2025-01-18 الساعة 06:07م
أخيراً قبل الاحتلال الإسرائيلي باتفاق وقف إطلاق النار بعد أكثر من خمسة عشر شهراً من مجازره اليومية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وفق ما أعلنه كل من حركة حماس ورئيس وزراء قطر والرئيس الأمريكي، مساء الأربعاء. سيدخل الاتفاق حيز التنفيذ يوم الأحد المقبل.
على مدى أربع سنوات مضت كان الحوثي يعلن أنه سيشترك في أي معركة إقليمية، وأنه جزء لا يتجزأ من محور القدس كما يطلقون عليه تارة أو محور المقاومة أو جبهات الإسناد. شن الحوثي هجمات صاروخية ضد الاحتلال وبالطيران المسير في أكتوبر 2023، وفي نوفمبر من العام نفسه بدأ شن هجمات بحرية ضد السفن الإسرائيلية أولا ثم السفن والشركات التي تتعامل مع موانئ الاحتلال ووسعها لتشمل سفن الولايات المتحدة وبريطانيا لحملتهما الجوية المحدودة ضد قدراته البحرية. أسفرت الهجمات الحوثية عن خطف سفينة "جالكسي ليدر" تعود ملكيتها كما أعلن الحوثي لرجل أعمال إسرائيلي، وأغرق سفينتين أيضا في البحر الأحمر في فبراير ويونيو 2024 ونجت سفينة بصعوبة من الغرق بإفراغ حمولتها النفطية، وخطف بحارة السفينة جالكسي ليدر، دون أن تترك هجماته البحرية تأثيراً ملموساً على الوضع العسكري والإنساني في غزة.
وضع الحوثي شرطاً لوقف هجماته طوال طوفان الأقصى بوقف الهجمات على غزة، ومع إعلان الاتفاق تتجه الأنظار إلى الحوثيين والهجمات التي تشنها عليهم دولة الاحتلال وهي خمس جولات من الهجمات حتى الآن. (يوليو، سبتمبر، ديسمبر ويناير).
خلا نص اتفاق وقف إطلاق النار المعلن بين الاحتلال وحماس من أي إشارة لدور الحوثيين. في نوفمبر الماضي اتفق الاحتلال مع حزب الله منفردين على اتفاق وقف إطلاق النار. أعلنت حركة النجباء العراقية من جانبها وقف الهجمات من جانب واحد الليلة الماضية، بعد أن أوقفت هجماتها فعليا وغيرها من العراق منذ أشهر.
بيان الرئيس الأمريكي جو بايدن عن اتفاق وقف إطلاق النار لم يشر إلى الوضع مع الحوثيين من قريب ولا من بعيد، ولكنه تحدث عن ضعف هائل أصاب حزب الله وإيران (وأيضا بالتأكيد حماس).
الموقف الحوثي
أصدر محمد عبدالسلام الناطق باسم الحوثيين بياناً يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال وحماس، لكنه لم يتضمن تصريحاً واضحاً بوقف هجمات الحوثي. وقال محمد عبدالسلام: "شاركنا بإسناد غزة عبر تظاهرات مليونية وعمليات عسكرية مؤثرة منذ بداية الطوفان حتى إعلان اتفاق وقف النار... لم تكن هجماتنا من فائض قوة.. ومع وصول هذه المعركة إلى خواتيمها ستبقى القضية الفلسطينية الأولى".
هناك موقف مقرب من الحوثيين عبر مراسل قناة المنار التابعة لحزب الله خليل العمري كتب تغريدة على حسابه بإكس " تحليل وليس معلومة: صنعاء قد توقف ضرباتها الموجهة إلى قلب الكيان، لكن عودة سفنه إلى البحر الأحمر لن تكون إلا بعد تنفيذه الكامل لجميع نقاط الاتفاق".
حسم عبدالملك الحوثي الموقف الحوثي وفرض نفسه وفق خطابه، أمس الخميس، بأنه سيواكب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وصور نفسه كزعيم جديد للمحور. كما تعهد أيضا بزيادة الضربات قبل تنفيذ الهدنة. وتعهد أيضا بالمشاركة في أي جولة أخرى من جولات القتال في قطاع غزة.
وعدد أسبابا أخرى للمشاركة بما فيها أي تحركات انتقامية من تحركهم أو محاولة تحييدهم.
قضايا عالقة
لم يعلن الحوثي حتى الآن موقفه، وهو من دشن معركة مستقلة باسم "الفتح الموعود والجهاد المقدس" وتحت شعارها يشن هجمات على الاحتلال والملاحة البحرية، وهي عنوان تحركه ويفهمها كثيرون في اليمن على أنها معركة موجهة للتحشيد ضد الداخل باسم "إسناد غزة".
هناك قضايا مثل مصير السفينة المخطوفة وطاقمها الثلاثة والعشرين شخصا المخطوفين لدى الحوثيين ما تزال عالقة ولا يوجد أي تصريح حوثي بشأنهم باستثناء تصريح نادر قبل فترة طويلة أنهم تحت تصرف حماس. لكن حماس لم تذكرهم مطلقا.
تشن الولايات المتحدة وبريطانيا منذ سنة تقريبا جولات من الغارات على القدرات العسكرية الحوثية المتعلقة بهجماته البحرية والصاروخية، تحت اسم "حارس الازدهار" وذكرها بايدن في بيانه عن إطلاق النار من أنه حشد عشرين دولة للتصدي للهجمات الحوثية. توسعت تلك الحملة في الأسابيع الأخيرة فقط باستهداف مراكز قيادة وسيطرة خلال آخر جولتين من الغارات منذ ديسمبر الماضي. ولم يشر إلى قرب انتهاء تلك العمليات، ولم يقل أيضا إن تلك الحملة ستسمر.
جبهة منفصلة
تشن دولة الاحتلال الإسرائيلي غارات منذ يوليو على مواقع تسيطر عليها مليشيا الحوثي استهدفت بالأساس مواقع مدنية مثل موانئ الحديدة الثلاثة: الحديدة، الصليف، رأس عيسى، والكهرباء في المدينة، وكهرباء محافظة صنعاء.
يتعامل الاحتلال الإسرائيلي مع الحوثي من خلال الغارات على أنه جبهة مستقلة عن غزة، وهناك رأي آخر في إسرائيل قدمه الموساد على أن ضرب إيران سيوقف الهجمات الحوثية. تقول التقارير الإسرائيلية إنهم بدأوا مؤخرا حملة لجمع بيانات استخباراتية لاستهداف قدرات الحوثيين، وتوعد بعضهم علنا باغتيالات وتفكيك قدرات الحوثيين.
لا يمكن التنبؤ بطبيعة العلاقة الأمريكية ومعها بريطانيا والاحتلال الإسرائيلي تجاه الحوثي في المرحلة المقبلة، ولكن من حيث المبدأ يتوقع أولا خفض الهجمات وحدتها استنادا إلى وقف الحرب في قطاع غزة الذي أشعل التوتر منذ اندلاع الطوفان في المشرق العربي. يتوقع الكاتب الصحفي مأرب الورد استمرار الهجمات الإسرائيلية أيضا لأن الاحتلال تعهد بالهجوم الواسع ضد الحوثيين لاستعادة مبدأ الردع وللرد على هجمات الحوثيين، ومن المرجح أن يكون موقفهم عاملاً مهماً أيضاً في اليمن وفق مأرب الورد، خاصة في التأثير على الجانب الأمريكي الذي كان يساعد في صياغة خريطة الطريق للسلام في اليمن.
وينقل الورد عن الأكاديمي الفلسطيني والخبير في الشؤون الإسرائيلية د. مهند مصطفى توقعه أن تواصل إسرائيل استهداف الحوثيين حتى لو توقفت حرب غزة لأنها لم تعد تربط بينها وبين وقف ضرباتها بسبب تصاعد الهجمات الحوثية، التي جلبت على اليمن انتقاما اسرائيليا طال البنية التحتية الاقتصادية المدنية.
بينما يريد الحوثيون من عدم إعلان وقفهم الهجمات حتى الآن على الأقل تصعيد مطالبهم السياسية ومكانتهم المتعلقة باليمن في ظل مفاوضات متعثرة بشأن خريطة السلام في البلاد.