أهم الأخبار

عائلة سعيدة 20عاماً من صناعة "الملوج".. هكذا تجاوزت نظرة المجتمع تجاه "الخبازة"

2021-12-01 الساعة 05:04م (يمن سكاي - دعاء الزمر)

"سعيدة " الشهيرة " بأم هاني" أو "أم الحارة" كما يحلو للبعض تسميتها، امرأة أربعينية سلكت طريقاً شاقاً خالٍ من السعادة بعكس اسمها، لتعول أربعة أبناء من طفولتهم حتى شبابهم، من مردود صناعة وبيع "الملوج" وهو نوع من الخبز البلدي بنكهة الحلبة، المهنة التي قضت أم هاني عمرها فيها مقابل أن تهبها ما يكفي لتعليم وتنشئة أولادها دون عوز أو حاجة لأحد.

كما جرت العادة، تستفتح أم هاني يومها بمعجن كبير وتمارس في دكانها القريب من منزلها ذات المهام التي بدأتها وهي امرأة عشرينية بخفتها وحيويتها، ولم تزل تمارسها وإن تبدلت الخفة إلى شيء من ثقل العمر، ونضبت الحيوية بفعل متغيرات الصحة والوضع العام.

ثقافة "العيب"

قبل الحرب كانت تخرج "سعيدة" أو أحد أفراد أسرتها للبيع في وسط السوق أما من بعد الحرب يتجمع عدد من المشترين من مختلف الأعمار عند باب الدكان الذي تخبز فيه، وتقف أحدى بناتها على عتبة الباب وسيطة لأخذ المال منهم ومناولتهم "الملوج" الساخن من يد أمها.

 

في مجتمعنا الذي ينظر لبعض المهن بازدراء خصوصاً إن مارستها إمرأة واجهت "سعيدة" ثقافة "العيب" بقناعة أن العمل حق مشروع طالما ليس فيه مدّ يد لأحد أو سرقه، وغرست هذه القناعة بقوة في نفوس أبنائها.

 

عصماء 24 عاما الإبنة الصغرى ل "سعيدة" تحكي للمصدر أونلاين عن شعورها "ونحن أطفال لم نكن نعي كثيرا ما يقوله الناس عن مهنة "بيع الملوج " أو أن أمي "خبازة "، المراهقة كانت الفترة الحرجة بالنسبة لنا بدأنا نهتم بما يقوله الآخرون ونلاحظ همز وغمز صديقات المدرسة وسخريتهن من عملنا في السوق".. تستدرك "تجاوزنا هذه المرحلة سريعا وكلما كبرنا ازداد نضجنا بأن عملنا شريف ولا يوجد به ما يستدعي الخجل".

 

النظرة المجتمعية لها أثرها

النظرة المجتمعية لازالت قاصرة وتعاني من التخلف حسب توصيف "سعيدة " وفي المقابل قد نجد أناس واعين. تقول للمصدر أونلاين " أول أسرة أردت خطبة ابنتهم لإبني جاءني الرفض بشكل سريع وحاسم وعرفت حينها أن السبب مهنتي ذهبت بعدها لعائلة أخرى وتمت الموافقة والزواج".

 

عصماء خريجة نظم معلومات والمتزوجة حديثاً تشارك تجربتها "زوجي كان زميلي في الدراسة عرفني وعرف أخلاقي وطبعي قبل أن يعرف أن أمي "تبيع ملوج" ثم سأل علينا ولم يمنع ذلك من ارتباطنا ... "

 

تضيف "سعيدة " على كلام ابنتها "لكن بعد أن زوجت البنتين سمعت من الناس أن بيت فلان وفلان كانوا يفكروا أن يتقدموا لهنّ وترددوا، ثم شعروا بالندم والأسف بعد أن تزوجين من شباب فاهمين وواعيين اختاروهن عن قناعة ودراية".

 

تنهي عصماء الحديث حول هذه الفكرة بقولها " بلاشك نعاني مما يقوله الناس ويفعلونه لكننا نتغاضى ونعيش حياتنا والحياة لا تقف عند أحد".

 

عطاء بلا حدّ

تمكنت "سعيدة" من الدفع بأبنائها للمدرسة والضغط عليهم للإستمرار فيها حتى النهاية مع تلبية متطلبات الدارسة والحياة عموما، حتى أكمل الولدان الثانوية فيما تجاوزت البنتان المرحلة الجامعية بنجاح.

 

تقول "مهنة متعبة ومرهقة وتبعاتها على الصحة كبيرة؛ بسبب التعرض الدائم لحرارة التنور والوقوف ساعات طويلة؛ لكن هو العمل الوحيد الذي أتقنه هو مصدر رزق عيالي ولقمة عيشنا".

 

لا يزال زوج سعيدة متواجداً معها، كان لديه راتب ضئيل، جاءت الحرب لتوقفه تماما، وهذا ما جعل كل اعتماد الأسرة بالكامل على عملها وإن كان هو يساعدها أحياناً ببعض المهام يحمل لها الماء ويبيع معها.

 

سألتْ عصماء عما اذا كانت ستجد اختلاف في طريقة العيش لو كان والدها هو المسؤول عن الإنفاق ؟!

 

بضحكة خجولة تجيب : " أكيد في فرق الأم أكثر تلبية لرغباتنا واحساس بإحتياجاتنا، الأب ممكن يقول هذا مش ضروري وهذا زيادة اضافة الى أن القات عندهم هو الأولوية "

 

مضيفة في الأخير : " حاولت أمي ألا تحرمنا من شيء في الأكل وفي اللبس حتى أن البعض يستغرب كيف أننا نلبس بشكل مرتب ومظهرنا جميل.. يربط الناس بين المهنة والمستوى المادي والمظهر، مع أن الأمر يتعلق بالذوق والإهتمام حتى لو السعر مش عالي".

 

(الشكل الرثّ، التخلف العلمي، العيش بطريقة سيئة، والتجاوز الأخلاقي) هذه الصورة الذهنية المسبقة التي يحملها المجتمع لمن يعملون في المهن البسيطة والتي تشعر عصماء بالإستغراب والأسف حيالها لأنها مخالفة لواقعهم وظالمة لهم.

المصدر اونلاين

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص