2016-10-13 الساعة 05:23م
المدمرة الامريكية “مايسون” تعرضت أمس الأربعاء لهجوم هو الثاني من نوعه خلال يومين، حدث ذلك بينما كان “البنتاجون” يتدارس كيفية الرد على الهجوم الأول الفاشل، وسط نداءات من أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي، بضرورة اتخاذ تدابير عقابية وتوجيه ضربات للحوثيين.
واليوم الخميس ترددت أنباء عن قيام البحرية الأمريكية بتوجيه ثلاث ضربات على رادارات تابعة لميلشيا المخلوع صالح والحوثي في ساحل البحر الأحمر.
وهذه التطورات تأتي بعد الهجوم الذي استهدف قبل نحو أسبوعين سفينة الإغاثة الإماراتية “سويفت” في المنطقة ذاتها بجنوب البحر الأحمر وبالقرب من باب المندب، ما يعني أن ثمة تصعيد مدروس من جانب المخلوع صالح وحلفائه الحوثيين، لخلط الأوراق في منطقة حساسة جداً.
يأتي هذا التصعيد متزامناً مع دعوات صريحة وجهها المخلوع صالح إلى روسيا الاتحادية للتدخل في اليمن، وهي دعوات ليست جديدة لكنها لم تكن بهذا القدر من الصراحة، لأنه كان يخشى أن تؤثر صراحة كهذه على الخطاب الدعائي الذي يصم الحكومة الشرعية بالعمالة والارتزاق لكونها استعانت-وهو حق دستوري لها- بدول الجوار الشقيقة، لإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة، ووأد الخطط الإيرانية للتوسع في جنوب الجزيرة العربية.
فقد سبق للمخلوع صالح أن ذهب مرتين إلى السفارة الروسية، وقابل القائم بالأعمال وقابله أيضاً بأحد مقراته السرية بالعاصمة صنعاء، ولكن كانت الأخبار دائماً تتحدث عن مناقشة العلاقات الثنائية بين “المؤتمر الشعبي العام” وحزب “روسيا الموحدة” الحاكم في روسيا، رغم أن القائم بالأعمال يمثل روسيا وليس مخولاً بالبحث في قضايا حزبية.
الهدف الخفي الذي تدفع إلى تحقيقه إيران ربما يسعى إلى تحويل جنوب البحر الأحمر إلى ساحة تواجد دولية متعددة الأطراف، إلى حد يصعب معه تمييز من هي القوة التي تسيطر عسكرياً وتفرض إرادتها في هذه المنطقة.
وفي ظل وضع كهذا يخطط المخلوع والحوثيون ومن خلفهم إيران إلى جلب روسيا عسكرياً إلى جنوب البحر الأحمر ليتسنى لهم في ظل هذا الوجود كسر الحصار المفروض من قبل الأمم المتحدة على واردات الأسلحة لهم.
هذه المساعي تهدف أيضاً إلى تحويل اليمن إلى منطقة تتصارع فيها أطراف عديدة، وهذا لن يتم إلا إذا تحررت من الغطاء الأممي ومن القرارات التي تجعل من الصعب على أي طرف اللعب في هذه المساحة الملتهبة، وإعادة توظيف موقعها الجيوسي لفرض نفوذ وإرادات وتحقيق مصالح.
ليس المطلوب من الولايات المتحدة أن تتعاطى مع العصابات الانقلابية التي حاولت تهديد سفنها بالكيفية التي تتعامل فيها مع دول قد يصدر منها تهديد مماثل، والحديث عن تدمير ثلاث مواقع بطاريات صواريخ تابعة للانقلابيين، ليس رداً مناسباً.
المطلوب من الولايات المتحدة أن تعيد صياغة استراتيجيتها في اليمن، وأن تعمل على تخفيف الكوابح المفروضة على تدخل التحالف العربي في هذا البلد، وتحريره من التحفظات الكثيرة.
فمن المعروف أن خطة العمليات العسكرية تخضع لرقابة صارمة من الولايات المتحدة وتواجه خطوط حمراء من قبلها، خصوصاً ما يتعلق منها بخطة استعادة صنعاء من قبل الجيش الوطني والمقاومة مسنودين من التحالف.
وهناك محاولات عديدة تبذلها واشنطن لصرف الأنظار نحو أهداف جانبية في اليمن، والمرء لا يحتاج إلى المزيد من التفكير لاكتشاف أن مواجهة هذا الانفلات الخطير من جانب الانقلابيين، لن يأتي عبر الردود المحدودة بل بإنهاء هذا الخطر، وهذا لن يتحقق إلا بدحر الميلشيا الانقلابية من الساحل الغربي للبلاد.
ومن المؤكد أن التحالف العربي والجيش الوطني قادران على القيام بهذه المهمة في حال كفت الولايات المتحدة عن فرض لاءاتها الكثيرة على العمليات العسكرية في اليمن.
لم يعد من الممكن إبقاء الساحل الغربي للبلاد الذي يمتد عبر محافظات: حجة والحديدة وتعز، مسرحاً لتحركات العناصر الانقلابية ولخططها التي يبدو أنها بدأت تتجه لتحويل الممر الملاحي الدولي إلى منطقة خطرة على السفن والناقلات والقطع الحربية كذلك.
وما نأمله أن نرى المعركة وهي تحتدم في هذا الجزء المهم من اليمن مؤذنة بانتهاء سيطرة الانقلابيين عليه.