أهم الأخبار

بعد الشمال.. إسرائيل تنقل "المحرقة" إلى محافظة غزة

2025-01-05 الساعة 04:19م

لليوم الثالث على التوالي، تعيش محافظة غزة أياما دامية نتيجة تصعيد قوات الجيش الإسرائيلي لعمليات الإبادة والتطهير العرقي بها.

فمنذ الخميس الماضي، وسع الجيش الإسرائيلي نطاق المحرقة التي بدأها بمحافظة شمال غزة في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، لتمتد جنوبا وتشمل محافظة غزة.

ويهدد هذا بارتفاع كبير في أعداد الضحايا من الفلسطينيين، وفق تحذيرات مراقبين، نظرا للكثافة السكانية الكبيرة في محافظة غزة، التي تضم حاليا نحو 550 ألف نسمة يمثلون نحو ربع سكان القطاع، بما يشمل نحو 180 ألفا نزحوا لها قسرا من محافظة الشمال جراء 3 أشهر من المحرقة الإسرائيلية.

وهذا ما بدأ يظهر فعليا في الأرقام الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فحسب ما صرح به مدير المكتب إسماعيل الثوابتة، للأناضول، قُتل 184 فلسطينيا وأُصيب العشرات عبر 94 غارة جوية شنها على القطاع خلال الساعات الـ72 الماضية.

ولفت الثوابتة، إلى أن غالبية الضحايا كانوا بمحافظة غزة.

وأضاف أن محافظة غزة شهدت كذلك، خلال هذه الفترة، دمارا واسعا طال المنازل والبنية التحتية.

ومنذ صباح السبت فقط، قتل الجيش الإسرائيلي خلال عمليات الإبادة بمحافظة غزة وحدها أكثر من 45 فلسطينيا، بحسب محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني للأناضول.

 

محرقة إسرائيلية متواصلة

وفي وصفهم "للمحرقة الإسرائيلية" المتواصلة، قال شهود عيان من محافظة غزة، للأناضول، إن الطائرات الحربية الإسرائيلية كثفت هجماتها الجوية مستهدفة مربعات سكنية كاملة، ما أدى إلى تدمير المباني فوق رؤوس ساكنيها.

وأضاف الشهود أن الهجمات الجوية الإسرائيلية جاءت بشكل مفاجئ، ما أدى إلى وقوع أعداد كبيرة من الضحايا بين قتلى وجرحى.

ولفتوا إلى أنه لا يزال هناك العديد من المفقودين تحت الأنقاض.

وقال أحد الشهود للأناضول: "الغارات كانت عنيفة ومتواصلة، لقد شاهدنا بأعيننا كيف تم نسف مبان بأكملها على رؤوس ساكنيها دون سابق إنذار".

ويتشكل قطاع غزة من 5 محافظات، هي من الجنوب إلى الشمال، رفح، وخان يونس، والوسطى، وغزة، وشمال غزة.

وتعتبر محافظة غزة المركز الإداري للقطاع، وتضم العديد من الأحياء السكنية والمرافق الحيوية.

وجاء توسيع المحرقة الإسرائيلية إلى محافظة غزة، بعد يوم واحد من تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء الماضي، حركة حماس بأنها "ستتلقى ضربات قوية لم تشهدها غزة منذ فترة طويلة" إن لم تسمح بإعادة الأسرى المحتجزين لديها وتوقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

وأضاف كاتس، أن الجيش الإسرائيلي "سيكثف أنشطته في غزة حتى يتم إطلاق سراح المختطفين (الأسرى الإسرائيليين) والقضاء على حماس".

يأتي ذلك رغم تأكيد حماس مرارا، خلال الأشهر الماضية، استعدادها لإبرام اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، بل أعلنت موافقتها في مايو/ أيار الماضي، على مقترح قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن.

غير أن نتنياهو تراجع عن المقترح، بطرح شروط جديدة أبرزها استمرار حرب الإبادة الجماعية، وعدم سحب الجيش من غزة، بينما تتمسك حماس بوقف تام للحرب وانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي.

 

 خطة الجنرالات

ويزعم الجيش الإسرائيلي أن عملياته التصعيدية بمحافظة شمال غزة منذ 5 أكتوبر 2024 وفي محافظة غزة منذ 2 يناير/كانون الثاني الجاري تستهدف "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة".

لكن الفلسطينيين يكذبون مزاعم الجيش الإسرائيلي، محذرين من أن محرقة الإبادة والتطهير العرقي التي تشنها إسرائيل بالمحافظتين تأتي بهدف احتلالهما وتحويلهما إلى منطقة عازلة وتهجير سكانهما تحت وطأة قصف دموي وحصار مشدد يحرمهم من الغذاء والماء والدواء، ضمن خطة "الجنرالات".

و تهدف "خطة الجنرالات"، بحسب موقع "واي نت" العبري الذي كشف عنها في سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى تحويل منطقة شمال ممر نتساريم (محافظتي غزة والشمال)، إلى منطقة عسكرية مغلقة.

وحسب أرقام بصل، للأناضول، من بين إجمالي سكان محافظة شمال غزة البالغ عددهم 200 ألفا، هُجر منهم بالفعل قسرا نحو 180 ألفا، بينما لم يتبق سوى 20 ألفا.

ويبدو أن الدور الآن بات على محافظة غزة لتطاله عمليات التطهير العرقي والتهجير القسري لسكانه من قبل الجيش الإسرائيلي.

وسيكون هذا تهجيرا قسريا مركبا، لأن أكثر من 30 بالمئة من سكان محافظة غزة الحاليين هم أصلا من النازحين إليه من محافظة شمال غزة، والذين يعيشون في ظروف غير إنسانية.

إذ تقيم العائلات النازحة في خيام مصنوعة من النايلون والقماش تفتقر لمقومات الحياة الأساسية وسط برد قارس، ما يزيد معاناتهم ويهدد صحة الأطفال وكبار السن.

وينتشر النازحون في الملاعب والساحات العامة والمراكز الثقافية والمدارس، والشوارع العامة.

ومع بدء العمليات العسكرية في محافظة غزة، يتخوف السكان من إجبارهم قسرا على الانتقال إلى منطقة المواصي، التي تدعو إسرائيل للتوجه إليها، رغم معاناتها من شح شديد في مقومات الحياة الأساسية.

وتمتد منطقة المواصي من غربي مدينة رفح إلى غربي مدينتي دير البلح (وسط) وغربي مدينة خان يونس (جنوب)، ويتم النزوح إليها عبر طريقي البحر وصلاح الدين، وسط أوضاع إنسانية متدهورة تفاقم معاناة الأهالي الذين يواجهون ظروفا قاسية ومصاعب يومية للحصول على الاحتياجات الضرورية.

كما لا يغنيهم ذلك من الإبادة الإسرائيلية، إذ تشن إسرائيل بين الحين والآخر هجمات على خيام النازحين في منطقة المواصي يسقط بسببها أعداد كبيرة من الضحايا، بزعم القضاء على مسلحين من حماس.

والجمعة، قال المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هارئيل، إن ما يقوم به الجيش في الجزء الشمالي من قطاع غزة "مرتبط بأيديولوجية متشددة هدفها إعادة الاستيطان، ومنع عودة الفلسطينيين".

وأضاف عاموس هارئيل، المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الخاصة: "بدأت أبواق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في التلميح علنا إلى أن الخيار الوحيد المتاح سيكون احتلال محافظة غزة".

 

"الاحتلال جن جنونه"

من جانبه علق مدير عام وزارة الصحة في غزة منير البرش، على المحرقة الحالية التي تشنها إسرائيل بمحافظة شمال غزة، قائلا للأناضول: "الاحتلال الإسرائيلي جن جنونه، حيث يستهدف كل مكان في المحافظة بشكل متواصل منذ الصباح، وعلى مدار الأيام الماضية، في إطار توسيع الإبادة الجماعية".

وأضاف البرش: "هناك أعداد كبيرة من الإصابات والشهداء تصل إلى مستشفى المعمداني ومستشفى الشفاء في محافظة غزة، في وقت تعمل فيه الطواقم الصحية بإمكانات بسيطة جدا".

وتابع: "لم نتمكن من استيعاب هذا العدد الكبير من الإصابات بسبب انهيار المنظومة الصحية، التي تعاني أصلا من نقص شديد في الموارد بفعل الإبادة".

وأشار البرش إلى أن "الاحتلال يستهدف أماكن متعددة وبكثافة، ما يزيد العبء على الكوادر الطبية ومنظومة الإسعاف التي تعاني من ضعف شديد".

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 154 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.​​​​​​

وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص