أهم الأخبار

استراتيجية الحوثيين لإخضاع المجتمع القبلي في عمران

2023-09-19 الساعة 04:53م (يمن سكاي - مبروك المسمري )

في منتصف العام ٢٠١٤م وتحديداً في السابع من يوليو كانت مليشيات الحوثي تُحكم سيطرتها على آخر مناطق محافظة عمران قبل اقتحامها صنعاء والسيطرة عليها.

يتسم المجتمع العمراني بتركيبته القبلية المتماسكة، حيث للقبيلة والقبائل تأثير كبير في إدارة المحافظة، ويعود السبب لتواجد الثقل القبلي المتمثل في أبرز قبيلتين يمنيتين "حاشد" و"بكيل".

السيطرة على القبائل

منذ أن وطئت المليشيات محافظة عمران وضعت نصب أعينها هدف السيطرة على القبيلة وتحشيد القبائل للقتال في صفها، انطلاقاً من إدراكها أن المسلحين القبليين يمثلون عنصراً حاسماً في الوصول إلى صنعاء واستكمال مخطط السيطرة على مؤسسات الدولة.

كانت ابرز الوسائل والحيل التي استخدمتها المليشيات في السيطرة على القبائل إبراز ودعم شخصيات هامشية تضمن ولاءها لها، مما ساهم في تفكك القبيلة وإحداث شروخ في النسيج المجتمعي تمكنت من النفاذ منها لتحقيق أهدافها .

 

سياسة ضرب القبائل ببعضها

استخدم الحوثيون أيضاً سياسة ضرب القبائل ببعضها البعض وعدم البت في حل القضايا القبلية العالقة حتى يظلوا مربوطين بالحركة الحوثية والعناصر التي تعمل لصالحها، إذ سجلت محافظة عمران مستويات غير مسبوقة من العنف القبلي في عام 2022.

ترسيم الحدود

كان لمديرية "حرف سفيان" النصيب الأكبر من مخطط إذكاء الصراعات الذي تبنته مليشيات الحوثي، إذ شهدت المديرية مواجهات عنيفة على فترات متقطعة امتدت من منتصف العام 2022 وحتى منتصف العام الجاري بين قبيلة "سفيان" المنتمية إلى محافظة عمران وقبيلة "ذو محمد" المنتمية إلى محافظة الجوف بسبب خلافات عملت المليشيات على تغذيتها وإثارتها وفق ما ذكرته مصادر قبلية، حيث أفادت المصادر بأن القتال الذي اندلع بين مسلحين من قَبيلتي "ذومحمد" و"سفيان" بمنطقة "العادي" في مديرية "خراب المراشي" بالجوف المحاذية لمديرية "حرف سفيان" بمحافظة عمران، اسفر عن سقوط ما لا يقل عن 22 شخصاً بين قتيل وجريح، وأوضحت المصادر أن المواجهات اندلعت إثر نزاع على أراض بين القبيلتين، وأكدت المصادر أن جماعة الحوثي غذت وأثارت النزاع بين القبيلتين انتقاماً منهما على خلفية رفضهما في أوقات سابقة مد جبهاتها بمقاتلين جدد.

في يناير 2023، حدثت اشتباكات مسلحة بين قبائل "جبل يزيد" "جوب" التابعة لقبيلة بكيل وقبائل "المنجدة" التابعة لقبيلة حاشد في منطقة "جوب" بسبب مساقي زراعية تم الفصل فيها قبل أكثر من 30 عاماً.

الاشتباكات حصلت إثر خلافات غذتها قيادات من جماعة الحوثي وأثارت الخلاف بين القبائل حول الأراضي التي تقع في الحدود القبلية بين القبيلتين، ونتج عن تلك الاشتباكات قتلى وجرحى من الطرفين فيما نجحت المليشيات في تنفيذ خططها بعد تدخلها وأخذ رهائن من الطرفين والبدء بعملية ترسيم الحدود القبلية من جديد وجعلها محل خلاف سيتجدد في أي لحظة بين القبيلتين.

في سياق متصل اندلعت اشتباكات عنيفة مطلع شهر فبراير 2023 استمرت لمدة ثلاثة أيام متتالية بين قبيلة "الخُبلان" التابعة لمديرية "حرف سفيان" وقبيلة "ذو فارع" التابعة لمديرية "حوث" إثر خلافات على الحدود القبلية بين القبيلتين نتج عن الاشتباكات مقتل وجرح ما لا يقل عن ٦ اشخاص من الطرفين، إثر ذلك أرسلت المليشيات حملة عسكرية من إدارة أمن المحافظة بغرض التهدئة وتنفيذ سياسة ترسيم الحدود بين القبائل لخلق بؤرة صراع مستدام ، فيما كشفت المصادر عن تورط قيادات حوثية في إذكاء هذه المشكلة التي تم حلها بصلح قبلي بين الطرفين منذ عشرات السنين.

في يوليو 2023 ، سقط عدد من القتلى و الجرحى من أبناء القبائل وإحراق مركبات في مواجهات مسلحة بين أهالي قرية قينة وأهالي قرية الأبرق في مديرية جبل عيال يزيد، بسبب خلافات على مساقي مياه، عملت قيادات حوثية على تغذية الخلافات.

المصادر أكدت بأن من أشعل نار الفتنة بين قرى "الأبرق" و"قينة" هو القيادي الحوثي "سمير الضياني" المعين من قبل المليشيات مديراً لأمن مديرية "جبل يزيد".

المصادر أوضحت ايضاً أن الاشتباكات وقعت بعد تدخل قيادات في عصابة الحوثي لتغذية الصراع وزعزعة الاستقرار الاجتماعي في المنطقة والتي تعمل على إضعاف القبيلة اليمنية لإثارة الصراعات بين فروعها المختلفة ليتسنى لها اخضاعها لسلطتها الطائفية .

الجدير ذكره أن قبائل "قينه" و"الأبرق" لم يحدث لهما الاقتتال أو الإختلاف سابقاً، وتعيش القبيلتان في وئام وسلام دائم حتى ظهور جماعة الحوثي التي غذت ذلك الخلاف ودعمته بهدف السيطرة على الجبل المختلف عليه، حيث قامت المليشيات بتحويل مكان الاشتباكات إلى موقع عسكري خاص بها، فيما تقول المصادر إن المليشيات سيطرت على جبل "صليل" بهدف التنقيب فيه عن المعادن واستخراج الأحجار واستثمارها لصالح الجماعة .

البسط على الأراضي

في مديرية عمران استخدمت المليشيات اسلوباً آخر في إثارة الصراعات القبلية وتوظيفها لصالحها، حيث شهدت مديرية عمران عملية سطو وبسط على الأراضي تحت مسمى "اراضي الأوقاف"، الأمر الذي تسبب في إذكاء صراعات قبلية تطورت إلى اشتباكات ومواجهات مسلحة بين القبائل وبين مليشيات الحوثي.

في اغسطس 2023، اندلعت اشتباكات عنيفة نتج عنها ما يقارب من 8 قتلى و 12 جريحاً بين قبائل "بيت بادي" و"الحجز" من جهة، وبين عناصر مليشيات الحوثي الذين حاولوا البسط والسيطرة على اراضي تتبع قبائل "بيت بادي" و"الحجز" تحت ذريعة أنها أراضي تتبع الأوقاف ولا يمتلك أحد وثائق تثبت ملكيته على الأرض، وقالت المصادر إن قيادياً حوثياً يدعى "السريع" تلقى دعماً مالياً وأسلحة من القيادي الحوثي ابوعلي الحاكم للقيام بعملية البسط والسطو على أراضي القبائل بمنطقة "حروة" الواقعة على الخط الرابط بين محافظتي عمران و حجة، بهدف استثمارها لصالح القيادي في جماعة الحوثي أبوعلي الحاكم .

لجان المشاكل

في مديرية حبور ظليمة انتهجت المليشيات استراتيجية جديدة وقد تبدو غريبة، حيث شكلت قيادة جماعة الحوثي لجاناً أسمتها "لجان حل المشاكل العالقة بالمديرية".. الغريب في الأمر أنه لم يكن هناك مشاكل مثارة بين القبائل قبل تشكيل هذه اللجان، وبعد إعلان تشكيلها ونزولها الميداني إلى عزل وقرى مديرية ظليمة ظهرت مشاكل وصراعات على الأراضي والمناطق الحدودية التي تفصل مديرية "ظليمة" وباقي المديريات المجاورة لها.

في سبتمبر 2022 اندلعت اشتباكات بين قبائل "الزواقر" التابعة لمديرية ظليمة وبين قبائل "غربان" التابعة لمديرية خمر إثر خلافات على مساقي مياه وأرض زراعية في منطقة "حيثة" ووادي "عصمان" الفاصل بين المديريتين.

كما تم رصد خلافات بين قبائل ظليمة وقبائل تتبع مديرية شهارة على أراضي فاصلة بين المديريتين، تقول المصادر إن مشكلة هذه الأراضي تم حلها منذ عشرات السنين واتفقوا عليها ولم يكن هناك خلاف حتى قامت جماعة الحوثي بإرسال أشخاص محسوبين عليها لإثارة الصراعات في تلك المنطقة.

الاستراتيجية نفسها نفذتها المليشيات في إثارة الصراع بين قبائل "صوير" التابعة إدارياً لمحافظة عمران وقبائل الجميمة التابعة إدارياً لمحافظة حجة، في نهاية العام 2021 قام مجموعة من العناصر المنتمية لجماعة الحوثي بتفجير حصن أثري قديم يقع في تلة فاصلة بين مدريتي "صوير" و"الجميمة" مما تسبب في حشد قبلي من الطرفين واندلاع اشتباكات استمرت لساعات قبل تدخل وساطات قبلية لإيقافها وإعلان صلح قبلي دون التوصل إلى حل لتلك المشكلة.

صراع الأقارب

في مديريَتيَّ خمر وبني صريم ظهرت سياسة جديدة انتهجتها قيادة جماعة الحوثي تمثلت بإثارة الصراع داخل الأسرة والعائلة الواحدة بين أبناء قبائل بني صريم.

حيث تم تسجيل ما يقارب من ١٢٣ مشكلة نزاع بين الأقارب على أراضي وعقارات ومحال تجارية بمديريتي خمر وبني صريم، وتطورت تلك الصراعات إلى حوادث قتل، حيث تم رصد وتسجيل ١٦ حادثة قتل أقارب في المديريتين خلال عامي 2022_2023، ولازالت تلك القضايا عالقة دون التوصل إلى حلول تنهي تلك المشاكل.

نفس هذه السياسة انتهجها الحوثيون في إثارة الصراع بين قبائل "الغولة" التابعة لمديرية ريدة، حيث نشبت اشتباكات بين قبائل بيت "أبوعلي" وقبائل "بيت عويدين" في منطقة "الغولة" نتج عنه مقتل شخص من بيت "أبوعلي" إثر خلافات على أرض زراعية واستمرت الاشتباكات ليلة كاملة بمختلف أنواع الأسلحة قبل أن تتوقف إثر تدخل وساطة قبلية ألزمت الطرفين بالدخول تحت ما يسمى "صلح عام" في ترحيل وتراكم للقضايا والثارات القبلية.

وتأكيداً لما سبق ذكرت وسائل اعلامية تابعة لجماعة الحوثيين ارقام مخيفة لعدد جرائم القتل المتعمد التي حصلت في المحافظة خلال عام واحد.

حيث ذكر تقرير صحفي نشرته وسائل إعلام تابعة لجماعة الحوثيين في عمران رصد 149 قضية قتل متعمد في مديريات محافظة عمران خلال النصف الأول من العام الجاري 2023م ، تم ترحيل اغلب هذة القضايا تحت سياسة "مشكلة وثور" وأصبح القتله في مأمن بل اغلبهم التحق بجماعة الحوثي لتأمين نفسه والنجاة من العقاب المحتوم.

 

المصدر اونلاين

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص