2015-05-05 الساعة 01:37ص (يمن سكاي - وكالة الأناضول)
27 يوما فصلت بين إرجاء أول عملية إنزال بري لقوات التحالف في اليمن، والتنفيذ الفعلي، الذي بدأ اليوم الأحد.
وبحسب مصدر دبلوماسي غربي لوكالة الأناضول، فإن هذه العملية كان مخططا لها يوم 7 إبريل/ نيسان، لكنها تأجلت لأسباب "لوجستية"، وبدأت بوادرها تظهر اليوم.
وقال سكان في محافظة عدن، جنوبي اليمن، إن نحو 30 عسكريا من قوات التحالف العربي تم إنزالها بحرا، مساء أمس السبت، في المحافظة، في أول وصول لقوة عربية برية إلى اليمن.
وأوضح السكان لمراسل "الاناضول" أن العسكريين نزلوا على ساحل منطقة الخيسة، التابعة لمديرية البريقة بالمحافظة، عبر قوارب مطاطية، ثم اتجهوا إلى مركز المدينة.
وقال الدبلوماسي إن عملية الإنزال البري، تمت عبر ميناء جيبوتي، ومنها إلى ميناء عدن.
وأوضح الدبلوماسي، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن تأجيل عملة الإنزال جاء بسبب اندلاع مواجهات عنيفة بين المقاومة الشعبية وجماعة الحوثيين، ما حال دون تنفيذ عملية الإنزال في هذا التوقيت.
واندلعت مواجهات عنيفة في المنطقة المحيطة بميناء عدن بين الحوثيين وحلفائهم والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي التي يطلق عليها اسم "اللجان الشعبية الجنوبية" في 7 إبريل / نيسان، بما أدى إلى تأجيل العملية، بحسب المصدر ذاته.
ويقول العميد صالح الأصبحي، الباحث في مركز الدراسات العسكرية، التابع للجيش اليمني، إن بدء هذه التحركات، يرتبط ارتباطا وثيقا بنجاح المقاومة الشعبية في معركة مطار عدن.
وأوضح الأصبحي، في تصريح لوكالة الأناضول، أن "المطار يقع على خليج عدن، ومن ثم كان هناك خطورة في بدء الإنزال البحري لقوات برية وقطع عسكرية دون السيطرة على المطار، والذي يمكن استخدامه كقاعدة في الهجوم على القطع البحرية والقوات البرية، حال تم الإنزال البحري في ميناء عدن".
وبحسب الأصبحي، فإن مطار عدن مقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول قاعدة جوية، والثاني مطار مدني، والثالث لواء مدرع، وهو اللواء 39 مدرع، والذي أنشىء عام 1994.
وأضاف الأصبحي أن قوات التحالف العربي كانت تنتظر نجاح المقاومة في السيطرة على المطار بشكل كامل لبدء الإنزال، وهو ما حدث اليوم.
"الأناضول" بحثت تفاصيل هذه العملية والإعداد لها والتحركات الدبلوماسية التي سبقتها من خلال هذه العناصر:
أولا: ماهية العملية وهدفها
يوجد لهذه العملية هدفان، أحدهما عسكري والآخر سياسي، كما قال مصدر دبلوماسي غربي لوكالة الأناضول.
والهدف العسكري، هو ايجاد منطقة آمنة في مدينة عدن (جنوب البلاد) لتكون مرتكزا تنطلق منه قوات التحالف، أما الهدف السياسي فهو توفير موطأ قدم للحكومة اليمنية تدير منه شئون البلاد، بدلا من إقامتها في العاصمة السعودية الرياض، بحسب المصدر ذاته.
ووفقا للعميد صالح الأصبحي الباحث في مركز الدراسات العسكرية، فإن لمدينة عدن أهمية كبيرة في الصراع.
وقال الأصبحي، في تصريحات سابقة للأناضول، : " طبيعة اليمن من الناحية العسكرية مقسمة إلى ثلاثة أقسام، هي الشريط الساحلي، والعمق الصحراوي، والعمق الجبلي، ولا يمكن حدوث أي إنزال بري (من قبل التحالف) في الصحراء ولا الجبل، إلا بعد السيطرة على عدن ".
وبحسب الخبير ذاته، فإن عدن ترتبط ببقية المحافظات اليمنية، وكذلك العمق الجبلي، بشبكة طرق ومن ثم فإن من يسيطر عليها يستطيع الاقتحام بريا في اتجاه تلك المحافظات، باستخدام الأسلحة الثقيلة التي تأتيه عن طريق البحر.
ثانيا: مسرح العمليات
يدور مسرح العمليات الرئيسي حول "ميناء عدن" في اليمن، وبحسب المصدر الدبلوماسي الغربي، فإن جيبوتي كانت هي نقطة الانطلاق .
وتقدر المسافة بين جيبوتي وبين ميناء عدن بحوالي 240 كلم، وتحظى جيبوتي بأهمية نسبية عن ارتريا، التي يوجد بها ميناء عصب الأقرب إلى ساحل اليمن "تفصلها 60 كلم"، وذلك لأن جيبوتي هي الأقرب لعدن، التي يوجد بها حاضنة شعبية رافضة للحوثيين، هذا بالإضافة إلى أن جيبوتي بها قواعد عسكرية فرنسية وأمريكية، يجري التنسيق معها بشأن العملية، بحسب محسن خصروف العميد اليمني المتقاعد، في تصريح خاص لوكالة الأناضول.
وتابع : "رغم أهمية ( جيبوتي ) للأسباب السابقة، إلا أن المسافة القصيرة التي تفصل ارتريا عن اليمن، تتطلب على أقل تقدير تحييد ارتريا عن الصراع".
ويقترب مينائي "عصب " و "مصوع " باريتريا من الموانىء اليمنية، فيفصل الأول عن الساحل اليمني 60 كلم، ويفصل الثاني عن ميناء الصليف باليمن مسافة 350 كلم، ويفصل نفس الميناء الاريتري عن ميناء الحديدة 380 كلم.
ويضيف خصروف:" من بين هذه الموانىء، فإن ميناء الحديدة، يكتسب أهمية كبرى في اليمن، ترجع لكونه ميناء رئيسي، على البحر الأحمر، والمتحكم فيه يستطيع أن يتحكم في نشاط وحركة بقية الموانئ، ويمكن من خلال وجود قاعدة بحرية فيه منع أي تحركات برية على الأرض تأتي من جهة الشمال، من طرف الحوثيين، كما يمكن أن يمنع أي تحرك بحري إيراني داخل الموانئ الأخرى عن طريق دوريات بحرية تنطلق من هذا المكان".
وتخشى السعودية ودول التحالف من تقديم اريتريا مساعدة للإيرانيين عن طريق موانيها القريبة من اليمن، لاسيما أن هناك علاقات تربطها بإيران.
ورغم أن اريتريا، إحدى دول جنوب البحر الأحمر، لم تغب عن مشهد التحركات الدبلوماسية بشأن اليمن، إذ أعلنت اعترافها بالشرعية الدستورية في اليمن، في 31 مارس/آذار الماضي، إلا أن هناك اتهامات وجهت لها بدعم الحوثيين من خلال الوجود الإيراني في مياهها الإقليمية، وهو ما نفاه المسؤولين الإريتريين أكثر من مرة.
ويقول الباحث في مركز الدراسات العسكرية بوزارة الدفاع اليمنية صالح الأصبحي: "التواجد الإيراني في إريتريا، لا يقبل الشك، وله شواهد كثيره، أبرزها دعوة الرئيس الارتري أسياس أفورقى في خطاب له بطهران عام 2008 إيران لإقامة قواعد لها في منطقة القرن الأفريقي"، غير أن الباحث ذاته لا يستبعد وجود تواصل مع إريتريا من أجل تحييدها على الأقل.
وأشار الباحث إلى أن الأسطول الأمريكي المتواجد في منطقة بحرب العرب، نجح الأسبوع الماضي في إثناء 9 سفن إيرانية كانت تتجه إلى مضيق باب المندب عن مواصلة رحلتها، غير أنه لم يستبعد أن يكون هناك تنسيق إيراني مع إريتريا لاستضافة هذه السفن التي لا تزال في البحر إلى الآن، وبالتالي فإن التحالف بقيادة السعودية يهدف إلى تحييدها في الصراع.
ويرى دبلوماسي إريتري، أن الدور الذي يمكن أن تقوم به إريتريا قد يتعدى التحييد، إلى لعب دور في الصراع.
وقال الدبلوماسي، الذي فضل عدم نشر اسمه، إن "هذا الرأي يدعمه الزيارة الطويلة الحالية التي يقوم بها الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى السعودية، وهي التي بدأت يوم الإثنين الماضي، وكذلك حالة الاحتفاء الملفتة بالرئيس الاريتري.
وبحسب المصدر ذاته، فإن الملك السعودي استقبل أفورقي بنفسه في المطار، كما أن هناك أميران من العائلة المالكة، يصاحباه خلال الزيارة.
ثالثا: القوات المشاركة
كشف المصدر الدبلوماسي الغربي أن عملية الإنزال يشارك فيها بضعة آلاف من جنود قوات التحالف.
وأوضح أن هناك دورا هاما لواشنطن وباريس في العملية من خلال قاعدتين عسكريتين لهما في جيبوتي، حيث اختصرت واشنطن دورها في تقديم الدعم في المجال الجوي ومراقبة الأجواء وملاحقة عناصر القاعدة من خلال تعاونها مع السعودية في إطار اتفاقيات التعاون العسكري والأمني بين البلدين، فيما ستسخر فرنسا كل إمكانياتها البحرية في البحر الأحمر لعملية الإنزال.
ومنذ بداية سنة 2002، تتمركز قوات أمريكية في قاعدة "معسكر ليمونيير" في جيبوتي، وتتحدث تقديرات عن أن قوام هذه القوة يتراوح بين 900 و1900 جندي.
وتقع هذه القاعدة على بعد 5 كيلو مترات من مطار جيبوتي، وهي مقر قوة العمل المشتركة في القرن الأفريقي، والتي تضم إلى جانب الولايات المتحدة دول حليفة منها فرنسا، وتقوم هذه القوة بمراقبة المجال الجوي والبحري والبري لست دول أفريقية هي: السودان وأريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا فضلا عن اليمن ودول الشرق الأوسط
أما القاعدة الفرنسية في جيبوتي، فهي ملاصقة لمطار جيبوتي، وهي من أقدم القواعد العسكرية الفرنسية في أفريقيا، إذا يرجع عمرها إلى نحو 100 عام، وهي من مخلفات الاستعمار الفرنسي، وكان أحد الشروط الفرنسية للجلاء عن جيبوتي، هو بقاء تلك القاعدة.
المصدر الدبلوماسي الغربي قال إن نحو 150 عسكريا إماراتيا وصلوا إلى القاعدة الفرنسية في جيبوتي للمساعدة في عملية الإنزال البحري الأولى التي تأجلت، موضحا أن هذه الخطوة جرت بالتواصل بين القاعدة الفرنسية في جيبوتي، ونظيرتها في أبو ظبي.
وشوهد بعض هؤلاء الجنود على الأراضي الجيبوتية، وهو يتجول في بالأسواق، وأماكن الترفيه، بحسب مراسل "الأناضول" في جيبوتي.
المصدر الدبلوماسي الغربي أوضح أن عددا كبيرا من هؤلاء العسكريين هم من أبناء اليمن الجنوبي الذين هربوا بعد حرب 1993، حيث حصل الكثير منهم على الجنسية الإماراتية وعملوا في المؤسسة العسكرية هناك.
وذكر المصدر ذاته أن هؤلاء العسكريين، وهم من الطيارين والقوات البحرية والمرشدين، سيقدمون إرشادات لعملية الإنزال بحكم معرفتهم وخبرتهم السابقة بالطبيعة الطبوغرافية لليمن، والإمكانيات العسكرية التي قد يملكها الحوثيون وأنصار صالح.
رابعا: شواهد العملية
صاحب الإعداد لهذه العملية تحركات دبلوماسية وعسكرية مهمة هي:
1- 27 مارس / آذار:
اتصال هاتفي بين العاهل السعودي والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند أكد خلالها الأخير وقوف مع المملكة في العملية العسكرية باليمن، مبديا استعداد فرنسا لتقديم كافة ما تحتاجه المملكة من جميع النواحي، حسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
2- 11 / 12 أبريل / نيسان:
زيارة أجراها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى الرياض التقي خالها العاهل السعودي ووزير الدفاع محمد بن سلمان. واستعرض بن سلمان مع فابيوس "أوجه العلاقات الثنائية بين المملكة وفرنسا ومجالات التعاون في مستجدات الأحداث في المنطقة، وخاصة في الجمهورية اليمنية" خلال لقاء حضره أيضا رئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول ركن عبدالرحمن بن صالح البنيان ، وفق وكالة "واس".
3- 15 أبريل / نيسان:
زيارة أجراها وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، إلى جيبوتي، وأجرى خلالها مباحثات مع الرئيس إسماعيل عمر جيلي، تناولت آخر التطورات في الأزمة اليمنية، والجهود المبذولة لإنهائها. الزيارة هي الأولى التي يجريها ياسين لدولة في منطقة القرن الأفريقي منذ بدء عمليات التحالف العسكرية في اليمن.
4- 18 أبريل / نيسان:
أعلن السفير الجيبوتي في الرياض، ضياء الدين بامخرمة، فتح بلاده مجاليها الجوي والبحري أمام قوات التحالف العربي، التي تقودها السعودية في اليمن.
وفي تصريحات عبر الهاتف لوكالة الأناضول، جدد بامخرمة التأكيد على دعم بلاده لعاصفة الحزم، مشيرا إلى أن جيبوتي، التي ترتبط مع اليمن بروابط خاصة وتاريخية، تتأثر وتؤثر فيما يجري في اليمن إيجابا أو سلبا في كل النواحي الانسانية والسياسية والأمنية. وقال "لا تفصلنا عن اليمن سوى 22 كيلو هي مسافة فوهة مضيق باب المندب" الإستراتيجي.
5- 26 / 28 أبريل / نيسان:
استقبلت إريتريا وفودا رفيعة المستوى من السعودية والإمارات تفقدت مينائي "عصب" و"مصوع" وعددا من الجزر الإريترية المتاخمة لليمن، حسب مصادر إريترية مطلعة.
6- 28 / 29 أبريل / نيسان:
أجرى الرئيس الإريتري أسياس افورقي زيارة إلى الرياض عقد خلالها جلستي مباحثات مع العاهل السعودي وولي ولي العهد، وكان لافتا احتفاء القيادة السعودية بالرئيس افورقي؛ حيث كان الملك سلمان في مقدمة مستقبليه.
7- 30 أبريل / نيسان:
اتصالات هاتفية أجراها الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر غيلة مع كل من العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن نايف وولي ولي العهد محمد بن سلمان. وبينما بدأ الهدف من هذه الاتصالات التهنئة بتعيين ولي العهد وولي ولي العهد الجديدين في المملكة، قالت مصادر دبلوماسية مطلعة إن هذه الاتصالات تناولت كذلك أهمية التنسيق والتعاون على الصعيدين الثنائي والإقليمي وآخر المستجدات بخصوص الأزمة اليمنية والتحالف الذي تقوده الرياض في اليمن.
8- 4 مايو / أيار الجاري:
يزور الرئيس الفرنسي الدوحة لتوقيع عقدا لبيع طائرات من طراز رافال قبل أن يتوجه إلى الرياض بناء على دعوة من الملك سلمان لحضور قمة دول مجلس التعاون الخليجي في سابقة هي الأولى لزعيم غربي حيث يتصدر جدول أعمال القمة قضايا مثل التدخل الذي تقوده السعودية في اليمن والحرب الأهلية في سوريا.
9- 5 مايو/ آيار الجاري:
يجري وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، زيارة إلى جيبوتي يلتقي خلالها "قيادات رفيعة المستوى لبحث التعاون المشترك ودعمهم لجهود الاخلاء (للمواطنين الأمريكيين) من اليمن"، حسبما قال بيان سابق للخارجية الأمريكية. كما يزور الوزير الأمريكي قوات بلاده في قاعدة معسكر ليمونيير في جيبوتي. وكانت الويات المتحدة وقعت على اتفاق مع جيبوتي في عام 2003 لاستخدام المنشآت العسكرية في جيبوتي، ومنها ميناء جيبوتي المتطور والواقع بالقرب من المدخل الجنوبي للبحر الاحمر كقاعدة لحملتها المناهضة للإرهاب في القرن الافريقي.