أهم الأخبار

تقرير يسلط الضوء على معاناة المرضى النفسييين في تعز.. الفئة المنسية

2021-07-17 الساعة 04:47م (يمن سكاي - )

وسط أروقة مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في مدينة تعز، تحاول "كاتبة"، في العقد السادس من عمرها، أن تجد العلاج لولدها حمزة (25 سنة)، إلا أن محاولاتها في مساعدة ابنها الذي يعاني من اضطرابات نفسية باءت بالفشل، وضاق بها الأمر حتى صارت منكسرة وخائبة الآمال تجاه حياة تعجز فيها عن توفير الدواء لابنها المريض، في حين لم تمنعها تجاعيد السنين البادية على وجهها من البحث عن العلاج وتوفير احتياجات الأسرة التي أرهقتها مرارة الفقر والحاجة.

دموع الحسرة كفيلة بأن تمنع "كاتبة" عن مواصلة الحديث عن حالها وكيف تفتقر لأبسط احتياجاتها الضرورية لاسيما دواء ابنها المريض، فتحاول أن تشرح بكلمات مقتضبة وأيدي مرتعشة خوفها البالغ من تضاعف حالة ابنها الوحيد بسبب عدم توفر العلاج وعدم قدرتها على شرائه.

في حديث لـ"المصدر أونلاين"، تقول والدة حمزة:"زوجي عامل في أحد محلات النجارة بتعز من أجل لقمة العيش، والآن ضعف نظره ولم يستطع استرجاع بصره وهذا يتعبه كثيراً في العمل".

حاولت "كاتبة" أن تطرق جميع الأبواب للحصول على عمل ولم تقف مكتوفة الأيدي، فقد خرجت ومارست أعمالاً عديدة خارج المنزل وذلك لمساعدة زوجها في إعالة الأطفال وتحمل جزء من تكاليف والتزامات الأسرة لكنها الآن لم تعد قادرة على مواصلة العمل في هذا العمر بحسب قولها.

مستشفى وحيد لعلاج المرضى النفسيين

ما إن تدلف بقدميك بوابة المستشفى الوحيد لعلاج الأمراض النفسية في مدينة تعز حتى يستوقفك شكل المكان وهيأته، المناظر القاتمة التي تتوالد من كل مكان فيه، الإهمال الذي يكسو أسوار المبنى والأشجار المريضة العاطشة التي تبعث الكآبة في الروح، كلها أمور تجعلك تشك بأن هذا المركز مخصص لعلاج الأمراض النفسية.

بحسب عادل عبد السلام مدير المستشفى، فإن المركز الوحيد الذي يعمل في تعز لعلاج الأمراض النفسية يعاني من مشاكل كثيرة تتمثل في غياب الإمكانيات، ومحدودية الكادر الطبي، وغياب الأدوية، بالإضافة إلى شحة الموازنة التشغيلية وعدم القدرة على توفير غذاء صحي جيد للمرضى.

من جانبه يقول محمد طه رئيس هيئة التمريض في المستشفى لــ"المصدر أونلاين"، "إن الميزانية التشغيلية ضئيلة جدا وغير كافية لتوفير أبسط الاحتياجات الضرورية التي يتطلبها المستشفى"، كما أنه وبعد معاملات مضنية من قبل مدير المستشفى فقد تم تخصيص موازنة إضافية تقدر ب2 مليون ريال، ولكن تم إلغاؤها مؤخراً واعتبارها نفقات حرب بحسب حديث محمد طه.

ويضيف طه في حديثه لـ"المصدر أونلاين": عدد المرضى في الرقود حوالي 150 مريضاً، ويتردد على المستشفى كل يوم ما بين 10 إلى 15 مريضاً وهناك حالات تصلنا كل يوم ولديهم ميول انتحارية أو تهيج وبعضهم منطوٍ ويرفض كل شيء.

في السياق يشير المدير إلى أن المستشفى بحاجة للدعم وتوفير التغذية والعلاج بالإضافة إلى الملابس والفرش للمرضى، مضيفا "المريض النفسي يحتاج للملابس باستمرار ورغم وجود متعهد تغذية لتوفير وجبات بحسب عدد المرضى الموجودين إلا أننا نطالب بالزيادة ضعفين على الأقل".

يؤكد محمد طه أن لدى المستشفى طبيب وطبيبة فقط للعناية بالمرضى، بالإضافة إلى اثنين من الممرضين المتعاقدين، فيما نزح الآخرون بسبب الحرب، يحدث هذا على الرغم من احتياجنا إلى 7 أطباء على الأقل، و22 ممرضاً، و7 باحثين نفسيين للعمل على تخفيف معاناة هذه الشريحة التي طمرتها الحرب في عموم البلد.

"وفي ظل الاحتياجات الأساسية والضرورية للمستشفى فإننا لم نتوقف عن العمل في فترة اندلاع الحرب، في الوقت الذي حصل فيه هروب لمعظم المرضى لكننا بقينا نواصل عملنا في المستشفى" يقول عبد السلام مدير المستشفى.

ضغوط نفسية نتيجة الحصار والحرب

مدينة تعز التي تشهد حصاراً منذ سبعة أعوام، يعاني سكانها كثيراً نتيجة الضغوط النفسية التي يتعرضون لها بسبب القصف المستمر بين الحين والآخر، عوضا عن المشاكل الأخرى التي تواجه السكان نتيجة الأوضاع المعيشية المتردية التي فاقمت معاناة الناس، وانعكست سلباً على الجانب النفسي للمواطنين، وفي الوقت الذي تسعى فيه المنظمات لدعم المشاريع الخدمية الأخرى بعيداً عن الصحة النفسية التي تدهورت جراء الحرب، يتزايد عدد الذين يعانون من المشاكل النفسية ولا يجدون ملجأً سوى مستشفى وحيد مخصص للأمراض النفسية والعصبية في المدينة ذات الكثافة السكانية العالية.

مدير الإرشاد النفسي في جامعة تعز الدكتور "جمهور الحميدي" في تصريحه لـ"المصدر أونلاين" يقول:"الحرب خلفت رضوضاً نفسية ومشاكل عميقة أدت إلى نشوء اضطرابات سلوكية ونفسية لدى كل فئات المجتمع، الدمار والدماء والنزاعات كان لها الأثر الأكبر في هذه الاضطرابات".

ويضيف:"تنتشر الاضطرابات النفسية بناءً على الأحداث في المجتمع اليمني وأغلب الممارسات والسلوكيات على كل المستويات تعزز من وجود الاضطرابات النفسية، المجتمع اليمني لا يزال يمجد الخرافة والشعوذة ويذهب للعلاج عند غير المتخصصين كل ذلك أدى إلى نشوء موجة كبيرة من الاضطرابات".

ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فيُرجح أن خمس أولئك الذين يعيشون في مناطق الحرب يعانون من بعض أشكال الاضطرابات العقلية، بما في ذلك الاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، أو الذهان، حيث أن معدلات الفقر المرتفعة زادت من الصدمات النفسية وتم استهداف نظام الرعاية الصحية واستنزافه وإهماله، وقد يكون الرقم أكبر من ذلك بكثير.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص