2021/08/17
  • مبادرة الحوثي التي تجاهلها العالم.. هل هي اعتراف بأزمة بينهم وبين عمان؟!
  • أعلن الحوثيون مؤخراً وعلى أعلى مستوى قيادي، ما أسموه "مبادرة مأرب"، زعموا أنهم قدموها لوسيط عماني قبل أشهر!

     

    أغرب ما رافق اعلان هذه المبادرة المزعومة هو أنها لم تثر أحداً إطلاقاً من الأطراف المعنية بالملف اليمني، لا الحكومة الشرعية كطرف محلي معترف به دوليا كممثل للشعب اليمني، ولا التحالف العربي الذي يشارك حرباً في اليمن منذ ست سنوات، ولا الامم المتحدة كوسيط فاعل منذ ما قبل الحرب، ولا الولايات المتحدة ومبعوثها، ولا حتى الحكومة العمانية الشقيقة التي زعم الحوثي أنه سلمهم مبادرته.

     

    لم يعلق احد من الاطراف المذكورة أعلاه ولا من المهتمين بالحالة اليمنية، لا سلبا ولا ايجابا، ولا حتى نفيا او اعترافا انها طرحت، لا احد من مراكز الابحاث ومؤسسات الرأي العام وشبكات الاعلام الدولية تعامل معها باهتمام وتحليل!!.

    أمر غربب يشبه الاستخفاف، رغم أن ما سمي مبادرة هو صادر عن طرف يسيطر منفرداً على العاصمة اليمنية ونصف عواصم محافظات البلاد ويخوض منذ عام ونصف حرباً شرسة جداً على تخوم مارب التي وردت كمادة لعنوان مبادرته.

     

    في المقابل لا شيء يبرر هذا الصمت المحير، إلا التأمل فيما تضمنته هذه المبادرة المزعومة من أوهام تناقضات فجة يستحيل حتى نقاشها، وانصرافها لقضايا هامشية وجزئيات سخيفة لا تتصل بأي حال بملف السلام والحرب في اليمن أو بإمكانها أن تلعب دوراً في حلحلة القضية اليمنية التي حظيت باهتمام ورغبة دولية واسعة ومحاولات حل عديدة، بل وبمقارنتها مع المتغيرات التي صاحبتها ميدانيا وسياسيا وبالسجل الطويل من التجارب المحلية والدولية في التعامل مع الحوثي ومدى مصداقيته وجديته.

     

    - لماذا مأرب ؟!

    هذا هو السؤال الاول تبادرا للذهن عند ملاحظة احتشاد الحوثي في تسويق ما صدر عنه أنها أمر ذي أهمية.

    يخوض الحوثي حربه ضد مارب بكل عنفوان طيلة عشرين شهرا دون احراز اي مكسب سياسي ملموس او ميداني مؤثر، لكن ككل حروب الدنيا واحتمالاتها فنتيجة معركة مارب ستكون إما انتصارها في مواجهة العدوان الحوثي، أو انكسارها وتمكنه من اجتياحها ولو بأسباب خارقة وكلفة باهضة، أو الاحتمال الثالث الاصعب حد الاستحالة وهو الوصول لنتيجة اللاهزيمة واللانصر.

     

    دعونا نفترض هذه الخيارات الثلاثة، هل أي منها يعني انفراجة حقيقية في المشكلة اليمنية او حتى اقتراب من حلها ؟!

    إطلاقا يكون الجواب لا.

    ولتوضيح هذا النفي القطعي، نقول مجددا ما يدركه العالم أن الازمة اليمنية ليست مارب اطلاقا ولا تعاني مارب من أزمة او اشكالية تحتاج معها إلى مبادرة موهومة للحل.

     

    مشكلة مارب اليوم هي الحرب الناتجة عن الانقلاب الإمامي، وحرب الانقلاب هي التي تعارف كل العالم على تحديدها زمنيا باسقاط الحوثيين للعاصمة صنعاء عام 2014م، أي أن المشكلة هي في صنعاء وليست في مارب أو غيرها من المحافظات اليمنية، وحيث تكون المشكلة تتجه الجهود والانظار الباحثة عن الحل والعلاج.

    نعم .. مارب بصمودها وتماسكها طيلة السنوات الماضية وعجز الحوثي عن اقتحامها مثّل للحوثي أزمة عميقة بل أصبحت عورة محرجة ومهينة لوعوده ومغامراته التي التهمتها رمال مارب، لكن ذلك لا يعني ابدا انها أصبحت مشكلة او تعاني من أزمة خاصة ولن تكون.

     

    لازال كل العالم - المحايد وحتى الخصم والحليف لأطرافها- يجمعون على التوصيف الحقيقي والعلمي للمشكلة باعتبارها (أزمة يمنية يمثّل الحوثي ابرز اسبابها وصانعيها) ، بل يذهب رأي واسع ومعتبر الى أن الحل الوحيد لهذه الازمة يكون بكسر الحوثي وإنهاء انقلابه عسكريا وسياسيا) !.

     

    - اشكالات فنية:

    المبادرة المزعومة إضافة لافتقارها لكل أدوات المنطق والواقعية، حملت اختلالات فنية قاتلة، حسب زعم مفاوض الجماعة الحوثية فإنهم قدموها إلى (الوساطة العمانية قبل أشهر !).

    مصطلح (وساطة عمانية) هو مصطلح جديد لم يسمع به أحد أو يعرف اشخاصه ولم يعترف به حتى الحوثي نفسه طيلة السنوات الماضية كما لم تعلن السلطات العمانية الشقيقة أي مسمى رسمي بهذه المهمة رغم وجودها في الملف اليمني منذ بداية الانقلاب.

     

    أما سبب إعلانها اليوم بعد أشهر مزعومة من تسليمها للعمانيين فلا أدري إن كان هذا يحوي في مضمونه اعترافاً بأزمة جديدة بين الحوثيين ومسقط، ولماذا لم يعلنها الحوثيون إلا بعد انتقال مفاوضهم من مسقط إلى طهران؟ وحده الناطق بالسم المليشيا "فليتة" من يمتلك الجواب !!.

    - في بنوده الغبية أورد فليتة نقطة تثير السخرية حد الشماتة، اقترح تشكيل (لجنة فنية مشتركة لصيانة أنبوب نقل النفط من صافر إلى رأس عيسى بالحديدة)، وذلك سيعقبه طبعا عودة ضخ النفط الماربي عبر الحوثي، لكنه تناسى أن سفينة صافر العائمة في راس عيسى يعيقون صيانتها منذ سنوات رغم خطورة وكارثية وضعها ومحاولات العالم إقناعهم بتفريغ حمولتها المهولة.

     

    بمعنى: يا فليتة .. لو كان العويلة فرغوا سفينة صافر وسمحوا بصيانتها كنا جاهزين تماما نضخ لك مجددا من مارب، لكن للاسف السفينة خارج الخدمة وما فيش وعاء جاهز يستقبلها غير كرشك وشركاتك النفطية.


     

     
    تم طباعة هذه المقالة من موقع يمن سكاي www.yemensky.com - رابط المقالة: http://yemensky.com/art2516.html