2022-07-05 الساعة 05:51م (يمن سكاي - القدس العربي)
أثار قرار شركة نفطية الانسحاب من اليمن صدمة كبيرة في الأوساط الرسمية التي حاولت ثنيها عن قرارها الذي اعتبرته صادما وغير متوقع في ظروف صعبة واستثنائية يمر بها هذا القطاع الذي يرتكز عليه الاقتصاد اليمني كمورد شبه وحيد للعملة الصعبة.
وقررت شركة "أو أم في" النمساوية الانسحاب من قطاع العقلة النفطي في محافظة شبوة جنوب شرقي اليمن ونقل ملكية الشركة إلى مشغل جديد، وهي شركة "سبيك" والتي ليس لها أي حضور سابق أو تواجد في اليمن.
واستهجنت اللجنة النقابية لعمال الشركة المنسحبة قرار تنازلها ونقل ملكيتها إلى مشغل آخر، والذي سيتحمل كافة الالتزامات القانونية والإجرائية والتكاليف اللاحقة.
وقال عضو في اللجنة، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن موظفي القطاع كان لهم الدور الكبير في تشغيله وإعادة إنتاج النفط من الحقول العاملة في محافظة شبوة، لذا فإن هناك رفضا لقرار الشركة المستثمرة في الحقل التي لم تقدم أي ضمانات كافية باستمرار الإنتاج والتكفل بحقوق العمال والموظفين والحفاظ على مكتسباتهم.
ونفى مصدر مسؤول في وزارة النفط والمعادن اليمنية لـ"العربي الجديد"، الاتهامات الموجهة إلى مسؤولين في الوزارة بعملية بيع قطاع العقلة النفطي والمتاجرة بالحقول النفطية اليمنية في ظل معلومات مسربة تفيد بأن هناك حقولاً أخرى في حضرموت سيكون مصيرها مثل قطاع العقلة في شبوة.
وأكد المصدر أن مثل هذه المعلومات تهدف إلى عرقلة الجهود الحكومية في استعادة الإنتاج والتصدير من الحقول المتاحة، إضافة إلى النجاح مؤخراً في استعادة القطاع 5 "جنة هنت" النفطي في منطقة عسيلان بشبوة وإفشال محاولة تسليمه لشركة مجهولة.
وكانت الحكومة اليمنية قد كشفت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عن اتفاق لاستلام شركة بترومسيلة للقطاع 5 (جنة هنت) المتوقف منذ سنوات من مجموعة المقاول (الشركاء) المشغلة للقطاع، واستئناف الشركة عملية الإنتاج من هذا الحقل.
واتهمت الحكومة اليمنية "بعض الشركات الأجنبية باستغلال فترة التوقف كما حدث في قطاع 5 "جنة هنت" النفطي للقيام ببعض العبث المؤسسي في ملكية الحصص، الأمر الذي يتطلب الوقوف بحزم ضد هذه التصرفات والشركات المجهولة حفاظاً على حقوق الدولة السيادية والعمل على استئناف عملية الإنتاج" وفق بيان لها.
وسارعت وزارة النفط والمعادن بالإعلان عن تشكيل فريق قانوني وفني ومالي وتعزيزه بعدد من الاستشاريين والقانونيين الدوليين لدراسة قرار شركة "أو أم أف" النمساوية تنازلها عن الامتياز الممنوح لها في قطاع العقلة "تو اس" بمحافظة شبوة.
الفريق الوزاري الذي تم تشكيله من المفترض أن يعمل على دراسة إجراء الشركة النفطية ومدى خضوعه للقوانين والاتفاقيات المنظمة والأحكام والشروط الواردة في اتفاقية المشاركة بالإنتاج، وبما يحفظ حقوق ومصالح الوزارة واتخاذ الإجراءات القانونية والفنية إزاء ذلك"، إضافة إلى بحث التزامات الشركة المالية وشروط التخلي عن حق الامتياز في القطاع، على أن يتم ذلك وفقا لاتفاقية المشاركة في الإنتاج، بحيث تكون الشركة البديلة مؤهلة وتمتلك القدرة الكاملة والخبرة في الصناعة النفطية ومعترف بها دوليا.
المستشار القانوني عمار جبران يوضح في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن منظومة العمل في هذا القطاع تحكمها اتفاقيات وعقود ملزمة موقعة مع جهة سيادية متمثلة بوزارة النفط والمعادن في اليمن، لذا فإن أي قرار يجب أن يخضع لبنود هذه الاتفاقيات، إذ تتيح القوانين هنا المجال لأي جهة استثمارية بيع حصتها أو اتخاذ أي قرار في هذا الاتجاه، لكن يجب أن يكون ذلك وفق إجراءات تشريعية سليمة بالتشاور مع الطرف الآخر الموقع معه عقد الامتياز والتشغيل للقطاع.
وتم اكتشاف النفط في حقل العقلة بمحافظة شبوة من قبل الشركة المشغلة النمساوية "أو أم في" عام 2006، بتقدير حجم النفط المثبت القابل للاستخراج في هذا القطاع بنسبة تتراوح ما بين 50 - 173 مليون برميل قابل للزيادة مع استكمال الحفر التقييمي وزيادة الأعمال الاستكشافية في منطقة التنمية بالقطاع. فيما يقدر حجم الإنتاج اليومي حالياً من قطاع العقلة "تو اس" في شبوة بنحو 20 ألف برميل، فيما تصل احتياطاته النفطية إلى حوالي 200 مليون برميل.
الخبير في الهيئة اليمنية للاستكشافات النفطية والغازية عادل سلطان يشرح في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قطاع العقلة النفطي من الحقول المستكشفة حديثاً في اليمن، والذي جاء بعد عمليات بحث واستكشافات مكثفة استمرت فترة طويلة في طبقات صخور الأساس، وهو ما شكل بارقة أمل واسعة للتوسع في الرقعة الجغرافية والخارطة النفطية في اليمن التي ظلت لفترة طويلة معتمدة على قطاع المسيلة في حضرموت ومن ثم صافر في محافظتي مأرب والجوف شرقي اليمن.
وتقدر بيانات رسمية المخزون النفطي في اليمن بحوالي (11.950) مليار برميل منها (4.788) مليارات برميل نفط قابل للاستخراج بالطرق الأولية والحالية، فيما يبلغ إجمالي النفط المنتج حتى نهاية العام 2019 وهو إنتاج تراكمي لجميع القطاعات منذ 2015 حوالي 3 مليارات برميل، بينما يصل إجمالي المخزون الغازي إلى نحو (18.283) تريليون قدم مكعبة.
ويرى خبراء اقتصاد أن الظرف الراهن الذي يمر به اليمن يتطلب المحافظة على الشركات الأجنبية المشغلة للقطاعات النفطية اليمنية، وجلب استثمارات أجنبية إضافية لاستغلال القطاعات الإنتاجية الواعدة ورفد الاقتصاد اليمني وتعزيزه. الباحث الاقتصادي جمال حسن العديني يرى في حديثه مع "العربي الجديد"، أنه مهما كانت دوافع الشركة المتنازلة عن حصتها في قطاع العقلة النفطي، إلا أن قرارها بالانسحاب مؤشر على بيئة الاستثمار في اليمن وخطورتها في ظل ما أفرزته الحرب من أضرار وتعقيدات طاولت جميع القطاعات الاقتصادية.
الجدير بالذكر أن عدد الأحواض الرسوبية التي يمتلكها اليمن تصل إلى نحو 13 حوضاً رسوبياً تتوزع على مساحة كبيرة من البلاد، تؤكد المعلومات الجيولوجية أنها تمتلك مؤشرات جيدة لوجود النفط بكميات كبيرة، في حين يصل عدد اتفاقيات المشاركة في الإنتاج الموقعة في اليمن إلى 83 اتفاقية، بينما الآبار المحفورة فتقدر بنحو 1851 بئراً محفورة في عدد من المناطق اليمنية، منها 429 بئراً استكشافية وحوالي 1422 بئراً تطويرية، إضافة إلى قيام 55 شركة نفطية عالمية بتنفيذ نشاطات استكشافية في 39 قطاعاً منذ بداية الاستكشاف في اليمن.