2024-07-30 الساعة 07:40م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
فنّد الباحث والصحفي، “خطاب الروحاني”، رواية مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، بشأن ما زعمت أنه "اعترافات" بثّتها وسائلها الإعلامية لمختطفين ادعت أنهم أعضاء في "خلايا تجسس" تعمل لصالح الولايات المتحدة والكيان الصهيوني.
في 10 يونيو/حزيران 2024، بثّت وسائل الإعلام الحوثية تسجيلات لـ10 موظفين سابقين بالسفارة الأمريكية، ووكالة التنمية الأمريكية، مختطفين منذ نحو 3 سنوات، يدلون باعترافات على أنهم جواسيس لأمريكا وإسرائيل.
الباحث "الروحاني"، وقف على مضامين هذه التسجيلات، وأخضعها للتدقيق، والتحليل، والنقد. وأوضح خلال عرض مرئي تحت عنوان "كلام وقيص"، حقيقة ما روّجه الحوثيون، مبيّنًا أهدافهم من وراء هذه الخطوة، ومخاطرها على مستقبل البلاد والشعب.
خلايا مفاجئة
أوضح "الروحاني"، أن الموظفين المختطفين الذين ظهروا في التسجيلات يمثلون ثلاث مؤسسات هي: السفارات الأجنبية، منظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية، ومنظمات الإغاثة. موضحًا الفرق بين هذه المؤسسات؛ لتوضيح كيفية العمل وسياقه وقانونيته، ولماذا "بعض ما قيل بدا وكأنه ضمن مؤامرة".
وبيّن أن عمل كل سفارة هو حماية مصالح بلادها الاقتصادية والسياسية والثقافية، وبالتالي من المتوقع أن يكون ضمن عمل السفارات الأجنبية في بلادنا أنشطة ترويجية لبلادهم ولثقافتهم، مثلما هو متوقع من سفاراتنا أن تقوم بدور مشابه.
وعن طبيعة عمل المختطفين من منظمات المجتمع المدني، قال إن كل مشروع ينفذوه يأخذوا فيه إذنًا من وزارة التخطيط، وخصوصًا في صنعاء.
وأكد أنه لا يوجد مشروع واحد يتنفذ إلا ويشارك فيه الحوثيون، ويوافقون عليه مسبقًا، ويفرضون عليهم موظفين من أقارب المشرفين، والذين بدورهم يستلمون رواتب أكثر من بقية الموظفين.
وبعد كل هذا قال متسائلًا: لماذا فجأة صاروا خلية تجسس بعد 9 سنوات من نهبهم؟
حكاية الأغبري
في البداية، استعرض الروحاني، اعترافات "عامر الأغبري"، وهو موظف يمني سابق بالسفارة الأمريكية، اختطفه الحوثيون في أكتوبر 2021، وأخفوه قسريًّا حتى ظهوره ضمن التسجيلات الحوثية.
وقال "الأغبري" خلال التسجيلات، إنه كُلف أثناء عمله في الوكالة الأمريكية بنقل معظم الآفات الزراعية والمبيدات السامة إلى المحافظات اليمنية.
وحول هذا، أورد "الروحاني"، ملاحظتين، الأولى أن "المشاريع التي تنفذها الوكالة الأمريكية للتنمية (شبه رسمية)، دائمًا تكون بالشراكة مع المؤسسات المحلية أو الحكومية أو بموافقتها. وثانيًا، كل مشروع يمر بمراحل مختلفة من التدقيق أغلبه معلن".
وقال: لو كان هناك عمل غرضه الإضرار المقصود، فهناك طرق أفضل، وأسهل، وأكثر أمنًا لتنفيذه، خصوصًا في هذا الجانب بدلًا من أن تتحمل الوكالة الوزر علنًا فيما لو تم اكتشافه.
ومن التهم الموجهة للأغبري، أنه شارك بتنفيذ الاستراتيجية الأمريكية لإضعاف التعليم واستنساخ كتب القراءة للصفوف الأولى من نموذج إسرائيلي تم تطبيقه في الأردن.
وهنا تساءل "الروحاني"، أين التغييرات التي أجراها الأغبري في المناهج؟ وما الضعف الذي أحدثه في التعليم؟ وكم الطلاب المتسربين؟.
وفي المقابل، تحدث عما أحدثه يحيى الحوثي، شقيق زعيم الجماعة منذ توليه وزارة التربية والتعليم، من تغيير للمناهج، وإغلاق للمدارس، ومصادرة رواتب الموظفين، وتجنيد طلاب المدارس لرفد جبهات القتال؟. متسائلًا من الذي يشتغل لإضعاف التعليم، يحيى الحوثي أم الأغبري؟.
وإجمالًا، قال إن "كل مشاريع التعليم، ومشاريع اليونسيف، تمت بموافقة ومشاركة يحيى الحوثي". متسائلًا: لماذا لا يعتقل يحيى الحوثي، بتهمة التجسس لصالح اليونيسف وأمريكا؟
حكاية الهمداني
وتطرق إلى حكاية المختطف "شائف الهمداني"، والذي وصفه الحوثيون بأنه "من أبرز الجواسيس" لصالح أمريكا وإسرائيل منذ 24 سنة، أي مدّة عمله كموظف في الملحقية الثقافية والإعلامية بالسفارة الأمريكية منذ عام 1997، ومع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
ومن التهم الموجهة له أنه "رصد أماكن إطلاق الصواريخ الباليستية، والطيران المسيّر، والمنشآت العسكرية، ووضع الجبهات، وأيضًا الوضع الاقتصادي وأوضاع المواد الغذائية والوقود ومعاناة المواطنين جراء الحرب".
وهنا، قال "الروحاني"، إن كل منظمة، وسفارة، ومؤسسة، وفي كل بلد تقوم برصد معلومات وتحليلها، وبعض الأوقات نشرها لمحاولة فهم المجتمع والأوضاع العامة في البلاد، إضافة لمراكز التأثير والمؤثرين وسبل التعامل والتفاهم معهم.
مضيفًا: “حتى الشركات قبل أن تدخل كل بلد تقوم بعمل بحوث معمقة لفهم كيف يفكر المجتمع ويتحرك ويشتري ويكره ويحب”.
وأكد أن "هذه معلومات عامة، وتتسابق شركات الاستشارات والمؤسسات البحثية في جمعها للمعلومة وتحليلها”. مؤكدًا أن “هذه المعلومات متوفرة، وبشكل أكثر ترتيبًا في البلدان المتقدمة".
وبشأن تهمة رصد أماكن إطلاق الصواريخ، قال "الروحاني"، إن "أمريكا لديها أكثر من 3500 قمر صناعي وتجسسي، وليست بحاجة للمسن الهمداني ليتسلق الجبال كي يرصد لها من أين تطلق صواريخ الحوثي".
وما يتعلق بالوضع الاقتصادي والإنساني، استغرب "الروحاني"، إن الأمم المتحدة أعلنت اليمن كحالة طوارئ من المستوى الثالث في العام 2015، ومن حينها باتت هي المعنية بالاستجابة للأزمة الإنسانية في اليمن عبر 200 وكالة ومنظمة إغاثية وإنسانية متواجدة ميدانيًا.
وأضاف أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا)، ينشر تقارير استجابة سنوية تتضمن معلومات تفصيلية عن معاناة اليمنيين واحتياجاتهم، متسائلًا لماذا بحث وحديث الهمداني عن معاناة اليمنيين تهمة؟
الهمداني وشفرة البنك
والتهمة الأبرز الموجهة للهمداني، هي أنه عام 2016 كُلّف من نائب السفير الأمريكي باستلام "شفرة البنك المركزي" من إبراهيم النهاري، وكيل البنك للشؤون الخارجية، ونقلها إلى العاصمة المؤقتة عدن، وتسليمها لـشخص يدعى "علي الهمداني"، زعموا أنه مسؤول قسم النقد الدولي بمركزي عدن.
وبشأنها، أوضح "الروحاني"، ثلاث حقائق، أولها قال إنه "لا يوجد شيء اسمه شفره البنك وكل البنوك تعمل بـ"نظام السويفت" العالمي".
مبينًا أن "البنك المركزي اليمني بعد نقل مقره الرئيس من صنعاء إلى عدن، تواصل مع شركة "سويفت" في بلجيكا، لتفعيل النظام الخاص به، كونها من تعطي صلاحية إدارة النظام للبنوك المركزية في الدول، ولكون البنك معترف به دوليًا استجابت الشركة فورًا، وبالتالي ما ذكره الحوثيون بشأن تهريب الشفرة اختراع يبين لك مستوى التعذيب اللي تعرض له المعتقلين حتى يعترفوا بشي غير منطقي وغير موجود بالأساس".
وحول زعمهم أن "الهمداني"، استلم "الشفرة" من "النهاري"، أوضح أن الأخير، وكيلًا لمركزي صنعاء, ومعين من قبل الحوثي (الصماد)، وغادر إلى واشنطن قبل قرار نقل البنك المركزي إلى عدن، وما يزال هناك، وعلى تواصل بمركزي صنعاء للآن.
وقال: لو افترضنا جدلًا صحة القول، فالنهاري متواجد بأمريكا، وكان بإمكان محافظ البنك المركزي في عدن أو أي موظف الذهاب إليه لأخذها، بدلاً من إيصالها إلى شخص في صنعاء ليقوم بنقلها إلى عدن. مضيفًا: ولو تماشينا مع التهمة فالبنك يمني ومقره مدينة عدن، وهذا ينفي تهمة التجسس عن الهمداني لأمريكا كما يزعمون”.
والحقيقة الثالثة، تتعلق بأحد الذين عرضهم الحوثيون في التسجيل باسم "علي الهمداني"، وزعموا أنه عمل في بنوك تجارية يمنية، وتولى منصب "مدير إدارة النقد الدولي بمركزي عدن 2018".
والمفاجأة هنا، وفق الروحاني، أنه "لا يوجد شخص بهذا الاسم في مركزي عدن، ولا إدارة بهذا المسمى إطلاقاً". معتبرًا هذا "دليل إضافي يثبت أن التهم زائفة".
الحرازي وبرودجي
وإلى ذلك، تطرق "الروحاني"، إلى قضيّة عدنان الحرازي (51 سنة)، مؤسس ومدير شركتي برودجي سيستمز، والذي اختطفه الحوثيون وحكموا عليه بالإعدام ومصادرة ممتلكاته وشركته، ضمن حكم بإعدام 45 مختطفًا.
وللتغطية على هذه الأحكام، نفذ الحوثيون حملات اختطافات لموظفي المنظمات الدولية، وخلال أيام بلغ عددهم 70 موظفًا بينهم 5 نساء، وللتغطية على هذا أيضًا نشروا الاعترافات المزعومة لخلايا التجسس، وفق الروحاني.
والتهمة الموجهة للحرازي وشركته هي التخابر لصالح أمريكا وبريطانيا، من خلال عمله مع منظمات دولية وهيئات تتبع هاتين الدولتين، ومنها البنك الدولي، والمجلس الثقافي البريطاني.
وتمثّلت التهمة الأولى، وفق عريضة الاتهام في: توفير بيانات جغرافية ديموغرافية لهذه المنظمات.
وقبل تقييم هذه التهمة، نوه "الروحاني" لثلاثة أمور: أولها أن "كل المنظمات الأممية والدولية، فيها البنك الدولي، مقراتها الرئيسية في صنعاء، وتعمل تحت إشراف سلطات جماعة الحوثي، بل وتتحكم بكل تفاصيل أنشطتها وتحركاتها". وثانيًا، شركة الحرازي تمارس أعمالها بتراخيص من سلطات الحوثي وتحت إشرافها ورقابتها.
والأمر الثالث، أن "أعمال الرقابة على المشاريع الإنسانية التي نفذتها شركة الحرازي مع البنك الدولي كانت سلطات الحوثي ممثلة فيها، ونفذت تلك المشاريع جهات حوثية”. متسائلًا: “كيف يعتبرون الحرازي وحده جاسوس لصالح أمريكا؟".
وعن التهمة، أوضح "الروحاني"، أن البيانات التي ذكروها متوفرة بالتفصيل في موقع الجهاز المركزي للإحصاء، ولدى المنظمات الدولية من خلال الجهات الرسمية ومنها الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي ينفذ مسوحات شاملة.
وفيما يتعلق بتوفير خرائط وبيانات جغرافية للمرافق الحكومية، وللمحلات التجارية والصحية، نفى "الروحاني"، أن تكون معلومات خطيرة، وقال إن مواقع الدول والمدن متوفرة في المكتبات، ومكاتب الاتحادات، والجمعيات المختصة بالاسم والعنوان والإيميل لكل محل تجاري وصحي، ومقسمة ومرتبة حسب الاهتمام.
وبشأن "تقديم بيانات تقييم بيئة الأعمال للقطاع الخاص"، قال "الروحاني"، إن هذا المشروع سبق ونفذته جهات عدّة، ومنها الصندوق الاجتماعي للتنمية، متسائلاً "كيف يمكن اعتبار عمل مهم مثل هذا تخابر أو خطر اقتصادي، وهو يصب في صميم دعم وفهم الاقتصاد في البلد؟".
برامج السفارات
ولفت "الروحاني"، إلى المحتوى الدعائي الذي روّجه الحوثيون بشأن "برامج السفارات" في اليمن، وزعموا أنها "تغير من عقول الشباب، وتهدد الهوية الإيمانية"، ومنها برنامج الزائر الدولي، ومعاهد اللغة الإنجليزية.
وسخر "الروحاني"، من هذه المزاعم. وتماشيًا مع هذه المزاعم، تساءل ساخرًا، لماذا لا تقوم الجماعة بتنفيذ برامج مماثلة، وقال: "علموا اللغة العربية في بلدان العالم، واعملوا برنامج تبادل ثقافي وزائر دولي لليمن".
وأكد أنه لا يوجد دولة محترمة في العالم لا تمتلك برامج تبادل ثقافي، معتبرًا هذا "صلب عمل الملحقيات الثقافية".
نظرية المؤامرة
وإجمالًا، قال "الروحاني"، إن الحوثيين "يعرفون كما نعرف أن شبكة التجسس عبارة عن ترقيع". موضحًا أن "هدفها- ليس فقط ابتزاز المنظمات، وتسويق نصر موهوم- بل محاولة لعزل اليمن كليًا" عن العالم.
وبرأيه فإن “هذه الخطوة الوحيدة التي ستتيح للحوثي الاستمرار في التجنيد، والتفرد بالدعاية، والتحشيد، انطلاقًا من نظريات المؤامرة، وبث الشائعات، وخلق الأعداء الوهميين باستمرار”.
الحصول على المعلومة
وتحدث الصحافي "الروحاني"، عن مشكلة "غياب المعلومة الصحيحة، والتخندق وراء الشائعات، والخلاصات السريعة، والتي عادة تكون عبارة عن نظريات مؤامرة".
وفي هذا السياق، أكّد أهمّية بذل "جهد أكبر في الحصول على المعلومة”، داعيًا لـ“عدم التسليم أبدًا لما ينشره أي طرف".
ونصح بـ"عدم الاكتفاء مطلقًا بمتابعة طرف واحد دون الآخر"، معتبرًا أن هذه الطريقة الأهم للحصول على المعلومة في موضوع مثل هذا. وقال مخاطبًا الجمهور: "اسمع للطرفين وحكم عقلك".
وحث على "تشجع ما تبقى من صحافة وصحفيين موضوعيين يبحثون عن المعلومة ويبذلون جهد فيها".