2017-03-30 الساعة 07:05م
كما كان متوقعاً يبدو أن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لا يزال مصراً على إمضاء خطته المشوهة للسلام في اليمن بكل الطرق الممكنة، لقد توقف عقله السياسي عن الإبداع وابتكار الحلول وعن استيعاب التطورات والتقاط المؤشرات الواضحة عن تحول قد حصل في الذهنية الدولية تجاه الأزمة والحرب في اليمن.
ثبات موقف المبعوث الأممي، كشفت عنه الإحاطة التي قدمها إلى مجلس الأمن الدولي الذي عقد مساء أمس الأربعاء جلسة مناقشات مغلقة خصصت لبحث الأوضاع والتطورات في الشرق الأوسط وكان اليمن الحاضر الأبرز في هذه المناقشات.
انعقدت هذه الجلسة الشهرية المخصصة لليمن، في غمرة انشغال المنطقة بالقمة العربية الثامنة والعشرين التي عقدت أمس الأربعاء بمنطقة البحر الميت في الأردن، وتأتي أيضاً بعد اثني عشر يوماً على عقد جلسة مماثلة لمجلس الأمن بناء على طلب من روسيا.
ما يفتأ المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد يكرر عرض خطته للسلام ويدعو المجتمع الدولي إلى فرضها على الحكومة والمتمردين، اعتقاداً منه بأنها تؤمن إطاراً مناسباً للحل، رغم يقينه أن الخطة لم تعد مقبولة الآن في ظل تطورات بالغة الأهمية، كما لم تكن مقبولة في ظل الضغوط الهائلة التي مارستها إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
هيمن على المناقشات الوضع الإنساني في البلاد، وهو ما انعكس في مضمون البيان الصحفي الصادر عن الرئيس الدوري لمجلس الأمن مندوب بريطانيا الدائم لدى الأمم المتحدة، ماثيو رايكروفت، الذي شدد على “ضرورة منح الأولوية لتحقيق تقدم نحو حل مستدام يمثل الطريق الوحيد لجلب الاستقرار في اليمن.
التطور اللافت في موقف مجلس الأمن أنه لم يعد يتعاطى مع الخطة باعتبارها تعبيراً عن إرادة المجتمع الدولي، بل باعتبارها مقترحات المبعوث الأممي للسلام.
وهي إشارة واضحة يتعين على المبعوث الأممي أن يلتقطها ويبدأ من الآن إن كان يريد لمهمته أن تنجح- في بلورة أفكار مقبولة، وهذه الأفكار ليس المطلوب أن تكون متطابقة تماماً مع ما تريده السلطة الشرعية، على الرغم من حقها الكامل في إنهاء الإنقلاب وفرض النظام والقانون، بل يتوجب أن تكون متطابقة مع المرجعيات وقرارات الشرعية الدولية.
لا أحد يستطيع أن يحاكم المبعوث الأممي لأنه صاغ خطة للسلام تتطابق مع المرجعيات المصانة بقرارات صادرة عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع، وهو يعلم ويعي ذلك جيداً ولكنه لا يريد أن يغير من استراتيجية التعاطي مع التطورات الجديدة.
على المبعوث الأممي أن يتحرر من الأيدلوجيا التي هيمنت على تعاطي المجتمع الدولي وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية مع الأزمة والحرب في اليمن، وهي الأيديولوجية التي أعاقت عملية السلام والتسوية السياسية في اليمن وأجهضت عملية التغيير والانتقال السياسي وأعاقت كل المحاولات المبذولة من قبل السلطة الشرعية والتحالف السياسي الوطني الواسع الذي يدعمها عن المضي قدما صوب الأهداف المنشودة للعملية السياسية في البلاد.
لم يعد من الممكن التغطية على الإنقلاب بمحاولة إثارة الرأي العام الدولي على خلفية الوضع الإنساني السيء في اليمن، ومحاولة فرض تسوية لا تعالج أسباب هذه الحرب وتعمل على استئصالها.
ولم يعد من المقبول اليوم الإستمرار في تسويق خطة ولد الشيخ للحل، التي تمثل بحق دستوراً مصاغاً بقلم الأمم المتحدة للإنقلاب الذي نفدته العصابة المناطقية والطائفية، والخطة أيضاً محاولة حثيثة لشرعنة هذا الإنقلاب وترسيخه، ومكافأة للأطراف التي قامت بهذا الإنقلاب، والأسوأ من كل ذلك أن هذه الخطة إن تقرر فرضها في اليمن فإنها تكون قد أرست تقليداً جديداً لمكافأة التمرد والإرهاب السياسي.