2019/03/21
  • الاطاحة بمحافظ البنك المركزي وخفايا الصراع
  • عقب جولة عنيفة من صراع النفوذ في إطار سلطة الرئيس هادي على مدى شهرين تمت الإطاحة بمحافظ البنك المركزي اليمني محمد زمام، عقب مرور عام وشهر فقط على تعيينه، وهو المنصب الذي كان يطمح له خلفه حافظ معياد المستشار الاقتصادي للرئيس هادي ورئيس اللجنة الاقتصادية.

     

    الإقالة تأتي عقب نشر معياد لوثائق تتهم زمام بالتلاعب بفوارق بيع العملة الصعبة من قبل البنك المركزي بمبلغ يتجاوز 9 مليارات ريال خلال عشرين يوماً فقط، بالإضافة إلى مخالفات أخرى تم تقديمها إلى الرئاسة كجزء من الضرب تحت الحزام بين الطرفين.

     

    أخذ البحث عن بديل لمحافظ البنك المركزي وقتاً طويلاً لاسيما وفق الشروط التي يتطلبها المنصب، إذ أن بعض الأشخاص المؤهلين إما أن الرئيس لا يثق فيهم، أو لم تكتمل فيهم شروط الولاء له، ناهيك عن مراعاة الجانب السعودي، لاسيما وأن زمام كان مرضياً عنه من السعودية إلى حد كبير.

     

    حرصت الرئاسة وهي تتخذ قراراً من هذا النوع ألّا تثير سخط السعودية والإمارات، حيث والبديل قادر على التواصل معهم، رغم أنه لم يلقَ الحفاوة التي قوبل بها قرار تعيين سلفه زمام، حيث أعلن السفير السعودي محمد آل جابر حينها مباشرة ترحيبه بالقرار وحثه على الاستفادة من الوديعة السعودية لليمن.

     

    لا يمكن اتخاذ قرار من هذا النوع دون التنسيق المسبق مع اللجنة الرباعية “أمريكا، بريطانيا، السعودية، الإمارات” ومن الواضح أن هناك ضوء أخضر لاسيما وأن حافظ معياد رجل برجماتي واكتسب سمعة جيدة أثناء إدارته لبنك التسليف التعاوني الزراعي، رغم ارتباطه الوثيق بالرئيس صالح ونظام حكمه.

     

    معياد الذي كان مدعوماً بقوة أثناء حكم صالح واستطاع بفعل هذا الدعم أن يغير كلياً في أهداف بنك التسليف التعاوني الزراعي ليحوله إلى بنك تجاري منافس استطاع أن يحيط نشاطاته بهالة كبيرة من الزخم الإعلامي، وبذات القدر أثيرت حوله الكثير من علامات الاستفهام حول إدارته لكاك الدولي في جيبوتي وغيرها من الأنشطة التجارية التي كان يديرها لمصلحته ولصالح شركاء آخرين.

     

     

    من الواضح أن معياد حظي بدعم نافذين في السلطة سهلوا له اقتناص هذه الفرصة، ومن المتوقع أن يحدث نوع من التغيير الإيجابي لاسيما وأنه يمتلك مهارات قيادية ولديه خبرة في العمل المصرفي، لكن لن تكون البيئة مفروشة بالورود لاسيما وأن الوديعة السعودية هي الشريان الوحيد الذي يبقي البنك المركزي قادراً على إدارة السياسة النقدية، وما يزال البنك مكبلاً بالكثير من التحديات المحلية والدولية وفي ظل وضعٍ اقتصادي وأمني هش.

     

    إن توليه مسئولية الرجل الأول في إدارة السياسة النقدية يضعه إزاء تحدي القدرة على تنفيذ مجمل السياسات المعلنة من اللجنة الاقتصادية التي يرأسها والتي كانت سبباً في التباين في وجهات النظر بين اللجنة وإدارة البنك المركزي اليمني خلال الأشهر القليلة الماضية.

     

    البعض يتساءل عن تأثير هذه الخطوة في استقرار الريال اليمني والتعافي الاقتصادي، ورغم أهمية تفعيل البنك المركزي في عدن واستكمال جهود الاعتراف به وتعزيز مسئولياته في إدارة القطاع المصرفي، إلا أن اللاعب الأبرز في هذه المسالة لم يعد البنك المركزي نفسه، إذ يعتمد ذلك على الرضى السعودي واستمرار الدعم، فالوديعة السعودية المقدرة بـ ٢ مليار دولار ومنحة المشتقات النفطية الشهرية تمثل حجر الزاوية في نشاط البنك، وأي عرقلة فيها ستجعله مشلولاً.

     

    نحن نعيش مرحلة لم تعد نظافة اليد والسجل المشرف للذمة المالية معياراً للتقييم، إذ يرضى الناس بالحد الأدنى من تفعيل مؤسسات هشة، وفي ظل إدارة عودتنا على الخذلان، ولعل تعيين ثلاثة محافظين للبنك المركزي في أقل من عامين يعد مثالاً واضحاً لهذا النوع من التخبط.

    تم طباعة هذه المقالة من موقع يمن سكاي www.yemensky.com - رابط المقالة: http://yemensky.com/art2260.html