أهم الأخبار

برزخ على امتداد سوريا.. الكشف عن السجون السرية وإنقاذ المعتقلين مهمة السوريين الوطنية في أيام ما بعد الأسد

2024-12-09 الساعة 06:20م

بينما كانت دمشق تضج بالاحتفالات إيذاناً بنهاية حقبة حزب البعث ورحيل بشار الأسد، أظهرت كاميرات المراقبة في سجن صيدنايا السيئ الصيت مشاهد مروعة لمعتقلين ما زالوا في زنازينهم، غير مدركين لما يحدث في الخارج.

كانت قوات المعارضة قد اقتحمت السجن وأطلقت سراح مئات المعتقلين، بينهم نساء وأطفال، قبل أن تكتشف وجود أعداد كبيرة منهم في زنازين مظلمة أسفل السجن، يتحركون ويجلسون غير مدركين لما يحدث في الخارج، أو حتى بمحاولات الإنقاذ في السجن نفسه، وفقا للعديد من المصادر.

وهنا بدأ الحديث عن برزخ تحت السجن لا سبيل واضح لبلوغه، وبدأ المئات من الأهالي يتجمعون في المحيط بحثاً عن ذويهم الذين لا يدرون إن كانوا ما زالوا على قيد الحياة، أم اختارتهم اليد الآثمة ضمن ضحايا التسلية اليومية للسجانين.

وبحسب المعلومات المتداولة، يتألف سجن صيدنايا من ستة طوابق، ثلاثة منها فوق الأرض تم تحريرها، فيما تبقى الطوابق السفلية - المعروفة بـ"السجن الأحمر"، "السجن الأبيض"، و"السجن الأصفر" - مغلقة بإحكام تحت الأرض.

يقول الأهالي إن هذه الطوابق معزولة بأبواب سرية معقدة، ما يجعل الوصول إليها مهمة شبه مستحيلة.

ويقبع في السجن الذي يبعد عن العاصمة نحو 30 كم، المئات من السوريين والفلسطينيين من مخيم اليرموك، واللبنانيين، ونقلت قناة الجزيرة عن الأهالي أنهم فقدوا أبناءهم منذ عقد وأكثر، ولا يعرفون عن مصيرهم شيئاً حتى جاء الثوار.

ويقول الأهالي إنه مع انقطاع التيار الكهربائي، أصبحت حياة المعتقلين تحت الأرض أكثر صعوبة، حيث يعانون من نقص حاد في المياه والطعام والهواء، وسط مطالبات متزايدة للمنظمات الدولية والخبراء بالتدخل.

وقال الرئيس التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط للسياسات والدراسات المستقبلية نبيل الحلبي، إن "المشكلة أن مسؤولي النظام الساقط والمكلفين بإدارة هذا السجن السيء الصيت، غادروا وأخذوا كودات (العنبر الأحمر) الأكثر سوءا وعطلوا أجهزة التهوية داخله".

وأضاف على حسابه بمنصة إكس: "هذه الزنازين موجودة في الطوابق السفلية"، مشيراً إلى أن "فرق الإنقاذ تعمل رغم الوسائل البدائية".

ووفقا للأهالي، شوهدت مروحية سورية تحط في السجن الليلة السابقة (السبت)، يُعتقد أنها قامت بنقل ضباط السجن.

ويحاول بعض الأهالي وقوات المعارضة الحفر حول محيط السجن للوصول إلى الطوابق السفلية، كما يبحثون عن خبراء أو ضباط خدموا سابقا في السجن ليفكوا لغز الأبواب السرية التي تعيق تحرير المعتقلين.

وأعلن رائد الصالح مدير الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، في وقت لاحق يوم الأحد، إرسال 5 فرق طوارئ مختصة إلى سجن صيدنايا بريف دمشق، للبحث عن الأقبية السرية، مشيراً إلى صعوبة الوصول نتيجة تجمهر الأهالي في الموقع.

وحتى الآن ما زال البحث جار دون جدوى، وقال الصالح إنهم لم يعثروا على شيء حتى الآن، معلنا عن جائزة مالية لمن يدلي بمعلومات تقود إلى سجون سرية.

أقبية سرية أخرى

ولفتت الصور القادمة من سجن صيدنايا الأنظار إلى أقبية الأسد السرية الأخرى والمنتشرة على امتداد البلاد، وهي في الغالب سجونا مخفية تحت السجون والمنشآت الحكومية الرسمية.

وعلى منصات التواصل الاجتماعي المختلفة انطلق السوريون في محاولة الكشف عن ما يعرفونه من هذه الأقبية، داعين الثوار وقوات المعارضة والمواطنين القريبين من تلك المواقع إلى التوجه إليها، ومحاولة إنقاذ السجناء.

 

 

وتحدث النشطاء عن سجون سرية في عدد من المواقع بدمشق، وفي مختلف المحافظات.

وطالب ناشطون قوات المعارضة بالقبض على رؤساء الفروع الأمنية والاستخباراتية لأخذ المعلومات عن أماكن السجون وأبوابها السرية.

وقبل ثلاثة أيام أعلنت قوات المعارضة السورية اكتشاف سجن سري أسفل أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية في حلب، ووثقت مقاطع فيديو لحظة إطلاق عشرات السجناء من ذلك السجن.

كما أعلن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم الإثنين، عن تكشف سجون غير معروفة سابقا في مبان الكليات الجامعية.

وعلى مدار عقود، شيّد نظام الأسد دولة بوليسية قمعية، زرع فيها مئات السجون السرية والعلنية، ليصبح السوريون بين سجين سابق أو حالي أو مستقبلي، وخلّف هذا الإرث جروحاً غائرة في الذاكرة السورية، يبدو أنها لن تندمل لسنوات طويلة.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص