2016-09-27 الساعة 06:42م
وحدهم الأئمة الذين خسروا الحكم في عام 62م من يعتبرون أنفسهم متضررين من ثورة 26 سبتمبر، ولم يفتأ معظمهم خلال نصف قرن يكيد لها ويناصبها العداء، أما سائر اليمنيين فقد أضاءت لهم الثورة الطريق، وأنارت لهم الدروب، ورفعت عنهم أغلال الاستعباد، وخلصتهم من نظام إمامي ظل يتربع على كرسي الحكم مستندا إلى معتقد الشعور بالأفضلية عليهم، والأحقية دونهم بالسيادة، ولا يرى لهم كرامة إلا في خدمته فضلا عن أن يرى لهم حق المساواة معهم في الآدمية قبل الحقوق المدنية.
لم تكن ثورة 26 سبتمبر ضد الهاشميين، بل ثورة ضد الظلم والجور والاستعباد الذي استند فيه الائمة على معتقد الاصطفاء وفكرة "الحق الإلهي" بالحكم، وكان في الهاشميين من يناضل في صف الثورة وضد الباطل المعمم بالأكاذيب الإبليسية.
لم تكن ثورة 26 سبتمبر ضد صنعاء وقبائل الشمال ولا أي من مناطقهم كما قد يحاول البعض أن يوحي، مخدوعا بأن الحرب دارت هناك حيث العاصمة ومعقل الأئمة، بل كانت الثورة بهم وبغيرهم، كما هي من أجلهم ومن أجل غيرهم، فقد كان أبناء هذه المناطق مستعبدين مظلومين مقهورين كسائر اليمنيين وإن كان معظمهم مستعبدا وهو يظن نفسه بلباس العكفة معبودا، مظلوما وهو بالبندقية التي على كتفه يظن نفسه ظالما، محكوما بالاستبداد وهو يظن نفسه بزيف المناطقية حاكما أو مستفيدا من نظام الحكم.
من بعد ثورة سبتمبر ذاقوا معنى الحياة رغم فساد الأنظمة المتعاقبة وإن كان معظمها من بينهم.
ومن بعد ثورة سبتمبر جلسوا على كراسي الحكم التي كان مجرد التفكير بها محرما عليهم، ومن يفكر بها يجد له شهابا رصدا.
ثورة سبتمبر بعثت فيهم الحياة كغيرهم بعد حين من الدهر لم يكونوا فيه شيئا مذكورا، ثم استغفل علي صالح من استطاع أن يستغفل منهم ليخرج لهم عجلا له خوار، ويقنعهم بتسليم البلاد مجددا للإمام عبدالملك الحوثي الذي لا يعتبرهم في الحقيقة سوى "عكفة" يقاتلون معه وفق نظام "عكفي راح بكراه"، ولا ينظر إليهم إلا كما كان أجداده الأئمة ينظرون إلى أجدادهم!!
وإمعانا في استغفال من اصطف معه وتضليلهم أخرجهم يحتفلون بالأمس في ذكرى ثورة 26 سبتمبر التي انقلب عليها وأطاح بها لتنصيب ذات الإمام الذي أطاحت به قبل 54 سنة!!
الآلاف من أبناء هذه المحافظات يقاتلون اليوم في صفوف الجيش الوطني والمقاومة، وملايين في محافظاتهم ينتظرون قدومهم ويرقبون وصولهم كالأرض في تموز تنظر للسماء، ويتوقون للاحتفال بذكرى ثورة سبتمبر في صنعاء، وأن يحتفل أي من أنصار صالح والحوثي بذكرى ثورة سبتمبر فإن احتفال كثير منهم أمر يدعو للتفاؤل وإن كان مجرد استجابة للتضليل الذي يمارسه الرجل بحقهم، ذلك أن مجرد تذكيرهم لأنفسهم بقيم ثورة 26 سبتمبر وبؤس الأئمة وإرهابهم وظلمهم وتعسفهم وتكبرهم هو بمثابة تحريك لجمر الحرية الدفينة في نفوسهم، ولا بد أثناء ذلك من شرارة تنبعث في القلب السليم فتشتعل به جذوة الوطنية، وتتقد فيه شعلة الثورة السبتمبرية من جديد، ولا يأس من اليمني مهما ابتعد وأوغل في طريق الخطأ، ففي كل هذا الشعب ما يمنح كل هذا الأمل به، ولدى كل هذا الشعب ما يبرر المراهنة عليه من الأصالة والعراقة والصفاء والشجاعة في الاعتراف بالحق وصدق الإيمان بالله وحب الخير وكره الشر ودروب الباطل.