2016-09-28 الساعة 01:53م
جمعني في العاصمة الأردنية عمان لقاء بالإخوة الأعزاء حاشد عبدالله الأحمر ومذحج عبدالله الأحمر؛ نجلي المرحوم الشيخ عبدالله الأحمر رئيس مجلس النواب السابق.
رغم كل ما كتبته عنهم بشكل عام وعن شقيقهم الأكبر حميد بشكل خاص عندما كان يدير حكومة باسندوه من خلف الستار الا أنهم عكسوا لي صورة جميلة عن تقبلهم للرأي الآخر فيهم وسعوا لتوضيح الصورة عن كثير من المواضيع التي أثرتها وتطرقنا لها.
حتماً ليس كل ما أشيع عن أولاد الأحمر صحيح؛ ومع ذلك لهم نصيب مما قيل؛ الا أني الاحظ أن هناك تجني وتحامل عليهم غير مفهوم ولا يعكس الدور السلبي الحقيقي الذي قد يكونوا تسببوا به؛ اذا ما قارناه بالدور السلبي لغيرهم الأكثر تأثيراً وضرراً على البلد وعلى المواطنين بحكم مواقعهم المهمة في رأس السلطة في أهم اللحظات؛ ولن اتحدث عن أسماء الآن؛ فما يهمني قوله أن هناك مرض أصاب البعض يمكن تسميته (فوبيا عيال الأحمر)؛ وامتد هذا المرض للسعي الى تشويه حتى من يقاتل منهم في الميدان والى تاريخ والدهم ومن قبله جدهم وأسرتهم. لم أكن أرغب في الكتابة عن الموضوع؛ متأثراً بهذا المرض؛ الذي نالني حظ منه؛ الى أن أهداني أخ عزيز يوم أمس كتاب مذكرات اللواء حسين المسوري أحد الضباط الأحرار والذي قرأته كاملاً خلال يوم واحد؛ وعرفت من خلاله الدور الإيجابي لهذه الاسرة في مقاومة الملكية والتضحيات التي قدمتها.
ومع ما نال هذا الدور من تشويه -للثورة ولأبطالها- بسبب بعض الأخطاء التي شاركهم فيها الكثير -والذي وثقها كتاب المسوري- الا أن ذلك لا يجب أن يدفعنا الى أن نرى هذه الأسرة بعين واحدة أو أن نحولهم الى شياطين نحملهم وزر أخطاء النخبة السياسية التي حكمت اليمن خلال العقود الماضية. يحاول أولاد الأحمر تقديم أنفسهم بشكل إيجابي؛ ليغيروا الصورة النمطية التي انطبعت عنه بفعل مطابخ اعلامية خاضت حروب شرسة معهم؛ شوهت صورتهم؛ انتقاماً من المطبخ الذي أداره ولا يزال يديره حميد الاحمر الذي سعى كذلك الى تشويه كل من يعترض طريقه الى السلطة.
اولاد الاحمر يدفعون ثمناً في الوقت الحالي لمعارك أخيهم حميد وصراعه المرير والمزمن مع توكل كرمان والاقلام الممولة منها وشبكتها الاعلامية على مزاعم من كان منهم قائد حراك فبراير 2011م، كما أنهم يدفعون ثمناً منذ أكثر من عقد لصراع حميد مع الرئيس السابق صالح ونجله أحمد؛ والذي تمكن مطبخ حميد الأحمر من تحويله كذلك الى مرض (فوبيا صالح وعائلته)؛ مطابخ قوية تملك أموال هائلة تصارعت فيشطنت نفسها وخسرت معاً السلطة وأصبحت ما بين مغترب او هارب او معتقل في الامارات أو تحت رحمة سلطة الكهنوت الحوثي في الداخل. صراع الأسرتين وغيرهم من مراكز القوى والأحزاب التقليدية التي كانت تحكم اليمن هو ما أفسح المجال لعودة نظام الولاية السلالي بعد مضي أكثر من خمسة عقود على اسقاطه.
وبعد كل ما حدث وبعد كل الخيبات التي اصابتنا في من كنّا نعتقد أنهم رموز للدولة والسياسة والمثل العليا ثم فوجئنا بهم يسقطون أمام الفتات من المال وإغراءات السُلطة؛ وبعد ان عدنا الى الوراء لخمسين عاماً تقريباً بسبب تلك الصراعات؛ نجد انه بات علينا ان نفتح صفحة جديدة مع الجميع؛ وبالاخص الجيل الجديد من أبناء الزعامات التاريخية وأن لا نعاملهم بناء على تاريخ آبائهم والمعارك والحروب السياسية والعسكرية التي خاضوها فقط؛ وان نقدر أنهم لم يصنعوا الظروف التي خلقوا فيها؛ وأن نشجعهم على أن يتغيروا، ويغيروا الصورة النمطية عنهم، حيث لكل منهم شخصيته التي يجب ان نعرفها ونتعامل معه على اساسها بعيداً عن الصورة النمطية عن أسرته أو والده أو أخيه؛ لا أتحدث عن اولاد الاحمر فقط بل أتحدث عن اولاد الرئيس السابق صالح وأسرة بيت حميد الدين وأبناء علي سالم البيض والزنداني والجفري والعطاس وسلاطين الجنوب القعيطي والعبدلي والفضلي وغيرهم وكل أبناء الزعامات الاخرى عسكرية وقبلية وسياسية ومشائخية ودينية وبالأخص التي باتت خارج السلطة؛ وان نوجه جميعاً جهودنا للسعي الى إيجاد مخرج لليمن من هذه الأزمة الملعونة؛ واعتقد أن الجميع استفاد من الدرس وعرف أن نهاية الظلم والجبروت والتعالي والسعي للتفرد بالسلطة والثروة هي خسارة الناس والسلطة وأحياناً الوطن؛ وبات الكل مدرك أن دولة مدنية قوية وعادلة وشراكة حقيقية مع الجميع؛ جنوب وشمال ووسط؛ جبل وساحل وصحراء؛ مدني وقبلي، قحطاني وعدناني، هي المعادلة التي ستحمي الجميع؛ وتوفر مناخ لمنافسة صحية على الثروة والسلطة، تكون أدواتها ناعمه بعد أن اكتوى الجميع بنار الأدوات الخشنة.
تحياتي للصديقين -من الآن- حاشد ومذحج عبدالله الأحمر؛ وأقول لهما: امضوا في الطريق الذي تحدثنا عنه، ومن أجل تحقيق الحلم الذي حلمنا به معاً، ولا ترهبكم أصوات البعض؛ ومع مرور الوقت سيتعامل الجميع معكم -عدى من في قلبه مرض أو يحمل عقدة نقص أو منافس لكم- ومع ما تقدمونه -طالما كان إيجابياً وفي مصلحة البلد- بمعزل عن أي مؤثرات أخرى.