أهم الأخبار

حرب "الحواجز الأمنية".. حين يصبح السفر داخل البلد الواحد مخاطرة مكلفة

2021-10-22 الساعة 05:49م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)


يتعرض المسافرون اليمنيون العابرون من محافظة الى أخرى، إلى انتهاكات مروعة من قبل النقاط والحواجز الأمنية التابعة لأطراف النزاع في البلد الذي يعيش حرباً منذ سبع سنوات، خلفت انقساماً في السيطرة والنفوذ بين السلطات المحلية التابعة للحكومة المعترف بها دوليًا وميليشيا الحوثي المدعومة من إيران وقوات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً والمسيطر على عدن ومحافظات مجاورة جنوباً.

ويعيش المواطن اليمني أسوأ المراحل في السفر والتنقل على طرقات ينعدم فيها الأمان وتمتهن فيها الكرامة، في وضع مأساوي مخالف للقانون الإنساني الدولي الذي تنص عليه اتفاقية جنيف عن حرية المدنيين في التنقل في مناطق النزاع.

يضاف كل هذا إلى ارتفاع مهول في تكلفة أجرة النقل حيث يدفع المسافر بين مدينة تعز ومديريات تابعة لها مثلاً 15 ألف ريال، نتيجة الانهيار الجنوني للريال اليمني مقابل الدولار والطرقات الوعرة المستحدثة نتيجة الحصار المفروض على المدينة من قبل الحوثيين منذ سنوات.

نقاط الحوثيين

وشكا العديد من المواطنين المسافرين عبر النقاط التابعة لميليشيا الحوثي تعرضهم للإحتجاز المتكرر، واتهامات باطلة، إضافة إلى العبث بأغراضهم الشخصية، مؤكدين تعرض بعض الحقائب للطعن بالخناجر، ونثر أدواتهم في الطرقات بحجة التفتيش، إضافة الى تعاملات وصفوها بـ"غير اللائقة" والتي تهين كرامة المواطن.

تقول الشابة "م. ن - 20 عاما" للمصدر أونلاين، إن عناصر نقطة تابعة لميليشيا الحوثي بشارع الستين في الحوبان بمدينة تعز، سحبت هاتفها بتهمة أنها تقوم بتصوير النقاط الحوثية للطيران.

وتضيف "م. ن" أنها أخرجت هاتفها فقط لتبعث رسالة لأمها في القرية التي تترقب قدومها، و"فجأة أوقف أحد المسلحين السيارة وفتح عليّ الباب بشكل مخيف وبدأ يطالب بهاتفي وعندما تمنعت حاول أن يمد يده عليّ، فسلمته الهواتف فوراً وعندما سألته عن السبب قال إني أصور النقاط للطيران، قلت له سأفتح لك الهاتف وتصفح آخر ما صورته بالكاميرا لكنه رفض" وبعد مفاوضات عديدة بين السائق والنقطة استمرت لساعات أعيد الهاتف إليها مقابل غرامة مالية.

أما المواطن "طه الجنيد" فيقول إن إحدى النقاط الواقعة في مناطق سيطرة الحوثيين في سائلة جبل حبشي، أخذت منه 130 ألف بتهمة أنها تنتمي للمال من" الفئة الجديدة"، حيث أصبح في اليمن عملتان، عملة متداولة في مناطق سيطرة الحوثيين وأخرى متداولة في مناطق الحكومة الشرعية، واتخذت الميليشيا منها أحدث وسيلة لابتزاز المسافرين المارين بالنقاط التابعة لها.

وصدرت الطبعة الجديدة للريال اليمني بعد نقل البنك المركزي الى عدن بقرار من الرئيس عبدربه منصور هادي عام 2016، واستمر تداول العملتين في جميع مناطق اليمن حتى نهاية العام 2019، حين أعلن الحوثيون منع التعامل مع الطبعة الجديدة باعتبارها "مزوّرة وغير قانونية".

وحول نقاط الحوثيين يقول المسؤول الأمني في قوات الحكومة بتعز، مفضل الحميري "للمصدر أونلاين" إن "نقاط الحوثيين متنوعة منها ما هي للتكسب تحت مسمى الجمارك، ومنها ما هي أمنية وهي عبارة عن مصيدة للمواطنين، ومنها نقاط الابتزاز والتي تتمثل في بقية النقاط".

وبحسب مصادر عسكرية فإن أشهر النقاط الحوثية التي تكثر فيها حوادث ابتزاز المواطنين في تعز هي التي تتواجد في مديرية مقبنة ومناطق "سقم والعشملة" تليها النقطة المتواجدة في منطقة "العيار" بمحافظة تعز.

غياب الضبط في نقاط قوات الحكومة

هذا ولا يعد الحوثي المنتهك الوحيد فالمواطن "عمار صالح" تعرض للاعتقال في إحدى النقاط التابعة لقوات الحكومة الشرعية بتهمة أنه عميل لدى الحوثي يقول عمار: "اعتقلوني لوجود صور تخص الحوثي" ويوضح أن هذه الصور قد نزلت في معرض الهاتف بسبب اشتراكه في مجموعة أخبار على الواتساب، كان يريد منه إشباع فضوله عن الأحداث حسب تعبيره، احتجز على إثرها لمدة ثلاثة أيام، وبعد وساطات أُفرج عنه مقابل غرامة مالية قال إنها لا تزال ديناً عليه.

وعن النقاط المتواجدة في مناطق الشرعية يقول "الحميري" وهو مسؤول عن النقاط التابعة للشرعية في تعز، إن "هناك ثلاث نقاط تابعة للشرعية، الأولى هي النقاط الرسمية والمخالفات فيها قليلة، وأغلب المخالفات تنتهي بأخذ مبالغ بسيطة لا تذكر مثل نقطة الهنجر، أما الثانية هي نقطة ثانوية تابعة للوحدات العسكرية والأمنية التابعة للمنطقة العسكرية وفيها تقع الكثير من المخالفات والابتزاز المالي لكن أيضاً بشكل أقل"، تليها النقطة الثالثة والتي قال إنها نقاط "للمتهبشين" التي يستحدثها المتفلتون من الوحدات العسكرية ويقول متأسفا: "تكون المخالفات كثيرة في هذه النقاط لعدم وجود من يضبطها ويحاسب قاداتها".

نقطة الموت

في الآونة الأخيرة نالت منطقة "طور الباحة" بمحافظة لحج الجنوبية والخاضعة للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، شهرة واسعة، نتيجة انتشار النقاط التابعة لقوات المجلس أو لعناصر قبلية وعسكرية منفلتة والتي تمارس ابتزاز أدى في حالات إلى اعتداءات مميتة طالت مواطنين مسافرين عبر هذه المنطقة، ونالت صدى واسعاً على وسائل الإعلام.

وأشهر أحداث هذه المنطقة مقتل الشاب اليمني العائد من الاغتراب في الولايات المتحدة عبر مطار عدن في شهر سبتمبر الماضي على يد عناصر من اللواء التاسع التابع للانتقالي، وكذلك مقتل الطبيب "عاطف الحرازي" والذي يعمل ممرضاً في منظمة أطباء بلاحدود، في نقطة استحدثها مسلحون لابتزاز المسافرين، وهما حادثتان لقيتا إدانة واسعة، ومطالبات بالمحاسبة والتحقيق، أجبرتا الانتقالي على إطلاق وعد بالتحقيق فيهما إلا أن أيا من المطالبات والوعود لم يتحقق.

وحول هذه النقاط يقول المواطن صالح أحمد (اسم مستعار حسب طلبه) للمصدر أونلاين، إن نقطة في طور الباحة اعتقلته وهو عائد من محافظة أبين نحو تعز، ويضيف: "أدخلوني سجن بلحج تبع اللواء الخامس، هذا السجن يتبع صالح السيد بتهمة أنني عسكري لدى عبدالله الصبيحي قائد محور أبين قلت لهم أنا لست عسكري لكنهم سجنوني شهر، وجلدوني ١٠٠ جلدة".

وأطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي على هذه النقاط "نقاط الموت" وقال أحدهم إنه "من المعجزات في هذا الزمن أن يعبر الشخص من نقطة طور الباحة ويصل سالمًا".

ومع أن هذه النقاط والحواجز تعد إحدى تجليات الحرب والإنقسام الحاصل في البلد إلا أنها باتت تشكل للمواطنين حرباً إضافية ضاعفت كلفة ومخاطر السفر داخل الوطن الذي كان واحداً.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص