2018/05/09
  • نقطة فوضى!!
  • في معرض تبريره لممارسات الإمارات، كما تجلت مؤخرا في سقطرى، يقول الدكتور ياسين، ألا أحد ينازع في ملكية سقطرى سوى الصومال، التي بعد ان عجزت عن تغيير البنية الديموغرافية لسقطرى، لجأت الى توكيل شركة محاماة كبرى، لتتولى، حسب قوله، الادعاء والمطالبة بملكية سقطرى استنادا الى قواعد القانون الدولي، المتعلقة بالجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة.

    واضح ان د/ ياسين يكتب مستشعرا واجب ما، تجاه الإمارات، أكثر منه استشعارا بالانتماء لوطنه "الأم"، إذ يذهب الى افتراض مالا يفترض، واضعا نفسه موضع شرطي مرور "مربوش" يؤشر عكس إشارات المرور الكهربائية مغلقا الخط الذي إشارته خضراء ومتيحا المرور للخط الذي إشارته حمراء، وعاصدا "الجولة" عصيد.

    ذلك ان الفرضية التي يضعها الدكتور ياسين لتبرير ممارسات الإمارات، لا تصمد في اي نقاش، إذ حتى على فرض صحتها، جدلا، تبقى الأسئلة الآتية دون إجابات:

    - إذا كانت الصومال تعد ملفا للمطالبة بملكيتها لسقطرى، فذاك ملف " قانوني " ينبني على قواعد القانون الدولي، بصرف النظر عن صحته من عدمه، فهل ان مواجهة ذلك يتم بإنزال عسكري من قبل الإمارات في الجزيرة، أي هل يمكن مواجهة المطالب القانونية، بصرف النظر عن صحة تلك المطالب من عدمه، بإنزال عسكري جوي لعديد وعتاد عسكري، ميداني، من قبل الإمارات؟!

    - بل وحتى على فرض أن الصومال تحشد قواتها البحرية، قبالة الساحل السقطري: "الأسطول الصومالي السادس" وحاملة الطائرات "الدنكلية" والفرقاطة "بربرة" والضفادع البحرية "هرجيسة" فهل أن ذلك يبرر للإمارات "إنزال عسكري" في سقطرى، دون تنسيق مع الحكومة الشرعية، التي تدعي أنها تدخلت في اليمن لمساعدتها؟!

    ماذا يجري في سقطرى، هل هو استشعارا للخطر من قبل الإمارات، العضو الفاعل في التحالف، لما يراد للجزيرة من قبل قوى دولية مهددة؛ تتمثل بالصومال ومن ورائها قطر وتركيا حسبما يقول البعض؟!

    وإذا كا ن الأمر كذلك، كيفما اتفق، فلماذا لم تفعل الإمارات ما فعلته إلا بعد تواجد الحكومة " الشرعية" ورئيسها في الجزيرة؟!

    ***

    لا معنى لما يجري في سقطرى، إلا في كون أن الحكومة " الشرعية تواجدت فيها، لغرض استطلاع ما إذا كانت صالحة لاتخاذها عاصمة مؤقتة، بديلة لعدن، التي حالت الإمارات نفسها بين الحكومة وبينها، باستحداثها لأحزمة أمنية ولمجلس انتقالي "حلمنتيشي" يعيقها عن مزاولة مهامها المرتجاة.

    وحينما لجأت الحكومة المحاصرة؛ والمضيق عليها في عدن لالتماس عاصمة بديلة مؤقتة أخرى في سقطرى، ثارت ثائرة الإمارات، فعمدت الى إنزال عسكري جوي، قائلة للحكومة، الباحثة عن ملاذ، أخير "كش ملك".

    تقول الإمارات، في بيان وزارة خارجيتها، ألا أطماع لها، في اي من محافظات اليمن المحررة، بما في ذلك سقطرى. وهذا جيد، وهو مستند ودليل يمكن التمسك به لدحض اية مزاعم إماراتية ازاء جزيرة سقطرى مستقبلا.

    ولا يمكن تصور ان تصدر الإمارات، بيانا رسميا كهذا، إذا ما كانت تنوي الادعاء بملكية سقطرى، فما الذي تريده الإمارات إذآ؟!

    يبدو جليا ان الإمارات تنتوي إعادة هندسة اليمن وفق رؤيتها هي، ولا يعيق رؤيتها هذه، إلا "حامل الراية "أي "الحكومة الشرعية" بما هي التجسيد الأخير والوحيد للهوية اليمنية الجامعة، لهذا تبدو سقطرى ليست مجرد محافظة أو جزيرة، يمنية، يعد المساس بها، مساسا بالأرض والسيادة معا.

    فالإمارات موجودة في مأرب وحضرموت وشبوة وفي عدن وتعز وعلى امتداد السواحل اليمنية، ولذلك فليس الأمر متعلق ب "سيادة" و "احتلال" بل يتعلق بـ "الهوية اليمنية الجامعة" ما يجعل من سقطرى، تجسيد، وملاذ أخير للهوية " الوطنية الجامعة " والمطاردة.

    يبدو المساس بسقطرى، مساسا بأعمق جوانب الذات، وجرحا للكبرياء الوطني، النازف أصلا، وهو مساس يصيب اليمنيين بـ"جرح نرجسي"، لا يبرأ الا بلملمه أشتات الهوية المتشظية، بسبب الإمارات، وضدها.

    سقطرى إذآ ليست مجرد قطعة ارض، بل هي صلصال تكويننا وشفرة هويتنا، الجامعة المانعة.

    تم طباعة هذه المقالة من موقع يمن سكاي www.yemensky.com - رابط المقالة: http://yemensky.com/art2081.html