2024-02-02 الساعة 10:05م (يمن سكاي - )
تداولت الصحافة الغربية خلال الأيام الماضية، تحليلات بشأن دور الصين في التأثير باليمن، وتحديدا على جماعة الحوثي التي تشن هجمات منذ نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، في البحر الأحمر وخليج عدن ضد السفن الإسرائيلية، ومنذ مطلع يناير هاجمت سفناً أمريكية وبريطانية.
موقع "يمن شباب نت" رصد أبرز التحليلات، والتي رأت ان الصين لا تريد التدخل في قضايا الشرق الأوسط وتعتبر الحروب وحالة اللاستقرار نتيجة لأخطاء واشنطن في المنطقة، لكنها تخشى من هجمات البحر ان تؤثر على نقل بضائعها، حيث عمدت السفن الصينية على توضيح ان لا علاقة لها بإسرائيل او الولايات المتحدة.
وتساءلت مجلة ايكونوميست Economist البريطانية "هل الصين منتصرة من هجمات البحر الأحمر؟"، وأشارت إلى مساع صينية لجني فوائد سياسية مما أسمته بـ "أزمة السويس الجديدة"، في إشارة لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
وقالت المجلة، بأنه برغم القلق الأمريكي من النفوذ العالمي المتنامي للصين، كان المسؤولون الأمريكيون يحثون الصين على إظهار بعض روح القوة العظمى من خلال المساعدة في حل أزمة حقيقية في المنطقة منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، عندما بدأ الحوثيون مهاجمة السفن في البحر الأحمر.
وبحسب المجلة، خلال 12 ساعة من الاجتماعات يومي 26 و27 يناير في بانكوك، حاول مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، إقناع وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، بأن نفوذ الصين يمكن استخدامه لوقف التهديد الذي يهدد شريانًا رئيسيًا للتجارة العالمية.
ولكن الصين، بحسب التحليل، تنظر إلى مسؤولياتها بشكل مختلف. وهي لا تريد استعراض عضلاتها في الشرق الأوسط، حيث تنظر الصين إلى أمن المنطقة باعتباره مستنقعاً من صنع أميركا، وهي تستغل الفرصة للحديث عن التضامن مع العالم العربي.
وأشارت المجلة، بأن أمريكا تعتقد أن إيران تشجع الحوثيين وأن الصين، التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع الحكومة في طهران، يمكن أن تساعد في إقناع البلاد بوقف هجمات البحر الأحمر. ووفقا لمسؤول أمريكي رفيع، أكد سوليفان على ذلك خلال اجتماعه مع وانغ في بانكوك.
وتقول رويترز إنه خلال العديد من اللقاءات الأخيرة في بكين وطهران، طلب المسؤولون الصينيون بالفعل من نظرائهم الإيرانيين كبح جماح الحوثيين. ونقلت وكالة الأنباء الصينية عن مسؤول إيراني قوله إن الرسالة الصينية كانت كالتالي: "إذا تضررت مصالحنا بأي شكل من الأشكال، فسوف يؤثر ذلك على أعمالنا مع طهران". وقال المسؤول الأمريكي إن الصين أكدت أنها تتحدث مع إيران بشأن الهجمات.
ولكن في الوقت الحاضر يبدو أن الصين تعتقد أن التهديد الذي يشكله الحوثيون محتمل. وقالت شركة كوسكو إنها ستعيد توجيه سفنها حول رأس الرجاء الصالح وستتوقف عن تسليم السفن إلى إسرائيل، لكن بعض سفنها واصلت الإبحار في البحر الأحمر.
وتحاول السفن حماية نفسها من هجمات الحوثيين من خلال توضيح الارتباط مع الصين في أنظمة التعريف الآلية الخاصة بها - أجهزة الإرسال والاستقبال التي يتم تركيبها على السفن التي تزيد حمولتها عن طن معين في الرحلات الدولية.
وفقاً لتحليل لمعهد بروكينجز Brookings الأمريكي، تؤثر هجمات الحوثيين على كل من الصين، المعرضة لتعطيل التجارة بسبب الهجمات، وروسيا، التي استهدفت هجمات الحوثيين سفنها النفطية بشكل متكرر عن طريق الخطأ. حيث يساعد هذا في تفسير سبب تمكن الولايات المتحدة من الحصول على قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدين هجمات الحوثيين.
ومع ذلك، يؤكد التحليل بأن تشكيل جبهة دولية موحدة هو أمر غير ممكن؛ حيث قال بأنه في خضم التوترات الجيوسياسية الأوسع، ترى الصين وروسيا أن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط يمثل فرصة لانتقاد الولايات المتحدة. وذكر المعهد بأن وعود الحوثيين بعدم مهاجمة السفن الروسية والصينية "تسعى إلى مزيد من تمزيق الوحدة الدولية".
وبحسب التحليل فإنه وفي ضوء البيئة الجيوسياسية وتواصل الحوثيين النشط مع روسيا والصين، من غير المرجح اتخاذ إجراءات متعددة الأطراف (مثل عقوبات للأمم المتحدة ضد الجهات الحوثية).
دور متغير وفقاً لعوامل وإستراتيجية وعوامل الخارجية
من جانبها، خلصت دراسة نشرها مركز ستمبسون Stimson الأمريكي حول سياسة بكين الحالية في اليمن، إلى أن للصين دور متغير فيما يخص اليمن بحيث يصبح من الواضح أنها تأخذ في الحسبان عدة جوانب في حساباتها الدبلوماسية.
فمنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، يبدو أن اهتمام بكين بالبلاد كان مدفوعًا بالكامل بحسابات استراتيجية أوسع نظرًا لموقع اليمن الجيوستراتيجي والعوامل الخارجية بدلاً من قضية داخلية محددة.
ويرجع ذلك جزئيًا على الأقل إلى الحقائق الجغرافية وحقيقة أن البلاد ربما تكون بعيدة جدًا عن الصين بحيث لا تؤثر بشكل مباشر على بعض المصالح الأساسية لبكين مثل الأمن الداخلي. ويبدو أن هذه الجوانب أبقت الصين على مسافة بعيدة لعقود من الزمن وساهمت في عدم تحول بكين إلى لاعب غزير الإنتاج في البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أنها مرتبطة بشكل مباشر بعلاقات الصين الضعيفة والمحدودة مع الحوثيين، وبالتالي عدم قدرتها على ممارسة أي نفوذ ملموس على الجماعة.
ربما يكون الافتقار إلى المصلحة الأمنية المباشرة التي لديها القدرة على التأثير على الاستقرار الداخلي الصيني أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت محاولة الصين لتسهيل نوع ما من الحوار بين الجانبين المتعارضين لم تترجم قط إلى نهج أكثر جوهرية للوساطة. ويبدو أن هذا أيضًا أحد الاختلافات بين الصين والقوى الكبرى الأخرى التي تشارك في جهود مماثلة.
وفي حين أنه من المعقول الافتراض أن الدول الأخرى تنظر أيضًا إلى مثل هذه الأماكن باعتبارها فرصة لاستعراض قوتها الناعمة، إلا أن هذا يبدو بالنسبة لبكين مصدر قلق ثانوي. ففي الواقع، يمكن للمرء أن يجادل بأن الاهتمام الصيني باليمن ركز منذ البداية بشكل أساسي على إبراز قوة الصين في المنطقة.
ومع تنامي علاقات بكين مع المملكة العربية السعودية باعتبارها واحدة من الركائز الأساسية لسياسة الصين في الشرق الأوسط، لم يكن أمام البلاد خيار سوى أن تحذو حذو المملكة في الصراع في اليمن.