2017-03-25 الساعة 06:54م
كان قادة الثورات اليمنية وجنود التحولات التاريخية ولا زالوا مغامرون يحملون رؤوسهم على أكفهم في سبيل الوطن لا يهابون الموت ولا يحلمون بربح أو يخافون خسارة، ينهضون كشرائح مظلومة عرفت معاني القهر في ظل نظام ربط الناس بالماديات والمصالح الشخصية وفرض الجهل والأمية والاستبداد عليها، فصار ليس من السهولة بمكان استنهاض طاقاتها وإعادة توعيتها بأهمية التغير وبذل التضحيات في الأنفس والأموال في سبيل الوطن.
لأن قيود الذل التي قيدت أرواحهم كانت عائقاً أمام قولهم لطاغية أو مستبد "لا" فصارت عائقاً وجدانياً أمام سماع صرخات الحق والتفاعل معها، وذلك لأن الثورات حالة من التمرد الشعبي الشامل على كل ما كان وقطيعة له ولآليات حكمه وشخوصه وحالة رفض دائم لواقعٍ أليم عاشه الناس أدهار يتجرعون بؤسه وشقاءه.
التف طغاة الشعب القدامى والمحدثون عليه وعلى تضحياته ومسار تحولاته بغية إعادة العادة، ومحاولة انتاج طغيانهم من جديد مستخدمين كل الأساليب حلالها وحرامها مستعينين بقوى الشر التي طالما عرفت بعدائها للأمة كعرق وتاريخ وديانة هبت حينها عاصفة الحزم لم تكن تدبيراً أعد له بشر، وليست صناعة بشرية رتب لها أحد إنها التدبير الرباني، والقدر الإلهي الذي فجر السماء صواعق ، وشق الأرض خوارق ، وصنع منا نحن اليمنيين معجزات في الحرب سوابق ومن أشقائنا أعلام نجدة ليس لهم في التاريخ مثال.
عبر الرجال الدروب واقتحموا في طريقهم إلى صنعاء الجبال العوالي والقمم الشواهق واجتازوا كل الصعاب لأن الشعب اليمني يأبى الظلم ويعشق الحرية قيم غرسها فينا أجدادنا الأنبياء هود وشعيب وإدريس وصالح ويونس وذو الكفل وإلياس وشعيب صلوات الله عليهم، والفاتح العظيم "الصعب بن رائش بن الحارث بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام الملقب بـ "ذي القرنين" ورشدها آباؤنا من نسل قحطان أبو العرب مروراً بأبنائه الحميريين وصولاً إلى ذرات أجسادنا ودِماءنا التي تضج في عروقنا اليوم وإلى قيام الساعة.
إنها عاصفة الحزم المعركة التاريخية القديمة والمتجددة معركة وجود وبقاء، بين العرب وأحقاد الكون المختبئة تحت الكبر والجبروت الفارسي منذ القدم، معركة صراع حضاري محموم بين الشر والخير والحق والباطل، من قبل الإسلام بدأً بمعركة "ذي قار" التي سبقتها عدة معارك هُزم فيها الفرس أمام العرب المعركة التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله "هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم وبي نصروا" .
مروراً بقادسية الخليفة عمر رضي الله عنه التي أخمدت نار فارس ولم تطفئ نار حقدهم القومي المستُجِر لماضيهم الحالم بإعادة بناء امبراطورية فارس بلون إسلامي وأدوات بشرية لا تمت إلى الإسلام بصلة ومبادئه السمحة، وما حجهم وتعظيمهم لقبر المجوسي أبو لؤلؤه قاتل عمر بن الخطاب اليوم، إلا دليل شاهد وحجة حاضرة يعجز إنكارها عاقل أو مكابر.
دخلوا في رحاب الإسلام مكرهين بقلوب تخالطت فيها المعتقدات الدينية والفلسفية الأمر الذي صَعَّبَ إيلاج الإسلام إلى قلوبهم بسهولة ويسر دون جروح أطغَتْ العرق فيها على الدين والقومية على المعتقد الأمر الذي جعل الخليفة عمر يتمنى أنه لوكان بيننا وبينهم جبل من نار لفراسته وعمق استشرافه لمستقبل حقيقة إسلامهم والبلاء الدائم الذي سيتفننون في صناعته لجيرانهم من العرب والمسلمين.
وعليه فقد كان لعاصفة الحزم التي تعتبر امتداداً لمعركة ذي قار والقادسية أبلغ الأثر في نفوس أحرار اليمن قريبهم والبعيد، لأنها مثلت الدعم العسكري الجوي واللوجستي لليمنين في حربهم ضد التمرد واستعادت دولتهم الشرعية ونظامهم الجمهوري وفقاً لما تراضت عليه كل شرائح الشعب اليمني في مخرجات الحوار الوطني.
فكانت الداعم الأكبر للحرب التي فُرضت على الشعب اليمني لإزالة ورم النظام الخبيث الذي كاد أن يلتهم جسد الشعب اليمني بما خزنه من اسلحه، ونهبه من أموال لاستخدامه ضده في حالٍ ثار فيه أو طالب بحريته وكرامته.
مع أهمية الدعوة إلى معالجة الأخطاء القتالية التي رافقت ذلك الدعم وتلك العملية مثل استهداف المواقع المدنية والمنشآت السكانية والمناسبات المختلفة بتعويض عادل للضحايا وأهاليهم، وديمومة التواصل مع المتضررين حتى لا يبقى لها أثراً في النفوس على المدى القريب والبعيد.