2015/06/14
  • في كون الحوثي ليس "صنيعة" صالح، و"العكفي" لما يعد بعد إلى حظيرة "السيد"!
  • لأحكام القيمية بشأن الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحزبه وزعيم جماعة "انصار الله" عبدالملك الحوثي وجماعته، تتفاوت بحسب الموقف السياسي والايديولوجي والاجتماعي لكل شخص. هناك مؤيدون ومعارضون، محبون ومبغضون، مستفيدون ومتضررون، ... الخ.

     

    لكن الأكيد أن الرجلين متمايزان سياسيا وايديولجيا واجتماعيا وعمريا. ليسا تؤامين سياميين ولا تجمع بينهما قرابة أسرية. وهما خاضا _ الأول في مواجهة الأخر_ 6 حروب ضارية أودت بحياة الآلاف من اليمنيين بينهم اقارب من الدرجة الأولى للحوثي.

    صالح يقود حزبا سياسيا (التنظيم الشعبي في مرحلة حظر العمل الحزبي ومحاربة الأنشطة السرية للأحزاب لكن، أيضا، مرحلة التحالف بين الرئيس السابق والاخوان المسلمين بوصفهم "حزب الشدة" في مواجه اليسار والقوميين العرب في اليمن الشمالي).

     

    عبدالملك الحوثي ورث أخاه الأكبر حسين بدرالدين الحوثي في قيادة الجماعة بعد الحرب الأولى (2004) التي انتهت بمقتل حسين بعد أسره مباشرة حسبما تؤكد رواية مؤيدي الحوثي. وقد اشتد عود الجماعة الفتية في الحروب الخمس التالية إلى أن اندلعت ثورة فبراير 2011 ضد نظام صالح، فالتحق الحوثيون بساحاتها وسقط من انصارهم شهداء وجرحى.

    هناك خطايا ارتكبتها السلطة الانتقالية برئاسة هادي في 2012 و2013 و2014، أدت تدريحيا إلى انتقال العلاقة بين صالح والحوثي من النمط الصراعي (المسلح) إلى النمط التكاملي (السياسي والمسلح خصوصا في العامين الأخيرين).

    لا جدال في هذا.

     

    لكن أن يواصل معلقو اللقاء المشترك (وبخاصة الإصلاح) في الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، اعتبار أحد الرجلين مطية للآخر أو أداة والعوبة في يده، فذلك تحاذق مكشوف لغرض التملص من مسؤولية النتائج الكارثية للمسار السياسي الانتقالي، أو غباء مطلق يغرق صاحبه في سبات مديد إلى ان يصحو على انفجار كبير آخر من شاكلة ما جرى في 21 سبتمبر 2014.

     

    صالح والحوثي يخوضان، في حلف منذ نحو عام، حربهما "الداخلية الإخضاعية" ضد الآخرين. ويتمظهر هذا الحلف لدى اليمنيين المعارضين لهما، باعتباره حلفا سياسيا جهويا (وربما طائفيا من أسف) خصوصا وأن عصب كل طرف من طرفي التحالف يقع في شمال الشمال، عسكريا واجتماعيا.

     

    هناك دائما محاذير اخلاقية وحقوقية ووطنية، يتوجب أخذها في الاعتبار قبل الخوض في مسائل دقيقة قد تغري من يقاربها بالتعميم أو التبسيط اللذين يرتبان تعميمات خاطئة وغير علمية من شاكلة "جوهرة" الشماليين _ التعاطي مع المواطنين في الشمال وبخاصة في عمران وصعدة وصنعاء وذمار باعتبارهم جوهر لا يتغير، وبالتالي "شيطنتهم" والانغماس في "عنف لفظي" بلا حدود ولا سقوف ضدا على "عنف مادي" تمارسه (أنطلاقا من هذه المناطق والمحافظات واعتمادا على ابنائها واتكاء على موروثها الحرب) مراكز نفوذ وبنى "دولتية" _ في الدولة المشخصنة (المزرعة)_ وجماعات سياسية عقائدية مسلحة من شاكلة الحوثيين.

     

    الحاصل أن الحوثي وصالح في تحالف حرب صريح ضد خصومهما السياسيين والايديولوجيين ومن اجل الاستحواذ على السلطة، تحالف له مفاعليه الكارثيه على النسيج الوطني والسلم الاجتماعي، لأن يستحيي في قلوب اليمنيين تاريخا من الغزوات العسكرية والفتوحات الامامية والاجتياحات الشمالية لمناطق المشرق وتهامة والجنوب.

    الظاهر أن تحالفهما السياسي أقرب ما يكون إلى تحالف "اضطراري" في مواجهة الخصوم السياسيين للأول والخصوم الأيديولوجيين للثاني.

     

    الثابت أن تحالف الرجلين أخذ طابعا اجتماعيا (ديموغرافيا) نتيجة تقاطع جمهورهما في المحافظات الشمالية أساسا، حيث منجم مقاتلي الحوثي والينبوع البشري الأول للجيش اليمني منذ قيام الدولة في اليمن الشمالي مطلع القرن الماضي ثم بعد حرب 1994 التي قوضت الوحدات العسكرية الموالية للحزب الاشتراكي اليمني (جيش "اليمن الجنوبي" قبل الوحدة اليمنية).

     

    الأكيد أن هناك مستويات عديدة لتحليل هذا الحلف العسكري (والسياسي كما يبدو)، تفسيره وفهمه وتفكيكه إلى عناصره الأولية ورده إلى عوامله المتنوعة والمعقدة، الذاتية والموضوعية، السياسية والاجتماعية والهوياتية، بما يغني عن أية تعميمات غبية أو استخلاصات تبسيطية أو تأويلات محض طائفية او مقاربات خرافية من شاكلة أن الحوثي "صنيعة" صالح أو أن "العكفي" عاد إلى كنف "السيد"!

    تم طباعة هذه المقالة من موقع يمن سكاي www.yemensky.com - رابط المقالة: http://yemensky.com/art495.html