2019/11/10
  • حول المولد!
  • من الخطأ أن نعترض على مظاهر الاحتفال بمولد النبي عليه الصلاة والسلام، ذلك وأنه إلى وقت قريب كنا نعايش تلك المظاهر وإن بصورة أقل، احتفال صغير، أو مولد في قرية، أو أهازيج في المجالس.

    كان المولد، بهذه الصورة، مناسبة للإدكار، حدثًا لاستلهام التغيير، ودرسًا نتزود منه فوائد النضال ضد الطغاة والمكونات التي تقطع الطريق أمام سنة التغيير، ضد المفسدين والمرابين، ضد العاملين بالمحسوبية والنسب، درسًا لقول كلمة في وجه الجائرين والمستبدين..

    كان المولد مناسبة لتذاكر التراحم، لإعلاء القيم الإنسانية النبيلة، للاقتداء بإنسانية النبي، لا اقتفاء أثر مناوئيه وأعدائه  واستخدام منهجهم العدواني وأساليبهم الفظيعة بحجة الاحتفال بالمولد.

    النبي رحمة للعالمين، ولم يكن أباً لأحد من الرجال، ليس للنبي ذرية لينتسب إليه أحد، تلك حكمة الله ليجعل محمدًا عليه الصلاة والسلام رمزًا للبشرية، لا يتعلق به أحد ويدعي أن له الأحقية به، أو أن ينهب الناس باسمه..

    استدراج مولد النبي إلى مربع المناكفات، جريمة ملشاوية، وتحويل المناسبة العظيمة إلى استعراض دعائي يحولها إلى فوضى في سرك عشوائي، حفلة تنكرية لوجوه مصبوغة بالأخضر، بمجرد الانصراف من الحشد المؤقت نسوه، أزالوا الطلاء الأخضر من مركباتهم، ها قد أوصلت المليشيا رسالتها: احتفلنا بالنبي بمهرجان حاشد، ورفعنا الخرق.

    كل ذلك لا يستدعي الاعتراض على احتفال الحوثيين بمولد النبي، التحشيد في المناسبة الدينية لإغاظة شعب أو إغاظة خصم سياسي أو إرسال رسائل خارجية؛ تقنية حوثية لا تخفى على إنسان. في ذكرى مقتل الحسين، ذكرى مقتل الإمام زيد، ذكرى يوم الغدير، وغيرها من المناسبات التي تتحول إلى استعراض جماهيري تتحكم به الفوضى والعشوائية، من الصعب أن نطالبهم بتعليم بعض مناصريهم أمور الدين البسيطة بدل الاستعراض في كل مناسبة.
    وصل أمر الاستعراض إلى مولد النبي، رحمة العالمين؛ وهذا ليس سببًا لخلافنا معهم.. المناسبة عظيمة بالفعل، والاحتفال يكون بمراعاتنا في كل عمل للأخلاق التي جاء به النبي، حتى الأخلاق مع الخصوم..
    شخصيًا سألت، بعض متحوثي المنطقة الذين دهنوا مركباتهم بالأخضر: متى ولد النبي؟ كلهم لا يعرفون، ويردون: يوم السبت!.

    على كل، المولد ذكرى بزوغ النور لإزالة الظلمة، ميلاد الفجر لإزاحة الليل البهيم، العدل ليصرع الطغيان، وليس مجرد يوم وتاريخ نحفظه ونستعرض به، يعني من غير الضروري أن يقوم الحوثي بتحفيظ أنصاره تاريخ ميلاد النبي..

    خلافنا مع الحوثي بخصوص المولد: لا يتعلق بتحويله إلى حفلة استعراض، ولا بالجهل بتاريخ ميلاد النبي، ولا بلون. بالرغم من إيماننا العميق أن الاستفادة من المولد ومن سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، تكمن في مناجزة الطغاة ومحاربة الفساد، وأن نكون إنسانيين.. لكن كيف تقنع الظالم بذلك، القاتل الذي لا يصلي ويحتفل هل صار محمديًا؟

    خلافنا مع الحوثي يتعلق بطريقة التجهيز للمولد.. ابتزاز تجار، إجبار بسّاطين، إرغام باعة متجولين، نهب متاجر، وجمع جبايات، والتوجيه لأصحاب البنايات المتاخمة للشارع برفع الخرق الخضراء، وتعظيم السلام لمن ضرب سيارته الفارهة الرنج الأخضر ومر معهم وإن كان فاسدًا، خلافنا معهم يتعلق بزراعة الخوف في أنفس الناس في ذكرى مولد الأمن..
     

    تم طباعة هذه المقالة من موقع يمن سكاي www.yemensky.com - رابط المقالة: http://yemensky.com/art2327.html