2020/12/21
  • ما هي خيارات المجلس الانتقالي الجنوبي للتعامل مع واقع ما بعد اتفاق الرياض!
  • أعادت المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف في اليمن، إحياء اتفاق الرياض المتعثر منذ التوقيع عليه بين الحكومة المعترف بها دوليًا والمجلس الانتقالي الجنوبي في نوفمبر 2019، لكن العثرات في طريق تنفيذ الاتفاق لاتزال باقية.

    وبدأت الجمعة الماضية، أولى خطوات تنفيذ الملحق العسكري لاتفاق الرياض بسحب قوات من الطرفين عند مناطق التماس في محافظة أبين (جنوب البلاد) وتواصلت عمليات الانسحاب المتبادلة الأيام الثلاثة الماضية، تمهيدًا لإعادة الانتشار الأمني في مدينة زنجبار العاصمة.

    وكان الرئيس هادي أصدر الجمعة الماضية، قراراً بتشكيلة الحكومة الجديدة المكونة من 24 وزيرًا، فيما من المقرر لاحقًا دخول قوات من اللواء الأول حماية رئاسية إلى عدن بالتزامن مع بدء إخراج القوات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من المدينة إلى محافظتي لحج والضالع، على أن يعاد لاحقًا ضم هذه القوات رسميًا لأجهزة الأمن، وفق ما نص عليه الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض.

    وأكملت قوات الطرفين التي خاضت مواجهات متقطعة خلال الفترة الماضية بالقرب من مدينة زنجبار (شرق عدن) عمليات الانسحاب المتبادلة رغم الخلافات بشأن موعد انتشار قوات الأمن الحكومية في زنجبار، لكن السؤال الآن يتعلق بـ ماذا بعد تنفيذ الاتفاق؟

    خطوة استباقية في أبين

     

    عندما بدأت القوات التابعة له بالانسحاب من خطوط التماس المباشرة بين مدينتي زنجبار وشقرة شرقي محافظة أبين، كانت الخيارات تدرس من قبل قادة المجلس المدعوم من الإمارات للتعامل مع وضع ما بعد اتفاق الرياض، للإبقاء على مكاسب أغسطس العام الماضي.

     

    الثلاثاء الماضي أصدر اللواء المُقال، فضل باعش وهو القائد العام السابق لقوات الأمن الخاص (عدن، لحج، أبين، الضالع) قرارًا بتعيين العقيد أحمد سعيد لهطل قائدا لفرع قوات الأمن الخاص في محافظة أبين في خطوة استباقية لعملية دخول قوات الأمن الحكومية إلى مدينة زنجبار.

     

    تفسّر خطوة المجلس الانتقالي بمحاولات هذا الأخير ضمان تواجد عدد من الضباط والجنود الموالين له من قوات الأمن الخاص في مقر القوة بزنجبار، في إطار مساعيه لتوسيع رقعة نفوذه إلى داخل هذه القوات والتغلغل فيها، للحد من نفوذ الأجهزة الأمنية الحكومية في زنجبار عقب تنفيذ الملحق العسكري والأمني لاتفاق الرياض.

     

    ومن جهة أخرى يسعى المجلس المدعوم من الإمارات إلى ممارسة الضغط على قيادة قوات الأمن الخاص التابعة للحكومة الشرعية عبر فرض قادة تابعين له ضمن قوام هذه القوات في مسعى لإضعاف القائد الحالي العقيد محمد العوبان، والسيطرة على اتجاهات العمل الأمني لقوات الأمن الخاص، بما يخدم المجلس.

     

    تقول مصادر أمنية لـ"المصدر أونلاين" إن قرار المجلس الانتقالي بتعيين قائد للأمن الخاص هو محاولة أخيرة منه لكسب نقطة في صراع المناصب الأمنية قبيل تطبيق عملية إعادة الانتشار في زنجبار.

    وبحسب هذه المصادر فإن المجلس سيضع مقترح تعيين أحد قيادييه في منصب رفيع بقوات الأمن الخاص، مقابل تنازله عن القرار الذي أصدره اللواء المقال "باعش" وهو قرار كان وضعه المجلس لكي يتنازل عنه لاحقًا، لكنه يريد أن يكسب من هذا التراجع تمكين بعض ضباطه وجنوده في المعسكر الذي يعد الأكبر في زنجبار.

     

    وأفادت المصادر أن المجلس الانتقالي يسعى من خلال انتشار قوات تابعة له في الاستاد الدولي بزنجبار، ومحاولة تقوية نفوذه في معسكر الأمن الخاص، إلى تضييق الخناق على قوات الأمن الحكومية التي تمتلك قوات محدودة العدد والتسليح.

    وبشكل عام فإن المجلس الانتقالي الجنوبي يريد من خلال هذه الخطوات الحفاظ على سيطرته المطلقة على مدينتي زنجبار وجعار حيث تتواجد قوات كبيرة تمتلك أسلحة ثقيلة في معسكر 7 أكتوبر، وفرض ما يشبه الحصار المفتوح على قوات الأمن الرسمية في زنجبار عبر السيطرة على مداخل ومخارج المدينة.

     

    وأشارت المصادر إلى أن هناك محاولات تجري بالتزامن لتمكين ضباط تابعين للمجلس الانتقالي في إدارة أمن أبين ضمن مساعي المجلس لتقاسم المناصب الأمنية مع القوات الحكومية بزنجبار.

    لماذا يريد الانتقالي عودة النخبة الشبوانية؟

    وفي موازاة ذلك تواجه عملية دخول قوات الأمن العام والخاص والشرطة العسكرية إلى زنجبار بعض التعثر مع إصرار قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على دخول قوات النخبة الشبوانية التابعة لها إلى عتق أولًا، فيما كان التحالف حدد عبر آلية تسريع اتفاق الرياض، عمليات الانسحاب وإعادة الانتشار في محافظتي عدن وأبين.

    والآن يريد المجلس الانتقالي الجنوبي البدء في عملية ارتدادية تعيد إليه نفوذه الذي كان خسره في المواجهات مع القوات الحكومية بمحافظة شبوة في اكتوبر 2019 من جهة، ومن جهة أخرى تمثل عودة قوات النخبة الشبوانية دعمًا لوجود القوات الإماراتية في منشأة بالحاف ومعسكر "العلم"، بعد تعرضها للضغط من جانب السلطة المحلية بالمحافظة.

    وعودة قوات النخبة الشبوانية إلى شبوة مجددًا يخففان الضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن وأبين، وفي المقابل فإن هذا يمنح الإماراتيين التغطية الجيدة لإعادة تفعيل دورها الأمني على حساب القوات الأمنية الحكومية في المحافظة، ولإضعاف سلطات المحافظ الجديد.

    ضم أم هيكلة؟

    وفي مدينة عدن العاصمة المؤقتة للبلاد، من المقرر أن تشهد الأيام القادمة، بدء عمليات انسحاب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من المعسكرات التابعة لها، بحسب الملحق العسكري لاتفاق الرياض، لكن المجلس سيحتفظ بمسار التحكم بهذه القوات حتى بعد تنفيذ اتفاق الرياض؛ كما قال مصدر عسكري.

    المصدر العسكري في قوات المجلس الانتقالي غير المخول بالحديث لوسائل الإعلام قال لـ"المصدر أونلاين" إن التحالف سيشرف على عمليات منح أرقام عسكرية رسمية لأفراد هذه القوات، لكنه قال إنها لن تُدمج بالشكل الذي يتم تفسيره من قبل الدوائر الرسمية بالحكومة، مشيرًا إلى أن العملية ستستهدف فقط ضم هذه القوات ماليًا لقوام وزارتي الدفاع والداخلية، لكنها ستظل تحت إشراف وقيادة المجلس الانتقالي.

    ووفق المصدر فإن هذه القوات ستغادر عدن تباعًا مع أسلحتها، فيما أشار إلى أنه تم جرد أسلحة هذه القوات في وقت سابق مطلع العام الجاري قبيل تعثر تنفيذ الاتفاق، لكنه امتنع عن تقديم تفاصيل حول مصير العتاد الثقيل الذي تملكه هذه القوات.

    وينص الملحق العسكري لاتفاق الرياض على انسحاب كافة القوات العسكرية من مدينة عدن إلى المحافظات المجاورة، على أن يتم تجميع كافة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة التابعة لهذه القوات في أحد معسكرات قوات التحالف العربي في المدينة.

     

    وفي الجانب الأمني يشير الاتفاق إلى أن قوات الأمن والنجدة ستتوليان مهمة تأمين المدينة بشكل مشترك، بينما ستستلم قوات حماية المنشآت، المواقع والمرافق الحكومية في المدينة، بعد إعادة تنظيمها وضمها إلى وزارة الداخلية.

    وفي هذا الخصوص، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي بدى موافقًا على بند سحب قواته من عدن، إلى محافظتي لحج والضالع وهما تمثلان قاعدتين رئيسيتين له، لكنه بالتزامن لا يرغب في أن يعاد هيكلة هذه القوات لضمان التحكم والسيطرة، وللاحتفاظ بها كأوراق ضغط مستقبلية على الحكومة.

    وإذا اضطرت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى إعادة هيكلة قواتها فإنها ستشترط وضع ضباط تابعين لها على هرم هذه الألوية العسكرية بحسب المصدر العسكري في قوات المجلس المدعوم إماراتيًا.

    وكان من المقرر، حسب الاتفاق أن تسلّم قوات المجلس الانتقالي للتحالف أسلحة متوسطة كانت بحوزتها، لكنها بدأت عقب سحب قواتها من محافظة أبين، بنقل الأسلحة الثقيلة والمتوسطة لمواقع سرية في محافظتي لحج والضالع بحسب إفادات قدمتها مصادر عسكرية ومحلية في المحافظتين (جنوب البلاد).

    وأبقت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على عتاد ثقيل يشمل دبابات ومدافع متحركة وعربات مدرعة لكنها دفعت بهذه الأسلحة صوب معسكرات تقع قرب مناطق التماس مع الحوثيين في منطقة كرش الحدودية بين لحج وتعز ومحافظة الضالع، لضمان عدم تسليمها.


    عقبات تنتظر الأمن في عدن

    وإلى جانب بقاء اللواء الأول مشاة التابع لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي، في عدن مع اللواء الأول حماية رئاسية بحسب اتفاق الرياض، فإن قوات الأمن التي تدين بالولاء للقائد السابق اللواء شلال شائع تعيد التذكير بالمصاعب التي من المحتمل أن يواجهها سير تنفيذ الاتفاق في مدينة عدن.

    والآن فيما إذا تمكن المدير الجديد اللواء الحامد من العودة إلى عدن، أو صدقت الترجيحات عن تعيين مدير أمن آخر، فإن كِلا القائدين الجديدين، سيواجهان شبكة واسعة من النفوذ تنتشر في مراكز الشرطة في المديريات وهو ما يتطلب إعادة تنظيمها وهيكلتها، سعيًا وراء إعادتها كجهاز أمني رسمي خاضع لوزارة الداخلية.

    وخلال الخمس سنوات الأخيرة استخدم المجلس الانتقالي الجنوبي والإمارات، قوات الأمن في عدن في معاركهما الجانبية بالمدينة، فيما كان قادة وضباط في هذه القوات تورطوا في عمليات استهداف شخصية لخصوم، ونفذت حملات منظمة بسط واستيلاء على مساحات أراضي ومباني تحت أنظار ومساعدة ضباط آخرين في القوات ذاتها.

    لكن من المرجح أن يعمل المجلس الانتقالي على عرقلة أي خطوات تتضمن هيكلة قوات الأمن باعتبارها الجهاز الأمني الأول والقوة المقرر إبقاؤها في عدن بحسب الملحق الأمني لاتفاق الرياض، إضافة إلى مساعيه للاستقلال بالملف الأمني وغرفة العمليات الأمنية في المدينة وهو ما يمنحه السيطرة المباشرة على الوضع في مدينة عدن.

    تم طباعة هذه الخبر من موقع يمن سكاي www.yemensky.com - رابط الخبر: http://yemensky.com/news34397.html