2016-07-22 الساعة 12:16ص
حين يتعلق الأمر بالتحالف العربي لا تسل عن ما ترغب فيه أو تريده المملكة السعودية، كدولة تبدو قائدة له، وإنما سل عما يمكنها فعله، فهي ومن شواهد عدة لا تمتلك وحدها قراره، و أقل من أن تتحكم في أداءه وفق إرادتها ورغبتها..
فالحقيقة التي قد لا تبدو لكثيرين هي أن مساحة التأثير السعودي في قرار التحالف هي بنسبة واحد من أربعة وكما ظهر مؤخرا للعلن في رباعية لندن إلى جانب الامارات وامريكا وبريطانيا، ومن الواضح جدا أن إرادة الثلاثة الآخرين هي الأقوى لا إرادة المملكة بالقراءة التحليلية لأداء التحالف منذ عام حتى الآن..
فحين يكون هدف التحالف هو القضاء على الانقلاب العسكري والتخلص من التهديد الحوثي، وتتوقف عملياته العسكرية عند حدود معينة منذ أكثر من عام، و لا تستطيع المملكة تجاوز هذه المساحة حتى على حدودها، و أكثر من ذلك تجد نفسها وقبل تحقيق أي من أهدافها مضطرة للجلوس مع الحوثي للتفاوض على مسائل حدودية ووقف النار، و أكثر منه يطلب منها الضغط على الشرعية للقبول بتسوية سياسية مع الحوثي وعفاش في ظل سيطرتهما العسكرية على أغلب الشمال، فهل هذا يعكس ارادة المملكة، الجواب وبكل صدق لا..
الشواهد كثيرة على أن التحالف خاضع لارادة حلفاء المملكة امريكا وبريطانيا والامارات أكثر مما هو خاضع لارادتها، منها:
١- توقف عمليات التحالف عند الحدود الشطرية بين الشمال والجنوب، واستئثار الامارات بالنفوذ هناك، ليس على حساب الحكومة الشرعية فقط، وإنما حتى على حساب النفوذ السعودي التقليدي، فهذا لا يبدو أنه بإرادتها بقدر ما هي مجبرة عليه.
٢- فالحزام الأمني كقوة نافذة في عدن الان هو يعبر فقط عن النفوذ الاماراتي في تركيبته وأداءه ويعمل حتى على الضد من المصالح السعودية، باستهداف العمال الشماليين مع كل جولة مفاوضات للضغط على الشرعية ومن ورائها المملكة، حتى ان المملكة لا تستطيع إيصال المساعدات العسكرية لتعز مع انها نادرة الا عبر الجو وليس عبر عدن كما يفترض.
٣- عدم خضوع القوات المشكلة حديثا في عدن لأركان الجيش الوطني الذي تشرف عليه هو لا يعكس أيضا إرادة السعودية، فهي لا تسطتيع حتى دفع مرتبات الالوية الوطنية التي لا تخضع للامارات في عدن الا سرا وبعد كم شهر ..
٥- وحين تجد المملكة نفسها مضطرة لتسليم المكلا للامارات بعد عدن وعلى حساب نفوذها الاجتماعي والديني الذي يواجه رجالاته من المحسوبين عليها الاضطهاد والاعتقال على أيدي الاماراتيين والقوات التي استقدمتها من خارج المحافظة، فهذا لا يعني أن المملكة صاحبة القرار أيضا.
٦- وحين يقتصر دور المملكة على تشكيل ألوية الجيش الوطني في مارب وميدي ومن ثم تتركهم بدون تسليح وبدون قرار سياسي لتحرير المزيد من المناطق، ليبدو الأمر كعملية ممنهجة لافراغ المحافظات من المقاوميين وتدجينهم في معسكرات التدريب بإنتظار الرواتب بعد كم شهر، هذا لا يعكس قرار ا سعوديا أيضا..
٧- وحين تذهب المملكة للتفاوض مع الحوثيين ورعاية اتفاقات وقف النار، قبل تسليح الجيش الوطني أو الخوض به معارك حقيقة لتغيير الحقائق العسكرية على الأرض، هذا لا يعكس رغبة سعودية أيضا..
فوقف الأعمال القتالية بالحقائق العسكرية الراهنة هو ليس في صالح السعودية، وقبولها بالتفاوض على المسائل الحدودية ورعاية اتفاقات وقف النار قبل حدوث تغييرات عسكرية مهمة على الأرض يبدو أنها أجبرت عليه، وحين صرحت الامارات بأن العمليات العسكرية للتحالف قد انتهت عمليا فإنها لم تكن تعبر عن نفسها بقدر ما تعبر عن امريكا وبريطانيا أيضا، تعبر عنهم وهم من يقفون خلف دورها المتعاظم في التحالف وفي الجنوب..
فرباعية لندن بين وزراء خارجية كل من المملكة السعودية والامارات وامريكا وبريطانيا هي أقرب للتفاوض بين ثلاثة مقابل واحد، حيث أبلغت المملكة بسقف حلفائها للحل في اليمن، والذي شدد على أن يكون سياسيا وفق الظروف العسكرية الراهنة، على قاعدة انسحاب الجماعات المسلحة من العاصمة والمدن والحكومة الوطنية الموسعة التي برر لها للحرب ضد القاعدة وداعش، وهي صيغة غربية لفرض الحوثي في المعادلة السياسية.
فيما فرضت المملكة فكرة أن يكون ذلك بشكل متسلسل الانسحاب من العاصمة والمدن وتسليم السلاح قبل تشكيل الحكومة، والتسلسل هو آخر خطوط المملكة أمام ضغط حلفائها لفرض الحل النهائي، وان قبل الحوثي بهذا بإعاز من حلفاء المملكة حتى وان لم ينفذ الاتفاق كما ينبغي، تكون المملكة قد خسرت القدرة على المناورة لتغيير الحقائق العسكرية على حددها الجنوبية كما هي الان عسكريا، ونكون كيمنيين قد خسرنا معركتنا مع الانقلاب أيضا.
فالمملكة لا تواجه الحوثي وعفاش فقط، وانما تواجه حلفائها في امريكا وبريطانيا والامارات، وهم فقط من يعيقون التحالف الذي تقوده عن تحقيق أهدافه حتى الآن، هذه هي الحقيقة..