2018/05/08
  • الشرعية وفض الشراكة مع الإمارات
  • الرئاسة وبعض حلفائها أصدرت بياناً يمثل تصعيداً حاداً مع الإمارات. يمثل الإصلاح، مؤتمر هادي، حراك هادي، والرشاد السلفي الوزن الثقيل داخل البيان.

    هناك ثلاثة أمور لافتة يمكن استنتاجها من البيان:

     

    ١. ألمح البيان إلى أن "اليمن" لم يوجه أي دعوة للإمارات لمساعدته في مواجهة الانقلاب، وأن الرئيس هادي بعث رسالته إلى الملك سلمان لا إلى غيره. بناء عليه طلب البيان من الملك حل "المشكلة" التي جاءت بلا دعوة!

     

    ٢. "مش حبّة رمانة القلوب مليانة"، يقول الفلسطينيون. تجاوز البيان الحدث السقطري وتحدث عن المشاكل التي، كما قال، تصنعها الإمارات"في المناطق المحررة". بناء عليه استخدم البيان في مواجهة الإمارات، لأول مرة، جملة: فوراً ودون شرط، وسمّاها كواحدة من عوامل اللااستقرار في اليمن. من الواضح إن الموقعين على البيان، ومن خلفهم هادي وبن دغر، قد تأكدوا أن مواجهة الإمارات أقل كلفة من مسايرتها. في كل الأحوال هي قوى محلية ذات حجم يزيد ـ أو ـ يقل، وليس بمقدور أحد محوها، كما أنها تمارس حقها الكامل في الرفض والاحتجاج وليس بمقدور أحد شيطنتها أو تجريدها من وطنيتها و"عقلها". ما إذا كنتَ تتفق أو تختلف معها، تلك مسألة أخرى.

     

    ٣. عملياً هو بيان صادر عن "الرئاسة والإصلاح"، بمساهمة من قوى أخرى لن تؤخذ على محمل الجد. من الواضح إن هادي يحتمي بالإصلاح، والأخير يحتمي بشرعية هادي. من الآن وصاعداً سيلعب الإصلاح والإمارات على المكشوف. لا تملك الإمارات الكثير من الأوراق، ولا يمكن لدولة تحترم نفسها الاعتماد على "الأحمق الطري" الشارد في تويتر إذا كانت تصبو لتوسعة مجالها الحيوي خارج أراضيها.

     

    إذا خرج الإصلاح إلى العلانية كحزب، وقف خلف المنابر، وتحدث في السياسة: عرض القضايا في سياقاتها السياسية والقانونية، أحال إلى الناس والدستور، عرض الأرقام، وسمى كل شيء باسمه في الوقت المناسب، وعرض غضبه وصداقته في الوقت نفسه.. فإنه سيمثل إضافة حقيقية إلى "الحساسية الوطنية" في لحظة عريها.

     

    عليه، وقد أعلن فك ارتباطه ب"نصف التحالف"، أن يستند إلى القيم العابرة للحدود، وكلما كان أداؤه أفضل سيحصد احتراماً متزايداً. أما إذا استمر في مواجهة الإمارات "كجماعة" فسيخسر كثيراً، وسيعرض أعضاءه، الذين يمثلون وزناً كبيراً داخل الطبقة الوسطى"وهي طبقة محدودة على كل حال"، لأضرار بالغة.

     

    ٤. ليس لدى الإمارات سابق خبرة في الحركة داخل حقل متنوع، وبالغ التعقيد، كالحقل اليمني. وإذا كانت حريصة على سمعتها الدولية، كما ألمح بيانها الأخير، فهي أمام خيارين: مغادرة المشهد اليمني، أو الكف عن تلغيمه. جرب صالح لعبة "مناقرة الديوك" لزمن طويل، كانت لعبة مسلّية ومربحة. بيد أنه استيقظ يوماً ما ووجد كل الديوك تصيح تحت نافذته، ثم راحت تركض خلفه إلى أن نقرت جمجته. اليمن ليس بمقدوره، في وضعه الراهن، هزيمة الدول. غير أنه، كما قلتُ سابقاً، مغارة تسلب الغريب الشرف والوقار والمهابة.

     

    ٥. من الواضح، أيضاً، أن محاولات الشرعية مدّ الجسور مع الإمارات قد فشلت، ودخلت مرحلة اليأس. تمثل صورة هادي في مطار أبو ظبي وصغار الضباط في استقباله التجسيد الأشهر لتلك العلاقة. وعلى كل حال، فإن الطريق الأفضل لمصلحة كل الأطراف داخل التحالف هو الجلوس والحديث المباشر. عدا ذلك فإن معركة جديدة مضافة إلى قائمة المعارك اللانهائية ستجعل الكلفة، على المدى الطويل، قاتلة.

     

    نهاركم سعيد.

    تم طباعة هذه المقالة من موقع يمن سكاي www.yemensky.com - رابط المقالة: http://yemensky.com/art2080.html