2016-04-18 الساعة 04:24م
يذهب الحوثيون وحلفيهم صالح إلى الكويت، بخطى متثاقلة كعادتهم عندما ذهبوا قبل ذلك إلى جنيف و"بييل" السويسريتين، مع فارق بسيط، هو أنهم في الجولة الأولى كانوا يتثاقلون بخيلاء، وفي الثانية كانوا يتثاقلون بقلق، بعد أن فقدوا السيطرة على جزء كبير من البلاد.
أما اليوم فهم يتثاقلون بخوف لأنهم هذه المرة، لن يستطيعوا التهرب من التنازلات التي يتعين عليهم تقديمها للحكومة وللشعب اليمني، ولهذا ليسوا في عجلة من أمرهم عندما يتعلق الأمر بالذهاب إلى التنازلات التي تم إحرازها، بقوة السلاح وفي لحظة خيلاء وتطاول واستعراض على الشعب اليمني وعلى الرئاسة وعلى الدولة كلها وحتى على دول الجوار.
هناك تحول حدث في قواعد اللعبة، لن يكون بوسع الحوثيين وصالح معه أن يمضوا في الطريق ذاته الذي بدأوه في دماج وأنهوه بمعركة دامية مدمرة في عدن وتعز، وهدفهم الوحيد هو استرداد السلطة.
من سخرية الأقدار أن اتفاق المبادرة الخليجية حصَّنَ رئيساً مخلوعاً ومتورطاً في قتل آلاف اليمنيين، وتعمَّد إبقاءه طرفاً في عملية سياسية تهدف أصلاً إلى انتقال السلطة، ومن سخرية الأقدار أن يتم استدعاء حركة مسلحة منفلتة إلى عملية سياسية، دون ضوابط ودون ضمانات.
كل الذين خططوا لتوريط ثوار الحادي عشر من فبراير وتجريدهم من مكاسب الثورة والتغيير، وجدوا أنفسهم معنيين بتغيير أسلوب التعاطي مع هؤلاء الانقلابيين، ولكن بكلفة عالية.
واللافت أنه عشية انطلاق مشاورات الكويت، حشد الحراكُ الجنوبي الموالي لإيران كعادته كل ما استطاع أن يحشده من الجنوبيين المتحمسين، وكانت النتيجة ذلك الحشد الذي رأيناه في ساحة العروض بعدن مساء الأحد السابع عشر من أبريل، العدد هو نفس العدد لم يحقق أية زيادة عن سابقيه من الحشود التي تسمى عبثاً مليونية.
والأعلام هي ذاتها الأعلام، وصورة علي سالم البيض وبعض من زعماء الحراك الذين يدورون في فلكه، هي نفسها التي رفعت من قبل، وقبل ذلك كان محرك هذه الحشود قد حاول تدبير بعض الهجمات الإرهابية على بعض المنشآت الحيوية ومنها المطار، كان الأمر سيظهر عدن وهي تحترق وتموج بالتحركات الشعبية في نفس الوقت.
لماذا يتعين على سكان هذه المدينة المسالمة أن تبقى ساحة للتظاهرات دون غيرها من الساحات، ولماذا يتعين عليها أن تنوء بثقل العنف المختبئ في ثناياها بسبب المكائد التي ينسجها أسوأ البشر.
لا توجد وصفة سحرية غير تلك التي توافق عليها اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني، وهو صياغة عقد اجتماعي ودولة فيدرالية، وإقصاء كامل للمخلوع صالح ولزعماء الميليشيا الحوثية الذين باتوا مجرمين بنفس القدر وأكثر بحق الشعب اليمني.
حتى الحوثيين وصالح ليس لديهم ضمانات لإقامة سلطة على أساس جهوي وطائفي، كما كانوا يخططون، هذا غير ممكن، حتى ولو اعتقد البعض أن بالإمكان استدعاء النموذج الإيراني في تأمين صيغة تعايش بين هذين الفريقين المختلفين في الأهداف والتوجهات رغم الأرضية الجهوية والمذهبية المشتركة.
يذهب الحوثيون وصالح، إلى الكويت وعينهم على الفرصة التي لا تزال تلوح في الأفق، والتي قد تأتي إما على هيئة تفكك أو تضعضع للحلف العسكري العربي، أو عبر وإنجاز صفقة جانبية مع الرياض، أو عبر الرهان على الدور الأمريكي الذي يبدو أنه يضغط على العواصم الخليجية من أجل إبقاء الحوثيين جزء من العملية السياسية، كما دعم معركة صالح عام 1994.
خرج صالح والحوثيون عن الإجماع الوطني وسلكوا طريق العنف، وسيكون من العبث أن تهتم مشاورات الكويت بإعادة هؤلاء إلى السلطة مرة أخرى، ولا تهتم بمعاقبتهم على كل الجرائم التي ارتكبوها.
لقد وقع اليمن ضحية الانتهازية السافرة للقوى الإقليمية والدولية التي لا تزال تصر على أن المشكلة لا تكمن في بقاء الحوثيين وصالح في السلطة، بل في القوى التي اجترحت ثورة الحادي عشر من فبراير وتطلعت إلى التغيير على قاعدة الشراكة، الجميع لا يجد مانعاً من معاقبة هذه القوى على وجه التحديد.
لست أدري أي عمل إرهابي أسوأ من قتل رجل أمام زوجته وأطفاله وجيرانه في ساعة متأخرة من الليل في حي مسالم بمدينة مسالمة، ذلك الرجل هو الشهيد بشير شحرة والمدينة هي إب.
لقد ارتكب الحوثيون وصالح جرائم فريدة في وحشيتها، لكن لا أحد توقف عندها، والمؤسف أن بعض الضحايا، لو سألته عن موقفه من حصاد عام من العنف بسبب الحوثيين وصالح سيرد عليك، فلن تلقى منه إجابة كالتي تتوقعها من أي حر يتمتع بالوعي والنضج والفهم.