارا نهارا و تحت ضوء الشمس، وعلى مرأى و مسمع من الناس . و مثل هذه السرقة لجهود الآخرين لا تحتاج لتمريرها أكثر من القيام بدور تضليلي من بوق مدّاح، وكلمة كاذبة تروجها قناة فضائية غير محترمة أو تلفاز !

    فيتلقّف تلك الأكاذيب مدفوعي الأجر لنشرها و تسويقها ويُعِينهم عليها ساخط أو منافس، أو خصم يضع الحقيقة جانبا ويمشي خلف دوافع المنافسة أو المناوئة في خصومة فاجرة .

        يشيّد البناؤون و العمال المبنى الكبير  و تسلّط الأضواء على المسؤول الذي يضع حجر الأساس !

       لكن هل تستطيع الأضواء المصطنعة أن تحجب ضوء الشمس ؟ كلا .

       يبقى المهرجون و لصوص جهود الآخرين هم الأضواء المصطنعة ؛ و يبقى ضوء الشمس هو الحقيقة ، و يمثله جمهور الأحرار و عامة البسطاء الذين ينبغي ألا يستجيبوا للأضواء المصطنعة ، فتستهويهم ومضة كاميرا التصوير و ينكرون وهج الشمس المضيء !!

    تم طباعة هذه المقالة من موقع يمن سكاي www.yemensky.com - رابط المقالة: http://yemensky.com/art1998.html