أهم الأخبار

هل ستحرز الوساطة العُمانية أي تقدم أم أن زيارة وفدها إلى صنعاء كانت لمجرد رفع العتب أمام الضغط الدولي المتزايد؟

2021-06-11 الساعة 07:56م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)

بدون نتائج واضحة؛ غادر الوفد العُماني صنعاء عائداً إلى مسقط ومعه الوفد الحوثي الذي رافقه في تلك الزيارة.

ولم ترشح أي معلومات دقيقة حول نتائج تلك الزيارة، لكن البرلماني والسياسي المقيم في صنعاء، عبده بشر قال إن الوفد غادر "دون الوصول الى ما جاء من أجله".

وفي السياق قالت وكالة الأناضول إن المباحثات لم تحرز تقدم لوقف إطلاق النار، ونقلت عن مصدر سياسي مقرب من الحوثيين قوله إن "المباحثات المكثفة التي أجراها الوفد لم تحرز تقدما ملحوظا في سياق وقف إطلاق النار أو ملف افتتاح مطار صنعاء".

وأوضح أن الحوثيين يريدون "وقف العدوان والحصار أولا قبل أي اتفاق لوقف النار".

ولفت إلى أن "السلطات في صنعاء أكدت أن إعادة فتح مطار صنعاء ينبغي أن يتم دون أي مساومات كونه حق سيادي مشروع"، دون تفاصيل أخرى.

والخميس، أعلنت وزارة الخارجية اليمنية، في بيان، رفض جماعة الحوثي فتح مطار صنعاء "إلا بشروط"، دون الإشارة لهذه الشروط.

وأوضح البيان أن "جماعة الحوثي ترفض فتح مطار صنعاء إلا بشروطها، وأن الحكومة قدمت تنازلات كافية وضامنة للسفر الآمن لكافة المواطنين، وليس لتحويل المطار إلى منفذ خاص لتقديم الخدمات الأمنية والعسكرية واستقدام الخبراء".

من جانبه قال الناطق باسم الحوثيين، محمد عبدالسلام فليتة، إن لقاءات وفد المكتب السلطاني "ناقشت الأوضاع المختلفة في اليمن وسادها الجدية والمسؤولية"، وقال إنه قُدّم للوفد العماني "التصور الممكن لإنهاء العدوان ورفع الحصار المفروض على اليمن بدءاً من العملية الإنسانية".

وأضاف فليتة إن التصور اليمني (في إشارة لتصور الحوثيين)، ركز على العملية الإنسانية وما يتطلبه من خطوات لاحقة تؤدي للأمن والاستقرار في اليمن ودول الجوار، وقال إن التصور الذي يشمل الملف الإنساني والسياسي والعسكري جاد ومسؤول ومباشر، مستطرداً: نعود اليوم إلى سلطنة عمان لاستكمال هذه النقاشات ودعم الجهود التي تبذلها، وسنستكمل نقاشاتنا مع المجتمع الدولي للوصول إلى ما يمكن أن يؤدي إلى حل.

وفي خطاب متناقض مع ذلك قال القيادي في الميليشيا، محمد البخيتي، إن جماعته لن توقف إطلاق النار حتى تحرير كل شبر من الاراضي اليمنية، وأضاف في مقابلة مع قناة "الجزيرة": نقول لأمريكا والعالم بأننا لن نهون، وأن عملية تحرير اليمن ستستمر حتى تحرير كل شبر من أرض اليمن.

وقال القيادي الحوثي إن "القوات الأجنبية في البلاد سواءً أمريكية، أو بريطانية، أو سعودية، أو اماراتية، ستكون عرضة للقتل".

وكان الوفد العُماني وصلت السبت إلى صنعاء لعقد مباحثات مع الحوثيين، وأجرى مشاورات مع عبد الملك الحوثي ومسؤولين آخرين بالجماعة، بالتزامن مع زيارة لوزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك إلى سلطنة عمان ولقائه مسؤولين رفيعين في البلاد، وزيارة قام بها وزير الخارجية العُمانية إلى العاصمة السعودية الرياض.

ويفترض أن الوفد الذي لم يتبين أسماء أعضائه والمناصب التي يتقلدونها ناقش مع قيادة الميليشيا وقف إطلاق النار وترتيبات استئناف العملية السياسية المتعثرة منذ أواخر العام 2018 عقب المفاوضات التي احتضنتها العاصمة السويدية ستوكهولم بين الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا من جهة، والحوثيين من جهة أخرى.

وبعد مرور عامين من تعثر تنفيذ اتفاق ستوكهولم أعلنت المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف في اليمن منذ العام 2015، في مارس/ الماضي عن مبادرة للسلام تضمنت وقف شامل لإطلاق النار تحت مراقبة الامم المتحدة إلى جانب ترتيبات اقتصادية شملت إيداع الإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني في المدينة الساحلية.

وضمت المبادرة السعودية نقاطا أخرى بينها فتح مطار صنعاء الدولي، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية بغية التوصل إلى حل سياسي للأزمة برعاية الأمم المتحدة ووفق قرار مجلس الامن الدولي 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل.

وإذ بدت موافقة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا المدعومة من الرياض على المبادرة متوقعة، فإن الحوثيين أشاروا مُذّاك إلى أنهم يرفضون الشروط التي وضعها التحالف بقيادة السعودية مقابل فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، وهو ما مثّل تعثراً مبدئيًا في مسار هذه المبادرة.

وبعد مضي شهرين من طرح المبادرة السعودية أعاد المجتمع الدولي محاولة إحياء ملف السلام في اليمن هذه المرة بالاستعانة بالدور العماني.

وتتلقى الجهود العمانية لحلحلة ملف الأزمة في اليمن دفعة من واشنطن إذ كان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد تحدث هاتفيًا مع البوسعيدي وناقشا تكثيف الجهود بغية الوصول إلى وقف شامل للصراع واستئناف العملية السياسية، وإدخال المواد الإنسانية لليمنيين.

التحركات العمانية...الدوافع والأهداف؟

فيما تحتفظ سلطنة عمان بعلاقتها الدبلوماسية مع الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، تمتلك مسقط علاقة جيدة مع مليشيا الحوثي التي انقلبت على الرئيس الشرعي التوافقي عبد ربه منصور هادي في الـ21 من سبتمبر 2014.

والآن مع محاولاتها إعادة إحياء جهود السلام بين طرفي النزاع في اليمن، تُحرّك عُمان عدد من الدوافع الجيوسياسية في اليمن بشكل خفي، لاسيما في جزيرة سقطرى ومحافظة المهرة وهما المنطقتان اللتان تشهدان سباقًا ثنائيًا بين سلطنة عُمان من جهة مع السعودية والإمارات من جهة أخرى على التوالي.

وأساس الخلاف بين أبو ظبي ومسقط هو تعاظم دور الأولى في جزيرة سقطرى عبر وجود قوات تابعة لها ولحلفائها في المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسيطر على الجزيرة التي تمثل أهمية بالغة للجانب العماني، فيما يدور سباق خفي حول النفوذ بين مسقط والرياض في محافظة المهرة الحدودية مع عمُان.

وبشكل عام ترغب السلطنة في ضمان الاحتفاظ بحضورها السياسي في اليمن عبر الاحتفاظ بعلاقة طابعها التوازن إلى حد ما مع الحكومة الشرعية والحوثيين.

يقول الصحفي والمحلل السياسي صلاح السقلدي للمصدر أونلاين، إن لدى سلطنة عمان مصالح كثيرة وحسابات متعددة بحكم الجيوسياسية التي تربطها باليمن، في وقت يستعر فيه التنافس الاقليمي والدولي باليمن وبالمنطقة وعلى تخوم السلطنة بالذات، وبحسب السقلدي فإن التحركات العمانية الاخيرة محكومة بالمصلحة الاقتصادية والأمنية العمانية.

يضيف السقلدي أن عمان انتهزت علاقاتها الطيبة بسلطة صنعاء والثقة التي تتمتع بها هناك لتحقيق ما تصبو اليه، إذ أن الهواجس الأمنية والاقتصادية والرغبة بلعب دور مؤثر في اليمن لقطع أي نفوذ سعودي إماراتي على بوابتها الغربية، هي الدافع والمحرك الرئيس خلف لتحركات العمانية الأخيرة.

ولم تتوقف سلطنة عمان عن لعب دور الوسيط منذ بداية الحرب كما يقول السقلدي، لكن تحركات مسقط مؤخرًا كانت أكثر حضورًا بفعل الرغبة الأمريكية والسعودية، للسلطنة لممارسة تأثيرها وثقتها بالحوثي خصوصًا بعدما رفض الأخير المبادرة التي قدمتها الرياض في مارس الماضي وتمسكه، كما يقول، بفصل الملف الإنساني عن الملفين السياسي والعسكري في أية تسوية مقبلة.

وتتطلع الإدارة الادارة الامريكية الجديدة التي رمت بثقلها، إلى وضع نهاية لهذه الحرب إنفاذًا للمصالح الأمريكية، وبالذات بعد المؤشرات الجيدة بالعودة للإتفاق النووي مع إيران، إذ تربط الأخيرة الملف اليمني بملف الإتفاق النووي، كما يقول السقلدي.

وعلى الرغم من حالة التوجس التي تسود بعض الأطراف في المعسكر الحكومي مما تراه موقفاً منحازاً للحوثيين، لكن الحكومة ما تزال ترى في الجانب العماني وسيطاً يمكن الاعتماد عليه والثقة به أفضل من غيره، وهو ما يبدو مقاربًا لمواقف باقي الأطراف المحلية الفاعلة تجاه الوساطة العمانية.

ويضيف السقلدي أن موقف الاطراف المحلية من عمان ومن الحرب ووقف الصراع والتسوية السياسية، ليس مؤثرًا أمام التأثير الطاغي للولايات المتحدة والسعودية وباقي دول الخليج، إذ باتت الأطراف المحلية منذ بدء الحرب في البلاد، مجرد ديكور وكمالة للعدد، مع افتقادها لأدوات التأثير على الوضع.

ويشير إلى أن هذه الأطراف أصبحت فاقدة لقرارها السيادي والسياسي إلى حد كبير، بعد أن سلمت الجمل بما حمل لقوى إقليمية ودولية حد وصفه، إلى جانب حالة التمزق والتشظي التي تعيشها هذه الأطراف، مع انشغالها بالصراعات البينية شمالا وفي الجنوب من جهة وبين هذه الأطراف في المحافظات الشمالية والجنوبية وجهًا لوجه.

الوساطة العمانية... فرص النجاح والفشل

يقول ماجد المذحجي، المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات والأبحاث، لـ"المصدر أونلاين"، إن الوساطة العُمانية ليست جادة في الأساس، وكان بإمكان عُمان أن تضغط على جماعة الحوثي من دون الذهاب إلى صنعاء، فيما كان الحوثيون قد حددوا سقفهم السياسي قبيل زيارة الوفد العماني إلى صنعاء، وقبلها بيومين كان عبد الملك الحوثي قد أشار إلى ان الجماعة لن توافق على أي مقترح أو مبادرة إلا بالشروط التي تضعها هي.

وقال المذحجي إن زيارة الوفد العماني إلى العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ سبتمبر 2014، تأتي لرفع العتب؛ إذ أن العمانيين يواجهون ضغوطاً سياسية كبيرة من الولايات المتحدة والقوى الكبرى، باعتبار أن السلطنة هي المضيف الأبدي لقيادات جماعة الحوثي.

وتستضيف سلطنة عمُان منذ بدء الصراع في اليمن عدداً من قيادات جماعة الحوثي، بينهم ممثلو الوفد الحوثي الذي شارك في المحادثات التي احتضنتها الكويت 2016، ولذا تبدو مسقط الخيار الأقرب للدول الكبرى فيما يخص إحداث التأثير على جماعة الحوثي.

وأضاف الباحث المذحجي أن فرص نجاح التحركات العمانية الأخيرة تعتمد على نفوذها وحضورها المؤثر لدى الحوثيين، فيما تتعلق فرص فشل هذه الخطوات بالمدى الذي سيصل فيه تصلب الموقف الحوثي فيما إذا كانت الجماعة تريد بالفعل وجود مسار سياسي، ويقول المذحجي إنهُ وفقا للظروف وقربها من طرفي الصراع فإن لا أحد يستطيع أن ينجح فيما إذا فشلت عمان.

وقال المذحجي إن العمانيين يحاولون إنقاذ المبادرة السعودية التي تعثرت عقب إعلانها في مارس الفائت، بينما يخضع التحالف بقيادة السعودية للضغط للدولي من الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الكبرى.

وكتب البرلماني عبده بشر على صفحته بـ"فيسبوك" قائلاً: نعلم أن القضايا شائكة وكبيرة وتحتاج الى حسن النية والمصداقية، وتغليب مصالح الوطن والمواطن على أي مصالح أخرى، وهذا ما يفتقر إليه أطراف الصراع ومن خلفهم ونحن نوجه نداءً إلى أطراف الصراع، كفى؛ فالسلطة والثروة زائلة.. تنازلوا من أجل الوطن والمواطن.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص