2017-02-05 الساعة 02:07م
يحتفي كثير من العرب بترامب، خصوصاً في الخليج، لأنه يتبنى سياسة حادة ازاء ايران. بالطبع، أنتجت سياسات ايران العدوانية في المنطقة كراهية عمياء، والطابع العدواني لنظام الملالي ناتج عن عماء الارادة ذات البعد الشوفيني القومي لماضي امبراطوري بعيد، مزيناً بنغمة الاكليروس الطائفي الديني، حتى أن التشيع تحول إلى جزء من المفهوم القومي الايراني.
لكن ترامب لن يعمل على ازالة النظام الايراني، ولن يدعم الاصوات المنفتحة في ايران والقابلة للعيش في وفاق مع محيطها.. إنه لون من الكابوس الشرق أوسطي الرهيب، لإشعال فتيل اكثر دوياً ودموية، التدخل الأمريكي في العراق ساهم في دفع الصراعات الطائفية.. لطالما ساهمت تلك السياسات في تعزيز التطرف.
انها معادلة متلازمة، سيتم استخدام ايران لتمزيق المنطقة وسيتم استخدام العرب لنفس الأمر.. في تصوري أن السياسة الإيرانية أقامتها ذهنية مريضة، موروث الملالي الديني والمرضي والمحصور بغيبيات اليقين. ثم النظرة الطافحة بالحقد على العرب، ومصطبغ بكراهية الانتقام من تهديمهم الحضارة الفارسية.. مع أن الحضارات تتهدم من الداخل، وعندما فتح العرب البدائيون فارس، كانت مملكة متفسخة، وفي شقاق مع مجتمعها، لهذا دخل كثير منهم في الإسلام. وبقى شمال ايران، وهي المناطق التي فيها ترتفع النزعة الفارسية، آخر من دخلوا في الاسلام.. كما ان الملك الساساني قُتل من احد العوام.
وهي القراءة الطبيعية لانحسار الامبراطوريات، كما حدث للعرب أنفسهم، عندما اكتسحهم الاتراك ثم المغول، ثم الأتراك مجدداً، لكن ايران اليوم تنظر لنفسها وفق هذا الارث المُتخيل والغريب عن الحاضر: اولاً أستعادة الدولة الفارسية العظيمة، ثم تدمير العرب. مع أن تجاورهما وثقافتهما المشتركة تستطيع استعادة مزيج من التعايش الفعال في الحضارة الانسانية.. لم تكن سياسة الشاه ايجابية اتجاه العرب، لكن نظامه لم يتعرض لحقد جزء كبير من العرب. وكانت النقمة منه مأخوذة بمفاهيم التحرر باعتباره نظام شرطي أمريكا في المنطقة، ثم لاستبداده. لم يكن العداء يطفح بالشوفينية الطائفية، او استعداء المجتمع الايراني ككل. نظام الملالي عزل المجتمع الايراني عن محيطه وعن العالم.
عدونا ليس الايراني كانسان، أو كمجتمع، بل النظام، ثم نحن ندرك ان قطاعاً واسعاً من الإيرانيين واقعون تحت تأثير التعبئة الجمعية. ترامب لن يشعل حرباً مع ايران، ربما يحاصرها اكثر، يقص أذرعها، ثم ستتخذ المعادلة جهد تراكمي، سيعود بأثره على العرب انفسهم؛ سيتم استنفاذ دول الخليج ايضاً، بتلك الحروب.
سيتم تحطيمنا بالقاعدة والمنظمات الارهابية، وتفكيك الأنسجة الاجتماعية.. العرب فرحون، لكنهم سيعيشون نفس المهزلة الدامية؛ بل هم الجزء الأكثر وضوحاً.