أهم الأخبار

"الفحص بألف جنيه".. عائدون من القاهرة بفحوصات مزوّرة يساهمون في نشر الفيروس

2021-04-01 الساعة 05:43م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)

ازدهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تجارة فحوصات بي سي آر "المُزوّرة" عبر شبكات من السماسرة في العاصمة المصرية "القاهرة" لليمنيين الذين يرغبون في العودة إلى اليمن؛ الأمر الذي قد يُخلّف أثراً كارثياً على بلد نظامها الصحي في حالة متردية جراء الحرب الدائرة منذ سبع سنوات.

في الـ25 من ديسمبر الماضي، أعادت اللجنة العليا للطوارئ (الحكومية) اشتراط إجراء فحص كورونا للمسافرين العائدين الى اليمن قبل 72 من وصولهم، تحسباً لموجة ثانية من الفيروس، لتتلقف هذه الشبكات الإعلان باعتباره فرصة للتربح من الوباء العالمي، وسط غياب لدور الجهات المعنية بالأمر لمواجهة ذلك.

في محاولة للتحقق من الأمر طلب أحد محرري "المصدر أونلاين" والذي سافر القاهرة للعلاج فحصاً "مزوراً" من أحد هذه المختبرات، فأرسل صورة جوازه الى رقم "سمسار"، دون أخذ مسحة أو زيارة مختبر، وخلال ساعات حصل على شهادة فحص تفيد بأن نتيجة كورونا خاصته "سلبية".

وبحسب المحرر فإن "السماسرة" الذين يقومون بهذا العمل مشهورون على نطاق واسع لدى اليمنيين في مصر، "بإمكانك الحصول على أرقامهم بسهولة".

وأضاف: لن تحتاج لبذل جهد للحصول على الفحص المزور من أي من المختبرات الكثيرة الموجودة، من بينها مختبران ذكرهما بالاسم "نتحفظ عن نشرهما" وكل ما عليك القيام به فقط هو إرسال صورة جواز سفرك عبر تطبيق الواتساب إلى رقم الشخص، وخلال ساعات يكون الفحص جاهزاً مقابل مبلغ "1000 جنيه مصري" عليك دفعه (65 دولار تقريبا).

وتقوم هذه المعامل والمختبرات بنشر إعلانات عن فحوص تسلم نتائجها خلال 24 ساعة و10 ساعات و5 ساعات، وخدمة الزيارة المنزلية، وعن طريق الأخيرة يتم شغل الاحتيال، فكل الذي عليك الاتصال بالمعمل وسيتولى هو الباقي لتحصل على ورقة تسافر بها لا علاقة لها بوضعك الصحي.

تحدث محرر المصدر أونلاين إلى يمني عاد باستخدام فحص مزور حول سبب قيامه بهذا التصرف، وقال المسافر -طالباً عدم ذكر اسمه- إن الأسباب كثيرة "مثلاً أنا لما كنت مسافر ما كان معي فلوس، والفحص الرسمي بـ1730 جنيه مصري (أزيد من 100 دولار) ولو طلعت النتيجة إيجابي لا أستطيع البقاء لأني خلصت الفلوس".

وأضاف انه سأل البعض في رحلة العودة وأوضحوا له أنهم سافروا باستخدام تلك الفحوصات، وقال ضاحكا: حتى إجراءاتها بسيطة، لا تحتاج مشاوير تروح وتجي للفحص والاستلام وو.. ترسل صورة الجواز، وتستلم النتيجة وتدفع الفلوس.

وتابع: "هذه المختبرات هي معتمدة وتعمل بترخيص وبناءً على وثائقها لا تجد أي صعوبات في المطار لا في القاهرة ولا في عدن".

وعند تذكيره بما يمكن أن يسببه لأهله ومحبيه إذا –لا سمح الله- كان مصاباً بالفيروس أجاب: "احنا اليمنيين عندنا مناعة" وأضاف مستدركا: "الحقيقة أني شعرت بتأنيب للضمير عندما صعدت الطائرة، وعدت الى عدن وبقيت هناك أياماً وحاولت اتجنب الاختلاط بالناس لأسبوع.. أيش نفعل يا اخي هذا نظام بلادنا!" يقول.

مسافر آخر تحدث اليه محرر "المصدر أونلاين" أكد أنه أجرى الفحص للمرة الأولى في مختبر وتأكد أنه مصاب بالفيروس، مشيراً الى أن الموظف سأله اذا ما كان يرغب في الحصول على فحص "مزور" مقابل مبلغ من المال، لكنه رفض ذلك، وقال "عدت الى شقتي لنصف شهر، دون أي أعراض، بعدها رحت وعملت فحص ثاني في مختبر آخر وطلع سلبي وسافرت".

وعند سؤاله حول رأيه في من يشتري الفحص "المزور" قال: " هذه جريمة، والله إن الذي يشارك في هذا العمل يعتبر قاتل.. هذه مسألة لا يجوز التساهل فيها هذه حياة شعب، من شارك في قتل نفس كأنه قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً".

وقال إن السفارة اليمنية وطيران اليمنية والجهات المختصة لا تقوم بواجبها حيال هذه الظاهرة، مضيفاً: "شوف السلطات المصرية احتجزت يمنيين كانوا عائدين بفحوصات مزورة، مع أنهم خارجين من مصر، بينما حكومتنا اللي الأصل انها تحرص كونهم راجعين أراضيها لا تقوم بأي دور".

وحول هذه الاتهامات تواصل محرر "المصدر أونلاين" مع الملحق الإعلامي بالسفارة اليمنية في القاهرة بليغ المخلافي، وسأله عن هذه الفحوصات ودور السفارة التي اتهمها المسافر بالتساهل في الأمر، فرد أن "لا علاقة للسفارة بالأمر مطلقا، وليس من اختصاصها التحقق من الفحوصات، بل هي مسؤولية جهة الاعتماد (جمهورية مصر) ودور السفارة فقط دور توعوي إرشادي".

وأكد المخلافي مراراً أن السفارة ليس من مهامها التحقق من الفحوصات، وأنهم أصدروا عدة بيانات للجالية أبلغوهم فيها بالمختبرات المعتمدة من قبل الدولة المصرية وهي الجهة المختصة، مؤكداً أنه يثق في الجهات المعنية بجمهورية مصر وكفاءتها في معالجة الاختلالات، إن وجدت.

والأحد، احتجزت السلطات المصرية عدداً من اليمنيين في مطار القاهرة لدى محاولتهم العودة الى اليمن، وذلك بسبب حملهم فحوصات بي سي آر مزورة تثبت خلوهم من الإصابة بفيروس كورونا، وفق ما نشره د. نجيب محمود، مسؤول في فريق "يمنيون بمصر"، مشيراً الى سجن أحد سماسرة تلك الفحوصات.

من جهته أوضح مصدر مطلع، أن المحتجزين هم عائلتان يمنيتان تتكونان من ستة أشخاص. مؤكداً أن هذا نوع مختلف من التزوير "فوتوشوب" ويقوم به يمنيون، ترحلهم السلطات المصرية غالبا عند القبض عليهم، ولا علاقة له بفحوصات "أبو 1000 جنيه" كما قال.

وعند سؤال الملحق الإعلامي عن الحادثة، قال إنه لم يصلهم رسمياً أي خطاب بهذا الشأن، مضيفاً: "إذا كان ذلك صحيحاً فهو تأكيد على ما قلته سابقاً أن الجهات المصرية الرسمية كفيلة بمعالجة الاختلالات".

وأضاف: أنا من هنا وعبر "المصدر أونلاين" أنبه كل أبناء الجالية اليمنية الى ان هناك مختبرات تم اعتمادها في مسألة فحص البي سي آر، وهي جهات رسمية المختبرات المركزية التابعة لوزارة الصحة، مختبرات عين شمس، مختبرات جامعة النيل، مختبرات الجامعة الأمريكية، وعلى الجهات المعنية في مطار القاهرة أن يتأكدوا أن هذه الفحوصات صادرة عن هذه الجهات.

وحول من يتحمل المسؤولية أمام هذه الظاهرة الخطيرة، قال حيدرة القاضي، نائب الملحق الإعلامي بالسفارة إن "المسؤولية تقع على الشعب اليمني للأسف، ما في إحساس بالمسؤولية أو بفداحة ما يخلفه هذا التصرف".

المسافر مذنب أم ضحية؟

بحسب شهادات عدد ممن تواصلنا معهم أثناء إعداد التقرير فإن الإجراءات المتبعة هي الدافع الأبرز لإقبال المسافرين على الفحوصات "المزورة"، واتهم بعضهم "طيران اليمنية" بمضاعفة المأساة عن طريق رسوم التأجيل والتي يتجنبها المسافر، يقول زميلنا الصحفي: "الفحص مدته محددة، فما تقدر تفحص قبل الرحلة بيومين، والطيران قال لازم تلغي قبلها بيومين، لذلك الناس تروح للمضمون".

وحين عدنا لإجراءات الناقل الوطني الوحيد "طيران اليمنية" وجدنا إعلاناً يفيد بأن تأجيل رحلة العودة لمن ثبتت إصابته بالفيروس "مجاناً" شريطة الإبلاغ قبل موعد الرحلة بيومين، ما يمثل صعوبة للمسافرين الذين يضطرون لدفع 100 دولار غرامة تأجيل عن كل شخص".

لكن مسافراً قال في حديثه للمصدر أونلاين، إن "الإعلان لا يطبق"، وقال أحد المسافرين إنه أجرى الفحص قبل موعد الطيران بـ72 ساعة، ودفع مبلغ 1730 جنيه، عن كل فرد من عائلته المكونة من أربعة أشخاص، وكانت نتيجة الفحص إيجابية، فذهب في نفس الوقت لمكتب اليمنية لتأجيل الرحلة "مجاناً" بحسب الإعلان، الا أن المكتب رفض التأجيل الا بعد دفع 100 دولار عن كل فرد.

وأضاف: "أنا الآن دفعت 6920 جنيه مصري (نحو 450 دولار) أضف اليها 400 دولار غرامة تأجيل، ومصروف وإيجار لمدة أسبوعين سأقضيهما هنا، وبعدها سأعاود الفحص بنفس المبلغ (6920 جنيه) وإن شاء الله تطلع النتيجة سلبية لأتمكن من السفر".

وتابع: "أنا ما سمح لي ضميري أشتري فحص مزور، لكن مش كل الناس قادرة تتحمل وتضحي، والا فظروفنا يا صديقي صعبة، نحن سافرنا للعلاج وبعنا مال وتسلفنا، والمسؤولين علينا بدل ما يساعدونا يدوروا كيف يمتصونا!".

نقلنا هذه الاتهامات للمتحدث الإعلامي لـ"اليمنية" سلام جباري، والذي قال إن من يبحث عن التزوير ليس بسبب الغرامات التي تفرضها اليمنية، ولكن بسبب سعر الفحص العالي جداً وهم يبحثون عن الرخيص للأسف. نافياً أن تكون اليمنية قد فرضت غرامات على المسافرين الملتزمين بالإعلان والذين يبلغون قبل يومين من موعد الرحلة.

وأضاف: هذه الاتهامات غير صحيحة، ولا يمكن أن يكون ذلك قد حدث، مشيراً الى أن "هناك تجني كثير من بعض المسافرين أو قد يكون سوء فهم، وهذا ما نعاني منه".

ويوم الأحد أيضاً، نشرت وسائل إعلام مصرية خبراً يفيد بأن سلطات مطار القاهرة منعت راكباً يمني الجنسية من الدخول، بسبب إصابته بفيروس كورونا المستجد، وتم ترحيله على نفس الطائرة المتجهة إلى عدن، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع إصابة أحد من المخالطين له بالمطار.

ونقل موقع "مصر اليوم" عن مصادر مطلعة بمطار القاهرة، أنه أثناء فحص ركاب رحلة الخطوط اليمنية رقم 608 والقادمة من عدن، وفحص شهادات تحليل PCR للكشف عن فيروس كورونا المستجد، والتي تفيد خلوهم من الإصابة بالفيروس، تبين حمل راكب يمنى تحليلاً يفيد بإصابته.

وأضافت المصادر أنه تم منع الراكب من الدخول وترحيله على رحلة طائرة الخطوط اليمنية رقم 609 المتجهة الى عدن، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع إصابة المخالطين له من العاملين بالمطار.

ووفقاً لمصدر في السفارة اليمنية، فإنه "للأسف، تقوم مختبرات في العاصمة المؤقتة عدن بنفس الفعل، وسبق أن وجدت حالات تحمل فحص مزور"، مشيراً الى أن هذه المختبرات "لا تقدر فداحة ما تمارسه من أفعال تسيء للإنسانية وللموقف الإنساني والأخوي الكريم الذي تقوم به جمهورية مصر تجاه الشعب اليمني".

مصادر طبية تحدث لها محرر "المصدر أونلاين" قالت إن مراقبة مثل هذا الإجراء أمر بالغ الصعوبة، ويحتاج إمكانيات كبيرة لا تتوفر لدى الحكومة في الظروف الحالية، ما يجعل المسؤولية أخلاقية بالدرجة الأولى، وتقع على عاتق المسافرين.

وأكدت المصادر على أهمية التوعية بمخاطر الاستهتار بالفحص، والتي بإمكانها أن تساهم في تقليص الظاهرة التي يبدو أنها لن تختفي بسهولة، داعية المسافرين إلى تجنيب أهلهم وأحبائهم خطر الفيروس الذي أخاف العالم، ومعرفة أن الاستهتار مصيره الموت أو التسبب بموت آخرين.

والحقيقة أنه في ظل عجز الحكومة اليمنية عن القيام بدورها وتوفير المستلزمات للفحص الفوري في المنافذ والمطارات يظل العبئ على المسافر اليمني الذي يجب أن لا ينسى أنه سيعود الى أهله ومحبيه، ويجب أن لا يقتلهم بإهماله وعبثيته.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص