2017-04-30 الساعة 01:47م
تتلخص المعادلة الميدانية الراهنة في اليمن في المؤشر الأكبر والمتعلق بما أسميته النجمة الخماسية للحسم، لكن هذه المعادلة لا تلغي بحال من الأحوال الأهمية التكتيكية لسلسلة المواجهات المحتدمة عند تخوم صنعاء، وفي البيضاء، وإب، وغيرها من مناطق التماس بين الميليشيات الحوثية والمقاومة الشعبية، بل تمنحها فرصة سانحة لحسم عسكري ميداني يوازي ما سيجري في المناطق الخمس التي ألمحنا لها في بداية العنوان.
تلك المناطق الخمس هي: الحديدة وتعز وميدي والمخا، وفي القلب منها معسكر خالد الاستراتيجي، وقبل استقراء واقع الحال في تلك المناطق الخمس لا بد من الإشارة إلى أن الموقف الميداني محسوم لمصلحة الشرعية اليمنية والتحالف العربي في ميناءي المخا وميدي، كما أن الوضع في تعز الداخل محسوم لمصلحة المقاومة لولا الحصار الممتد عند تخوم بعض مناطق المدينة الأكثر سكاناً في عموم اليمن، وفي معسكر خالد الأكثر أهمية بالتوازي مع معسكر العند في الجنوب.
تجري الوقائع حتى تدوين هذا المقال لمصلحة الشرعية والتحالف العربي، فالتفوق العسكري يقاس بتنوع الأنساق والأساليب العسكرية المتاحة، وهو ما يرجح كفة التحالف العربي والشرعية، حيث تتنوع تلك الأنساق لتشمل الأسلحة البرية، والبحرية، والجوية، والصاروخية بأنواعها، فيما تكمل المقاومة الشعبية على الأرض التمدد الأفقي على الأرض، وهي مدججة بذات الأسلحة والروحية القتالية التي لدى ميليشيات الانقلاب والضلالات الأيديولوجية المغلفة بالدين.
الحديدة وتعز، هما فرسا الرهان على درب السقوط الحر للانقلاب، ذلك أن تعز الكبرى ذات الملايين الثلاثة من أهل اليمن الكبير، تمثل الخاصرة التاريخية لميزان الشوكة الناظمة للذاكرة السياسية والمهنية والفكرية والثقافية، وبالمقابل تمثل الحديدة المتنفس اللوجستي الأبرز لميليشيات الضلال، والوعاء الغذائي الأبرز لعموم اليمن.
سقوط معسكر خالد بيد الشرعية والتحالف العربي يوازي السقوط نفسه الذي كان من قبل لمعسكر العند، وكما مهدت استعادة العند من الميليشيات الانقلابية لتحرير مدينة عدن، فإن سقوط معسكر خالد بيد الشرعية سيمثل عتبة الانطلاق المؤكد لتحرير كامل تعز من حصار الميليشيات الانقلابية.. والحال فإن استعادة الحديدة من قبل الشرعية والتحالف العربي سيكون بمثابة القفزة المعنوية الكبرى صوب العاصمة المقهورة صنعاء.
تتلخص المعادلة الآن في إمكانية تحقيق هذا المنجز الميداني لتنبجس النجمة الخامسة المتلألئة من تضاعيف الدكونة والخراب، ولينطلق اليمن الجديد صوب دولته الاتحادية اللا مركزية التعددية، وليكون الالتحام اليماني النسيجي بعمقه العربي في جزيرة العرب ترجماناً، وحصيلة لكل الدماء النازفة والدموع التي ذرفت خلال سنوات المتاهة الدرامية الممتدة من عام ١٩٩٠إلى يومنا هذا.
لا خيار أمام فرقاء التحالف والشرعية سوى خيار التطويع القهري للميليشيات ومن يقف معهم على درب الخراب والتخريب، والمعادلة الميدانية التراجيدية لا تلغي بحال من الأحوال الخيار السياسي العاقل.. انطلاقاً من كامل النصوص التوافقية التي قبل بها الجميع وارتضوها مرجعاً للحل.
النكث بالوعود، والتعامل مع الحلول السياسية بمنطق الكذب والمخاتلة ليس جديداً على نظام صالح، فهو الذي انقلب على وحدة مايو/أيار لعام ١٩٩٠ عندما باشر باغتيال قيادات الحزب الاشتراكي والحركة الوطنية اليمنية في قلب العاصمة صنعاء، وهو الذي انقلب على وثيقة العهد والاتفاق بعيد توقيعه عليها في الأردن، وهو الذي شن حرب١٩٩٤ الظالمة، فاتحاً الباب لعهد من المظالم، والفساد، والتشويه المنهجي للأرض، والإنسان، وهو الذي انقلب على المبادرة الخليجية حال عودته من رحلة علاجه بالرياض، وهو الذي انقلب على نتائج مؤتمر الحوار الوطني، وأدخل الحوثيين في ثقب إبرة يصعب الخروج منها.
صالح القابع في صنعاء، ونواحيها، ليس فرداً كما نتوهم، بل إنه رأس حربة حقيقية لمنظومة من المتماهين معه، المنخطفين به سلوكاً، ومنطقاً، وسياقاً، وما يجري الآن في سياق النجمة الخماسية للحسم سيحدد مصير مشروعه الذي تمكن حقاً من تدمير اليمن، وقد هدد بذلك بعد الانتفاضة الشبابية العارمة في عام ٢٠١١عندما وعد بالصوملة والتحارب الأهلي من نافذة لنافذة.