
قال الكاتب والصحفي السعودي عبد الرحمن الراشد إن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يواجه تحديات جوهرية تهدد مشروعه السياسي، محذراً من أن تحركاته الأخيرة قد تقوض الرابطة الجنوبية نفسها وتوسع دائرة الخصوم داخلياً وإقليمياً.
وفي مقال نشرته صحيفة الشرق الأوسط السعودية وأعاد نشره موقع مأرب برس، اعتبر الراشد، «المدير العام السابق لقناة العربية ورئيس تحرير الصحيفة سابقاً»، أن السعودية تبقى الدولة الوحيدة ذات التأثير الدائم في اليمن، موحداً كان أم مجزأً، تليها سلطنة عُمان بحكم الجغرافيا والحدود المشتركة، مؤكداً أن “الجغرافيا هي الحقيقة الوحيدة في السياسة”.
وأوضح أن القوى السياسية في اليمن، شمالاً وجنوباً، لا تستطيع إنجاح مشاريعها من دون العلاقة مع الرياض، حتى وإن حققت نجاحات مؤقتة، مستشهداً بالتجارب التاريخية منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم.
وأشار الراشد إلى أن جماعة الحوثي، رغم ما تمتلكه من قوة ودعم إيراني، تعيش في “قوقعة مغلقة”، واصفاً إياها بأنها وكيل لإيران وصاحبة مشروع أيديولوجي، وليست مكوناً وطنياً يمنياً، مضيفاً أن الجماعة باتت تدرك أن علاقتها بطهران تمثل عبئاً قد يهدد بقاءها، وأن فرصتها في الاستمرار مرهونة بالتوافق الداخلي والعلاقة مع السعودية.
وتطرق الكاتب إلى العامل الديموغرافي، لافتاً إلى أن أكثر من مليوني يمني يقيمون في المملكة العربية السعودية، ويمثلون شريان حياة لبلدهم، ما يعزز استمرارية العلاقة الخاصة بين البلدين لعقود قادمة.
وبشأن المجلس الانتقالي الجنوبي، قال الراشد إن مشروع إعادة إحياء دولة الجنوب المستقلة لا يمكن أن ينجح إلا بشرطين أساسيين: قبول يمني واسع يتطلب طرحاً سياسياً جامعاً يعالج مخاوف بقية المكونات، بما فيها الجنوبية، إضافة إلى التأييد السعودي.
وأضاف أن المضي في المشروع دون ذلك قد يؤدي إلى فشل طويل الأمد، بل وربما إلى تدمير مفهوم الرابطة الجنوبية نفسها، محذراً من أن تكرار الأزمات قد يدفع أطرافاً داخل المجلس إلى اعتبار أن القيادة، لا فكرة الانفصال، هي العقبة الأساسية.
وانتقد الراشد تحركات المجلس الانتقالي الأخيرة في حضرموت، واصفاً إياها بأنها “عملية استعراضية إعلامية” لم تتجاوز حدود المحافظة، وأسهمت في تعميق الخلافات مع قوى جنوبية أخرى، بما فيها المكونات الحضرمية، كما وسعت من مخاوف اعتبار المجلس مشروعاً مشابهاً للحوثيين ومصدراً لتهديد الجوار.
وقال إن الانتقالي، بوصفه شريكاً في مجلس القيادة الرئاسي، كان يفترض أن يكون أكثر تعاوناً مع الحكومة الشرعية، لا التمرد عليها، باعتبار أن المجلس الرئاسي يمثل الإطار القانوني الذي يمكن من خلاله بحث أي ترتيبات سياسية مستقبلية.
وأضاف يفترضُ من المجلس الانتقالي ورئيسِه الزبيدي، قبل أن يأمرَ ميليشياتِه بالهجوم على محافظة مساحتها 48 مرةً من مساحة محافظتِه الضالع، أن يفكر في خطورة التبعات.
وشدد الكاتب على أن إقناع الأطراف الداخلية والخارجية بمشروع الدولة الجنوبية لا يتم بالقوة العسكرية، بل بالتوافق السياسي، وبإقناع المحافظات الجنوبية نفسها بشكل نظام الحكم المقبل، إضافة إلى طمأنة القوى الشمالية ودول الجوار بأن المشروع لا يشكل تهديداً لأمنها.
وختم الراشد مقاله بالقول إن الخيار الأمثل أمام المجلس الانتقالي هو العمل ضمن أطر مجلس القيادة الرئاسي والشرعية القائمة، مشيراً إلى أن تحقيق أي مشروع سياسي مرهون بموافقة القوى اليمنية الأخرى المعنية.