2024-10-23 الساعة 08:20م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
بعد سنوات من مطالبة أهالي عزلة الظريفة في مديرية الوازعية (غرب تعز) بإعادة تأهيل وترميم المدرسة الرئيسية التي دمرتها الحرب، فوجئوا بمساعي لإنشاء قسم شرطة في الغرفة الوحيدة المتبقية من المدرسة المدمرة.
مدرسة الميثاق التي تأسست عام 1998، كمنارة علم لعدد من الطلاب في عزلة الظريفة شرق مديرية الوازعية، المدرسة التي كانت تستوعب سنويًا ما يزيد عن 500 طالب، في التعليم الأساسي والثانوي، ويتزايد عليها أقبال الطلاب كل عام
وفي خطوة أثارت الكثير من الجدل والاستياء، في أواخر سبتمبر المنصرم وصلت أطقم عسكرية تابعة لقوات المقاومة الوطنية التابعة للعميد طارق صالح وأبلغت المواطنين عن قرار بإنشاء قسم شرطة في الغرفة الوحيدة المتبقية من هذه المدرسة
شعر الأهالي بخيبة أمل كبيرة تجاه هذه الخطوة التي أقدمت عليها قوات "المقاومة الوطنية"، بعد خيبة طويلة نتجت عن عدم تجاوب السلطة المحلية لمطالبتهم المستمرة لإعادة تأهيل المدرسة وعدد من المدارس المدمرة.
وتعد عزلة الظريفة ثاني أكبر عزلة من حيث الكثافة السكانية في مديرية الوازعية وتقع العزلة بمحاذاة مديرية الشمايتين في تعز ومديرية المضاربة التابعة إداريًا لمحافظة لحج
وتدمرت مدرسة الميثاق نتيجة ضربة جوية لطيران التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات بعد تمركز مليشيا الحوثي بداخلها عقب سيطرتهم على المنطقة أواخر العام 2015 وتعرض مبنى الرئيسي الخاص بها إلى أضرار جسيمة وخرج عن الخدمة.
على الرغم من مرور عقد كامل على استهداف المدرسة بقصف جوي مباشر، إلا أنها لا تزال مدمرة حتى اليوم. ولم تُعرِ الجهات المعنية أو المنظمات الدولية أي اهتمام لحالتها.
سكان محليون قالوا لـ المصدر أونلاين إن قرار إنشاء قسم الشرطة في المدرسة مستفز جدًا وجاء في وقت تتزايد فيه المطالبات بترميم المدرسة وإعادة تأهيلها لتوفير بيئة تعليمية مناسبة أسوة بالمديريات المجاورة
وأضافوا "المدرسة التي تمثل جزءًا هامًا للمنطقة النائية، وننتظر تأهيلها منذ فترة ليست بالقصيرة، فجأة ستصبح مبنى عسكري للمقاومة الوطنية."
يرى السكان أن الأولوية يجب أن تكون في تحسين أوضاع التعليم في المديرية التي ينحدر فيها التعليم نحو الهاوية يومًا بعد آخر، معبرين عن قلقهم الشديد من أن إنشاء قسم الشرطة في المدرسة بدلاً من ترميمها سيؤدي إلى مزيدٍ من تهميش التعليم في المنطقة
كما أعرب الأهالي عن خيبة أملهم من عدم استماع السلطة المحلية لمطالبتهم المستمرة مشيرين إلى أن أصوتهم التي بحت لم تلقَ آذانًا صاغية، مجددين مطالبتهم عبر "المصدرأونلاين" بضرورة إعادة النظر في أمر التعليم في المنطقة والمديرية ككل، مؤكدين أن التعليم يجب أن يكون في مقدمة الأولويات وقبل كل شيء ومستقبل الابناء يعتمد على التعليم وفقط
وأكد أولياء أمور ووجهاء في عزلة الظريفة لـ "المصدر أونلاين" من أن الطرق باتت مغلقة أمام ابناءهم وتوقف معظمهم عن الدراسة، فيما اختار البعض الانتساب للدراسة عن بُعد كخيار بديل واتجه عدد من الطلاب نحو المدينة بحثًا عن فرص تعليمية، وهو خيار صعب أمام الوضع المادي للناس، بينما لجأ آخرون إلى التجنيد كخيار أشد صعوبة
وحصل المصدر أونلاين على عدد واسماء المدارس المدمرة كلياً في المديرية :
1. مدرسة الميثاق في عزلة الظريفة شرق المديرية
2. مدرسة الفقيد عبدالله محمد فارع جنوب المديرية
3. مدرسة الغيل للبنات شمال المديرية
4. مدرسة الوفاق في عزلة المشاولة وسط المديرية
5. مدرسة عزان في عزلة الأحيوق غرب المديرية
وكذلك المدارس المدمرة جزئياً:
1. مدرسة حنة في عزلة المشاولة وسط المديرية
2. مدرسة كريم في عزلة المشاولة وسط المديرية.
وتعتبر مدرسة الوفاق التي تقع على الخط الرئيسي في عزلة المشاولة، من أكثر المدارس تضررا في المديرية وهي مدرسة أساسية من الصف الأول إلى الصف الخامس، تحتوي على 16 فصلًا إضافةً إلى المرافق، لكنها كانت مسرحًا للعمليات العسكرية بين الحوثيين والمقاومة الشعبية آنذاك، وتعرضت للتدمير الكلي، ولم يتبقَّ منها إلا فصول قليلة تحت الأنقاض ويدرس طلابها تحت الأنقاض، وذلك لرفض الآباء نقلهم إلى مدارس أخرى خوفًا من إلغاء المدرسة، وأيضًا بسبب المسافة البعيدة بعض الشيء عن الطلاب في الصفوف الأولية لأن طلاب المدرسة يأتون من مناطق مجاورة لها مثل منطقة حنة السفلى وما حولها؛ أما مدرسة الغيل للبنات فقد تم بناؤها حديثًا، لكن لم يدرس فيها الطالبات، فقد تدمرت قبل افتتاحها حيث كان من المقرر فصل الطالبات عن الطلاب، وهي تحتوي على 3 فصول مع المرافق والسور.. حاليًا، يدرس الطلاب والطالبات معًا في مدرسة الغيل (المختلطة).
مدير مكتب التربية والتعليم في الوازعية أ. علي الظرافي في حديثه لـ "المصدر أونلاين" عن مدرسة الميثاق قال: "علاوة على الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمبنى القديم للمدرسة أيضًا، استمر الطلاب في الانتقال إليه والدراسة فيه كحل بديل، نظراً لعدم وجود بدائل أخرى مناسبة".
وتسبب عدم توفر مبنى مناسب للمدرسة في تسرب الطلاب من الدراسة، بالإضافة إلى نقص المعلمين والأثاث المدرسي ناهيك عن أن المواطنون يواجهون وضعًا اقتصاديًا صعبًا يؤثر على قدرتهم على متابعة التعليم، بحسب حديث الظرافي.
و يكمل الظرافي: "تعتبرالثانوية الوحيدة في مناطق شرق المديرية، إذ تستفيد منها كل قرى عزلة الظريفة وقرى عزلة البوكرة بالإضافة إلى قرى عزلة العلقمة في مديرية الشمايتين، وبعض القرى من مديرية المضاربة في محافظة لحج"
وعن ترميم المدارس يؤكد الظرافي، "رفعنا بدراسات إلى مكتب التخطيط ومكتب التربية والتعليم في محافظة تعز وكلاستر الساحل ومنظمات أخرى لإعادة ترميم المدارس لكن لا إجابة حتى الآن. مشيرًا إلى أن المنظمات ترفض التدخل، بحجة أن الإصلاحات تحتاج إلى مبالغ مالية ضخمة، بينما تظل مواردها غير كافية للترميم".
ويضيف الظرافي "العملية التعليمية في المنطقة تأثرت بشدة مع وصول الحرب، ونزح العديد من المعلمين، وقتل آخرين ، بينما لا يزال عدد كبير منهم نازحًا إلى اليوم."
وتعتبر مديرية الوازعية من أكثر المديريات التي تضررت بفعل الحرب في شتى المجالات، ويعد التعليم أحد أوجه الضرر البالغ في المديرية النائية التي تعاني من شح في الخدمات الرئيسية فضلاً عن تعرض الخدمات القليلة الموجودة فيها للتدمير، أكثرها ضررًا تدمير المدارس كليًا وجزئيا
وتواجه العملية التعليمية في اليمن تحديات عديدة نتيجة الحرب المستمرة منذ اجتياح مليشيا الحوثي لمحافظات البلاد مطلع العام 2015م ، ما أثر سلباً على الطلاب والمعلمين؛ وتتدهور العملية التعليمية بشكل مستمر فضلاً عن تدمير المدارس الأمر الذي زاد الطين بلة وزاد الحطب في النار ، حيث أغلقت أكثر من 2.500 مدرسة وتأثر نحو 5.4 مليون طالب وطالبة
يتجاوز تدمير المدارس مجرد تدمير للمباني، ليؤثر عميقًا في المجتمع ويحرم الأطفال من فرصة التعليم ، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الأمية لـتتزايد أعداد المتسربين عن التعليم، إذ تفقد بقية مدارس قدرتها على احتواءهم، مما يؤثر سلبًا على مستقبلهم ومستقبل البلاد
وبلغ عدد الطلاب المتسربين من المدارس في لليمن للـعام2021 حوالي 249,000، وفي 2022 زاد إلى 2,415,764، وفي 2023 وصل إلى 2,676,736 وفقًا لتقارير منظمات دولية
وتتزايد المعاناة مع نزوح الأهالي وتباعد المدارس عن مناطق سكن طلاب الأرياف ، مما يضاعف من مخاطر تدني مستوى التعليم ، ويواجه المنقطعون عن التعليم مستقبلاً مظلمًا، حيث يصبحون عرضة لمخاطر التجنيد ومخاطر أخرى كثيرة، مما ينذر بكارثة جهل كبرى قادمة.