2017-05-09 الساعة 01:30م
خير الله خير الله، كاتب لبناني، وأحد الكتاب العرب القلائل الذين عملوا مع المخلوع صالح طيلة فترة حكمه دون كلل. لم يتغير موقفه من صالح، وإن كان اليوم قد أصبح اكثر ارتباطًا بالمشروع الإماراتي الذي لا يبتعد كثيراً عن مشروع صالح على كل حال، وكان الوسط الصحفي يطلق عليه عبارة " ما ادى الله ما ادى الله" وهي كلمات باللهجة الصنعانية، تشير عادة إلى الشخص الذي يهمه أن يتكسب من مواقفه فحسب.
كتب خير الله اليوم في صحيفة العرب الصادرة من لندن والتي تخدم خط الإمارات مقالاً بعنوان" هذا ليس وقت المزاح في اليمن"، مما جاء فيه: "هناك أمور لا يمكن التساهل تجاهها، لا لشيء سوى لأنّها تمس الوضع اليمني كلّه. ليس في الإمكان الإتيان بمحافظ جديد لعدن يدعى عبد العزيز المفلحي، لمجرّد أنّه من الضالع. تكفي قراءة سريعة للنبذة التي قدّمها المفلحي عن حياته للتأكّد من أنّه شخص غير جدّي".
تأملوا! كيف يرى الكاتب خير الله أن المحافظ المفلحي الذي اقترن ظهوره بعلم اليمن في أول نشاط له بعدن، شخص ليس جدي، إنه يعكس مخاوف من يعمل لصالحهم، لهذا جرى التأخير المتعمد لافتتاح محطة الكهرباء فقط لأنها بتمويل من قطر، وحتى لا يلحظ سكان عدن الفرق بين مشروع الدولة ومشروع العصابة، وسيجري تعطيل نشاط المحافظ مستقبلاً، حتى لا تنعكس الحقيقة على مرآته، الحقيقة التي تقول إن المحافظ المقال عيدروس الزبيدي، لم يكن محافظا بل نائباً للحاكم العسكري الإماراتي في عدن.
ويقول أيضاً في خاتمة مقاله "هذا ليس وقت المزاح في اليمن. هذا وقت العمل الجدي. والعمل الجدي يبـدأ بالاعتـراف بأن كل شيء تغيّر في اليمن وأن الحاجة قبل كل شيء إلى من يفهم المعادلة الجديدة بدءا بالإقرار بأنّ النجاحات الوحيدة التي تحققت فعلا على الأرض كانت في عدن والمكلا".
إنه يتتبع الإنجازات الإماراتية على وجه التحديد في هاتين المحافظتين، "حزام أمني" في عدن و"قوات نخبة" في حضرموت، وسلسلة لا تنتهي من الاعتقالات والمداهمات والإذلال للسكان، وعودة إلى عهد القمع والإرهاب الفكري. ومن المؤسف أن خير الله خير الله لا يكترث لهذه الممارسات السيئة، بل يعتقد أنها إنجازات كبيرة ومهمة ولم يتحقق شيء في اليمن سوى ما تحقق في هاتين المدينتين، لذا يجب أن يتم تعطيل الصلاحيات الدستورية للرئيس هادي، وأن تفسح "إنجازات" كهذه، المجال للإمارات لكي تقوم بترتيباتها الكارثية، التي لا تدل على أن شيئاً ما قد تغير في اليمن فحسب، كما يذهب هذا الكاتب، بل تدل على أن اليمن يكاد يتلاشى من بين أيدينا بفعل هذه الترتيبات.
بالنسبة لـ: للكاتب خير الله خير الله، هذا الكلام لا يكلفه شيئاً بل يكسبه الكثير من المال، لكن أنا أتساءل هنا: ألا يكفي هذا الكاتب أنه عرف اليمن جيداً وتعيَّشَ منها ما يكفي لكي يقول الحقيقة ولو لمرة واحدة.
لم تأت الإمارات لكي تنهي سلطة الرئيس وتؤسس وضعاً جديداً، لا علاقة له بالدولة اليمنية، بل أتت لمساندة الشرعية، وعليها تبعاً لذلك أن تعمل وفق المرجعيات المتفق عليها، ودورها هو إسناد الشرعية وليس تفريخ شرعيات جهوية وأيديولوجية، لأن فائض القوة التي لديها لا يمكن أن يغطي على حقائق التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا، التي تقول إن اليمن كبير جداً بما يكفي لصد هذه المحاولات المراهقة التي تجند خير الله خير الله لشرعنتها عبر ما يكتب من مهجعه في لندن.
كم كنت أتمنى أن يأتي الدور الإماراتي المهم والكبير والمقدر في اليمن متسقاً مع إرادة الشعب اليمني التواقة إلى الحرية والوحدة والاستقرار والسلام والعيش المشترك بلا إقصاء لا وتهميش بسبب المعتقد أو بسبب الانتماء السياسي.
وفي صنعاء يقولون "خيرة الله!" عندما يعجزون عن فهم الأشياء أو عندما تكون الأمور التي تجري أمام أعينهم فوق تصورهم واحتمالهم..