2020/12/25
  • الشيخ عبدالله.. شوكة الميزان التي فقدناها
  • بعد أقل من أسبوع ستحل علينا الذكرى الثالثة عشر لترجل الفارس اليماني الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله، الذي كان شوكة الميزان في مختلف القضايا السياسية منها والاجتماعية والقبلية، وبوفاته خسرت اليمن جبلا شامخا وطودا منيفا، كان يحتوي اليمانيين بحكمته، ويشملهم برعايته في الداخل والخارج، فكان بحق أبو اليمانيين..
    📌 حضرتُ مجلسه يوماً وكان هناك خلاف كبير بين شخصيتين كبيرتين إحداهما تجارية والأخرى قبلية، حول أرضية كبيرة في الضاحية الشمالية للعاصمة صنعاء، وكان الحق للتاجر، لكن القبيلي وقع فريسة أطماع شخصيات نافذة وتوجيهات رسمية فما كان من الشيخ رحمه الله إلا أن حكم بمبلغ كبير يدفعه التاجر للقبيلي..
    تحفظتُ كثيرا، وتعاطفت مع التاجر الذي صاح وهاج وماج معترضا على الحكم الذي قال: إنه جائر في حقه لاسيما وان المبلغ المحكوم به كان كبيرا، لكن الشيخ رحمه الله قال اعتبرها لي، فصاح التاجر (با تتحمل ذمتك)، فرد عليه الشيخ ضاحكا (لاذمتي)..
    📌 بعد مرور فترة ليست بالقصيرة التقيت التاجر، وسألته عن القضية فقال الحمد لله انتهت تماما، فأبديت له تعاطفي ضد حكم الشيخ، لكنه قال بالعكس، المبلغ الذي حكم به الشيخ يوازي تقريبا الخسائر التي خسرها (القبيلي)، ولو لم أوافق على حكم الشيخ لكنت إلى اليوم وأنا في قضايا ومحاكم، ولن انتهي منها وربما حُكم له وراحت أرضيتي، ثم تحدث كثيرا حول حكمة الشيخ الأحمر رحمه الله، وبُعد نظره وكيف انه ساهم مساهمة فعالة وتابع الجهات المعنية لتعويض (القبيلي) بأرضية أخرى.
    📌 كنتُ أخاف كلما تذكرت أثناء مرضه أن اليمن ستخلو منه ومن نفر قليل من أمثاله، لكن سنة الله سارية، والموت حق..
    رغم كبر سنه وحركته البطيئة ومشاغله الجمة على مستوى الأسرة والمشيخ والمناصب التي تقلدها والتحركات الرسمية والالتزامات القبلية والواجبات الأسرية، إلا انه كان يجد وقتا ليلعب مع أحفاده ويمارس هواياته الخاصة، وكان يضيف إلى أعماله وأعبائه أعمالاً وأعباءً أخرى كبيرة بحجم الأمة الإسلامية وآلامها، كانشغاله الدائم بالقضية الفلسطينية والمسجد الأقصى حتى اشتهر بأنه النصير الأول لقضية فلسطين في اليمن وعلى مستوى الجزيرة.
    📌 سيقولُ قائل: إن هناك زعماء يدعمون ويناصرون القضية الفلسطينية أكثر منه، لكنني أرد عليهم بأن هناك فرقا بين من يُناصر القضية بوجدانه وأحاسيسه وواجباته الإنسانية والدينية والاجتماعية، وبين من يناصرها كواجب سياسي بروتوكولي فقط.
    كان رحمه الله عمودا من أعمدة اليمن، واحد دعاماته السياسية والاجتماعية والتربوية، كانت شخصيته تطغى على كل المناصب التي تقلدها، بل كان يتجاوزها دائما متطلعا إلى المجد الأبدي في نفوس اليمنيين وذاكرتهم، كانت شخصيته اكبر من رئيس البرلمان، أو أي منصب وظيفي مهما علا شأنه وقويت شوكته، وكانت علاقاته مستمرة ودائمة، يُحب الناس ويأنس إليهم وبحياتهم..
    📌 أتذكر أني غيّبت عنه فترة كبيرة تتعدى السنتين، ثم جئته لعمل لقاء صحفي خاص فكان أول سؤاله أين غيّبت عنا وكيف لوما سويت ذاك الحوار مع حاشد..!!، يقصد نجله حاشد "نائب وزير الشباب والرياضة" وكنت قد أجريت معه حوارا ضافيا حول هوايته في ركوب الخيل ونادي الفروسية، ولم اذهب للشيخ رحمه الله إلا بعد مرور أكثر من 9 أشهر على ذاك الحوار، لكنه وبمجرد أن رآني تذكره ولم ينس أن يُشيد به "كان حوار طيب"..
    📌 كان يُحب الأطفال كثيراً ويأنس إليهم ويحاول أن يستخرج منهم بعض طفولتهم، وأتذكر انه طلب من ابني رياض وكان عمره حينها 5 سنوات تقريبا أن يجلس بجواره وراح يداعبه ويسأله عن عمره وأحلامه وطموحاته، حتى ان (رياض) كان كلما رآه في التلفزيون أو في أي صحيفة يصيح هذا صاحبي ويقسم بأغلظ الأيمان على ذلك استعراضا أمام أقرانه وأترابه، بل إنه جمع العديد من المجلات والصحف التي كانت فيها صور صاحبه، ولازال يحتفظ بها حتى اليوم..
    📌 لقد فُجع بوفاة هذا الجبل الشامخ كل من عرفه وأحبه، فإنا لله وإنا إليه راجعون.. إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، ولا نقول إلا مايُرضي ربنا..
    أسأل الله أن يتولى أبا صادق برحمته ومغفرته، وأن يُنزل على أهله ومحبيه الصبر والسلوان..
     
    تم طباعة هذه المقالة من موقع يمن سكاي www.yemensky.com - رابط المقالة: http://yemensky.com/art2457.html