2017-03-16 الساعة 02:01م
عامان منذ اندلاع عاصفة الحزم، الحدث الذي أضفى على الوقائع العسكرية في اليمن معنى الحرب متعددة الأبعاد، وأوقع الانقلابيين في شر أعمالهم وبهتهم وأفسد خطط إيران السيئة للاستحواذ على البلاد.
كان تحالف المخلوع صالح والحوثي قد أوشك على إنجاز مهمة الانقلاب على كل شيء في اليمن، بما في ذلك السلطة الانتقالية التي تأسست على إرادة ثورية شعبية عارمة لم يسبق لها مثيل.
وهذه السيطرة المطلقة على الأوضاع في البلاد كانت قد سبقتها حرب ضروس خاضها الحوثيون بإسناد من الجيش السابق الذي يهيمن عليه المخلوع صالح، ابتداء من دماج مروراً بعمران وصنعاء، وانتهاء بالبيضاء.
دول عديدة إقليمية وعالمية، مؤثرة في الملف اليمني كانت ترعى مهمة التوسع الميلشياوي من صعدة باتجاه صنعاء، ولكنها ظلت رعاية مشروطة بتقويض نفوذ قوى الثورة وفي المقدمة منها حزب الإصلاح الإسلامي.
لكن الحوثيين تصرفوا وفقاً لأجندتهم، كما لم تنتظر طهران مطولاً لتكشف عن أنها البلد الذي يقطف الثمار السياسية والاستراتيجية من وراء تمكين الحوثيين ودعمهم الإقليمي والعالمي.
لا أصدق أن التحالف العربي كان ينتظر فقط وصول الحوثيين إلى عدن حتى يتدخل عسكرياً، لأن الحرب لم يكن يخوضها هؤلاء بل المخلوع صالح الذي كان جيشه يسيطر على عدن وعلى غيرها من المحافظات، وهو الذي أعلن بوضوح ما الذي يتعين على الرئيس هادي أن يفعله وهو مغادرة البلاد من المنفذ المؤدي إلى جيبوتي.
عدن مثل بقية محافظات الجمهورية كانت تخضع للسيطرة الكاملة من جانب المخلوع صالح وجيشه، والذي حدث هو أن هذه المعسكرات تحولت إلى "مضافة" للمجاميع الميلشياوية الحوثية التي أراد صالح تنفيذ الانقلاب وإنجاحه باسمها.
ومع ذلك هدد وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل يرحمه الله من أن المملكة ودول مجلس التعاون لن تقف مكتوفة الأيدي إذا قرر الانقلابيون الذهاب إلى عدن.
حسناً، لقد فعلها الحوثيون وذهبوا إلى عدن واستضافتهم معسكرات المخلوع صالح العسكرية والأمنية، فكان ذلك سبباً لدخول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية على خط الأزمة في اليمن منذ فجر السادس والعشرين من مارس/ آذار 2015.
للتحالف العربي فضل إنجاز كل ما تم إنجازه حتى هذه اللحظة وفي إعادة الأمل للملايين من اليمنيين، وأهمها تحرير أكثر من 75 بالمائة من جغرافيا البلاد، وعودة الحكومة إلى عدن، وتشكيل وحدات حديثة كنواة للجيش الوطني وتشكيل وحدات لحفظ الأمن الداخلي.
وفي المقابل تدهورت القوة العسكرية للانقلابيين وتراجع حضورهم في الجغرافيا، وتحولوا إلى عصابة من القتلة التي تحاصر المدن وتفرض الإتاوات وتنشر الفوضى والفقر والفساد، الأمر الذي كرس الصورة الحقيقية السيئة لدى اليمنيين الذين باتوا ينتظرون اللحظة التي تغادر فيها الميلشيا حياتهم.
تلك كانت هي إنجازات التحالف العربي التي لا تخطئها العين.. لكن ثمة أخطاء تكتنف أداء التحالف من بينها التباين في الأهداف، الذي أفضى إلى قرارات خاطئة وشديدة الخطورة، والتي تأتي في مقدماتها الترتيبات العسكرية والأمنية التي تشرف عليها الإمارات في المناطق الجنوبية المحررة وفي محافظة تعز كذلك.
حيث يجري تكريس حالة اللا دولة واللا وحدة، وتقليل النبرة العدائية تجاه المحرض الأول على الانقلاب وهو المخلوع صالح، وفي الآن نفسه تقوم بدعم سلطة محلية شمولية وقمعية تستهدف تماسك المجتمع، وتنفذ سياسة تفكيكية تقوم على استئصال أحزاب تنخرط تحت مظلة الشرعية وتقاتل تحت لوائها، وتستثمر في التحريض عليها بشكل لم يسبق له مثيل، تحت لافتة مراوغة هي مكافحة الإرهاب.
وفي الآن ذاته يبدو أن أولوية المملكة هو معاقبة المخلوع صالح، ولا أدري كيف سيستقيم الأمر في ظل هذه الحالة من تضارب الأهداف، التي ساهمت حتى الآن في كبح جماح التحركات على خط الحسم العسكري.
مشكلة التحالف العربي أنه ينتهج سياسية تقوم على عدم احترام كفاح الشعب اليمني وتطلعاته، وتهميش أولوياته، ولا تكترث للتداعيات الخطيرة على معنوياته في الجبهات بسبب هذه المراوحة وغياب التمكين والسيطرة على مصادر الإمداد وتحويل المقاتلين إلى مجرد مجاميع تنتظر الأمر بالتحرك والمؤونة للحرب والبقاء على قيد الحياة في الجبهات.
كم كنا نتطلع إلى أن تجسد المعركة العظيمة التي يخوضها التحالف العربي في اليمن الإرادة المشتركة لشعوب التحالف وللشعب اليمني، وأن تترافق مع إحياء حلم التكامل والمصير المشترك والنظر إلى اليمنيين كشركاء أقوياء وهم كذلك أقوياء، فاليمن أكبر مخزون بشري في الجزيرة.
"يمن مونيتور"