2016-04-04 الساعة 01:01ص
قرارات الرئيس هادي، اليوم الأحد الثالث من أبريل، جاءت بمثابة الصاعقة، وشكلت امتداداً لسلسلة من التحولات المفاجئة التي شهدتها اليمن خلال الحرب الراهنة، وهي تحولات وقرارات تربك الحسابات، وتحقق أثرها القوي في الخصوم.
غير أنه يمكن استيعاب صدمة هذه تعيين الفريق علي محسن نائباً لرئيس الجمهورية والدكتور أحمد بن دغر رئيساً وإعادة قرارتها من زوايا عديدة.
فهذه القرارات تعني أن الرئيس أقال نائبه ورئيس حكومته، خالد محفوظ بحاح، الذي يمثل جزء من ترتيبات ارتبطت أصلاً بسلطة الأمر الواقع وبإملاءات اتفاق السلم والشراكة الذي وقع تحت أسنة الرماح.
في الحقيقة لا يتحمل بحاح وزر إخفاق الحكومة في إدارة شئون الدولة خلال مرحلة حساسة وخطيرة كهذه، لأن بحاح عمل من خلال حكومة مشلولة، وفي ظل مناخ لا يتسم بالانسجام مع صاحب القرار الأول..
وكنت أستغرب لماذا يتعين علينا أن نعتمد على حكومة غير متماسكة وليس لديها موارد أصلاً، فكل الموارد تتركز بيد الانقلابيين ويتم توظيفها لخدمة مجهودهم الحربي، في حين تواجه حكومة بحاح المشلولة صعوبة في إدارة المناطق المحررة، كانت تلك معضلة حقيقية.
الدلالة الأكثر أهمية في تقديري لهذه التعيينات أنها تقدم تصوراً واضحاً لطبيعة الدولة القادمة، وتبدد الشكوك حول حقيقة الدور المستقبلي للميلشيا، وتحمل على الاعتقاد، بأن الحوثيين لن يكونوا أكثر من كيان سياسي، منزوع المخالب، وأن الأولوية ستنصب لضمان بناء سلطة انتتقالية أكثر تماسكاً وأكثر فاعلية، ويمكنها أن تؤمن انتقالاً آمناً وسلساً إلى مرحلة الدولة المتفق عليها بموجب مخرجات الحوار الوطني.
ويمكن قراءة التعيين أيضاً من زاوية أنها جاءت في وقت يتواجد فيه ممثلون عن الحوثيين في الرياض وفقا لما كشف عنه الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، وقرارات في توقيت كهذا لن يتم بمعزل عن علم ومعرفة الحوثيين، وهذا يعني أن هذه القرارات ربما تكون إحدى الاستحقاقات المبكرة لمشاورات الكويت التي لم تعقد بعد.
ويتعين على الحوثيين أولاً أن يوضحوا أمر وجود ممثلين عنهم في الرياض قبل أن يعبروا عن موقفهم من القرارات، لا يزال الوقت مناسباً لإبداء موقفهم.
ويمكن قراءة هذه التعيينات من زاوية الاستهداف الواضح للمخلوع صالح بشكل خاص، فقد دفعت هذه القرارات باثنين من الد خصومه وهما الفريق علي محسن صالح، والدكتور أحمد عبيد بن دغر، إلى ذروة السلطة، هذا يعني أن مستقبل علي عبد الله صالح بات غامضاً أكثر من أي وقت مضى، ما يعزز الاعتقاد بأن هناك توافقاً دولياً على إنهاء دوره السيئ في البلاد.
لا نجد حاجة للتذكير بأهمية وجود الفريق علي محسن في هرم السلطة، فقرار التعيين جاء برغبة التحالف العربي وقائدته المملكة العربية السعودية، ولم يكن أحد خيارات هادي بالتأكيد، لأن الضرورة تستدعي وجوده في موقع متقدم كهذا لإنجاز استحقاق الانتقال السياسي إلى المرحلة التي تتأسس فيها دولة قوية وقادرة على إدارة الوضع المعقد والسيطرة على مجريات الأحداث، وتأمين عملية انتقال هادئة إلى مرحلة الدولة الديمقراطية الاتحادية متعددة الأقاليم. وأعتقد أن الفريق علي محسن والدكتور أحمد عبيد بن دغر، لديهما المؤهلات للقيام بهذه المهمة إلى جانب الرئيس هادي.
لكن نجاحهم يرتبط باستمرار دعم التحالف، وبربط اليمن بالمنظمومة الخليجية، بأي مستوى من التنسيق الاستراتيجي السياسي والاقتصادي والأمني.