2021-08-01 الساعة 08:09م (يمن سكاي - وكالة يمن للانباء)
يحاول مؤخراً مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، إيجاد ثغرات لتحقيق نجاح ولو جزئي، وتبييض صفحة "مارتن غريفيت" التي انتهت مهمته دون إحداث أي ثغرة في جدار الأزمة اليمنية.
وهي المهمة التي أوكلت لنائب المبعوث الأممي إلى اليمن معين شريم، لمناقشة جهود استئناف مساعي إحلال السلام الدائم في بلادنا، التقى خلالها عدداً من قيادات الشرعية اليمنية، وسياسيين.
وبدأ البريطاني "مارتن غريفيت" مهمته كمبعوت للأمين العام للأمم المتحدة لدى اليمن في فبراير من العام 2018.
وفي الأشهر الأخيرة كثف غريفيت من تحركاته التي شملت عدة عواصم، تزامناً في دخول سلطنة عمان كوسيط في الأزمة، رغبة لأطراف دولية، وأولها أمريكا ضمن إداراتها الجديدة، التي كان أول خطاب لها، إنهاء الحرب في اليمن.
والملاحظ أن المبعوث الأممي منذ توليه، تحرك إنسانياً بينما أغفل ملفات أخرى منها فك الحصار عن محافظة تعز، كما أن موقفه تجاه التصعيد اتجاه مأرب، كان غامضاً، مع تأكيد لانحيازه للحوثيين، وهو ما ظهر في زيارته للمحافظة مطلع العام 2020.
ظل الرجل ينافح من أجل فك الحصار على الحوثيين، جوياً وبحرياً، ووقف إطلاق النار وإحياء العملية السياسية والمسار التفاوضي، إلا أن مليشيا الحوثي هي من عرقلت كل مساعيه، كما أنها أعلنت أكثر من مرة بأنه غير مقبول، ومع ذلك وصل صنعاء في آخر أيامه، التي زارها تزامناً مع زيارة وفد عماني لأول مرة يصل العاصمة اليمنية، وهو ما اعتبره مراقبون تحلحلاً إيجابياً في مسار الأزمة اليمنية.
وأظهر غريفيت نشاطاً ملحوظاً في الحراك الدبلوماسي، الذي رافقه تأييد دولي، إلا أنه انه انتقل إلى الحلول الجزئية، ومنها الإنسانية وهو ما بحثه في الدول التي زارها، سواء الإقليمية أو الدولية، أو إلى عدد من المحافظات اليمنية.
وعند الحديث عن المحافظات اليمنية التي زارها غريفيت تأتي صنعاء في الدرجة الأولى من الاهتمام فعدن ثم الحديدة، إلا أنه أهمل مأرب وتعز على نحو كبير، وهي الزيارات التي أرفقها مقترحات عدة، إلا أن الحكومة اليمنية اتهمته بأنه يسعى للقفز على المرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والقرار الأمني (2216) ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وخلال السنوات الأربع، كان الحوثيون هم المستفيدون الوحيدون من مهمة المبعوث الأممي، سواء في إيقاف معركة الحديدة، بموجب اتفاقية استكهولوم، لتبقى الحديدة مورداً مهماً للحوثيين، واعتبروا الاتفاق نصراً من أجل استمرار حربهم، ومن ثم حشد قواتهم باتجاه محافظة مارب.
كما استفاد الحوثيون من تحركات "غريفيت" الدبلوماسية، من أجل رفع الجماعة من قوائم الإرهاب العالمي، وهو ما نجح فيه، متححجاً من أجل إنجاح المفاوضات، وبالمقابل أعطاه الحوثيون نجاحاً في ملف الأسرى والمختطفين، حيث تمت أول صفقة تبادل لأكثر من 600 أسير ومختطف في أكتوبر من العام الماضي.
وعند قراءة الدور الذي قام به المبعوث الأممي، نجد أنه وجد تأييداً إقليمياً ودولية لجهوده، إلا أنه لم يستثمر هذه التأييد الذي أتى من أطراف عدة وخصوصاً من السعودية وسلطنة عمان.
وعلى الرغم من أن السعودية واجهت ضغوطاً دولية لإنهاء تدخلها في اليمن، وإدخال الملف اليمني ضمن الملف النووي بين الولايات المتحدة وإيران، إلا أن غريفيت لم يستفد من ذلك في الضغط على مليشيا الحوثي للجلوس مجدداً على طاولة التفاوض، وحلحلة أزمات عدة يعاني منها الشعب اليمن، كوقف القصف الصاروخي على المدنيين أو إدانة الحوثيين في المجتمع الدولي نتيجة الجرائم التي ترتكبها ضد المدنيين في مأرب والضالع والحديدة وتعز.
إلى ذلك ظل "غريفيت" على تفاؤله حتى الإحاطة الأخيرة التي قدمها لمجلس الأمن، والذي أظهر فيها يأسه وتبرمه مع تنصلات الحوثيين، معلناً أنهم "معيقون لعملية السلام" في وصفها لهجوم الجماعة المستمر على مأرب.
وكان باستطاعته توظيف مجلس الأمن الدولي وإيجاد وسائل ضغط على الحوثيين نظراً لتصعيدها المستمر وبحثها عن تحقيق نقاط على الأرض مستثمرين الفرصة التي أتيحت لهم من خلال التحركات الدبلوماسية التي كانت تتم وفق الرؤى التي يرسمها المبعوث الأممي.
قصف محطة وقود وسقوط مدنيين منهم أطفال، في مأرب، هي من آخر الجرائم التي أحرجت "غريفيت" الذي لم يستطع تبريرها نظراً للإدانات الكبيرة ولأول مرة للحوثيين، وهو ما جعل الملف اليمني يبدو أكثر تعقيداً، وربما أثر على تعيين مبعوث رغم تسميته إلا أن إقرار بدء عمله ما زال متداولا في أروقة مجلس الأمن بعد موقف الصين الأخير منه.
داخلياً في اليمن، يبدو أن جماعة الحوثي هي من ستتحرك وفقاً لآخر ما توصل إليه المبعوث الأممي، وذلك بالقبول بالتسوية لوقف إطلاق النار ولو جزئياً، للابتعاد من الضغوط الشعبية عليها نظراً لأعداد القتلى والمصابين المهولة، مع أنها لم تحقق أي تقدم أو انتصار كما أعلنت عنه هدفاً لتصعيدها العسكري.