2017-05-25 الساعة 05:28م
السعودية تلعب لعبة خطيرة جدا جدا
اذا نجحت ستجعلها دولة المنطقة الاولى واذا فشلت سيختلط الحابل بالنابل
ملوك السعودية لا يريدون منافس في المنطقة فقد اختفت العراق ولحقت سوريا ومصر تحتاج على الاقل عقدين في حال الاستقرار لتعود آلى مكانتها بسبب سياسات مبارك
والسيسي التي افرزت مشكلات داخلية عميقة وازمات كبيرة لن تخرج منها بسهولة الا اذا كان هناك توافق داخلي
ولا مؤشر حتى الان ان الجيش يمكن ان يتنازل عن نزعة الاستكبار او يتجاوز عقدة الفرعونية ليتنازل من اجل توافق داخلي يغلق ملفات الصراع الداخلي ويعيد ترتيب السياسة المصرية والتنموية والخارجية لتستعيد مصر دورها الريادي
ايران هي أيضا تشهد واحد من أسوأ فصول المواجهة بعد إستنزافها في سوريا وإغراقها في مشاكل داخلية توشك ان تتفجر في عرض البلاد وطولها
تركيا ليست افضل حالا فالألغام التي تتفجر في طريقها من العيار الثقيل وتسببت في انهيارات جيوسياسية راكمت خطوط عازلة الى حد تحجز الاندفاع التركي تجاه المنطقة
اردوغان يجد نفسه منغمسا اكثر في ملفات الأكراد وسوريا وايران المتوحشة التي تفسد كل شيء كما ان تداعيات الانقلاب لم تنته ولم تمر بسهولة
واعتقد أن هذه عوامل مهمة تؤجل الرغبة التركية في زيادة مساحة العمل الدبلوماسي والسياسي القيادي في العالمين العربي والإسلامي كما ان الاتراك سينشغلون اكثر لبناء قدراتهم استعدادا للتحول المنتظر العام ٢٠٢٣ م موعد انتهاء مائة عام تعيشها تركيا رهنا لاتفاقية مقيدة فرضها البريطانيون وحلفاءهم المنتصرون في الحرب العالمية الاولى
وهذا قد يكون من العوامل التي تساعد السعودية على محاولة التفرد بزعامة المنطقة وربما العالم الاسلامي
يبدو ان الرياض لم تكتفي بهذا لكنها خططت للإجهاز ايضا على كل خطاب ينافسها الزعامة الدينية والحضور التنظيمي
تريد منطقة خالية من اي مستوى من مستويات العمل الموازي فكريا او سياسيا او تنظيميا
و قررت ان تجعل الاخوان هدفا لها ستخوض معركة متعددة الأبعاد في مواجهتهم غير ان ابعاد هذه المعركة مفتوحة من جهة وغير قابلة للقياس من جهة اخرى لان الاخوان ليسو دولة ولا نظام
نعم هم تنظيم دولي قوي متين متجذر وهذا الجزء يمكن ان يكون هدفا للضربات اذا استطاعت السعودية والإمارات حشد العالم او بعضه في معركتهم ضده لكن البعد الاخر في الاخوان انهم فكرة عابرة تتجاوز الحدود تنتشر ولها مؤيدون وانصار
بالتأكيد سوف تشكل إستراتيجية محاصرة الاخوان سياسيا واعلاميا وإقليميا فرقا لكنها لن تكون حاسمة لان التاريخ يقول لنا ان حركات مذهبية سياسية تعرضت لحملات اضطهاد وتصفية وملاحقة وقتل ورغم انها تقوم على افكار منحرفة الا انها ظلت باقية ومنتشرة فالفكرة لا تموت ابدا
فكيف الحال ونحن في زمن اهم صفاته انه يتمتع بسيولة شديدة في كل شيء وسيولة الأفكار وتدفقها على النحو يجعل من المستحيل على اي قوة ان تُجهض فكرة جرى تأصيلها على مدى قرن تقريبا
اختلف مع الاخوان اختلاف كبير وسبق ان وجهت لهم إنتقادات لاذعه بسبب الكثير من ممارساتهم التي تتناقض مع فكرة الدوله الحديثه
لكن ارى ان ترتيب الاولويات في ظل المتغيرات الذي يشهدها النظام الدولي امر في غاية الاهمية
وكما يقول المثل الهندي إذا كان عليك ان تلتهم مجموعة ضفادع فبدا بأضخمها
وفِي تقديري انها معركة خاسرة وتستهلك جهودا وطاقات كثيرة كان بالإمكان ان تسخر خدمة للمشروع العربي الكبير تحت قيادة المملكه
وكما هناك في ادارة سيكلوجية الجماهير ما يعرف بتغيير مسارات اهتمام الرأي العام فنحن نشهد انموذجا مشابها في تغيير مسارات وتوجهات الأنظمة نحو قضايا بعيدة عما يفترض ان تهتم به الانطمة العربية التي تواجه أزمة حضارية خطيرة
ومع ذلك بوسعي القول انني ارى ان المملكة السعودية بدات فصلا جديدا من التمدد الإمبراطوري في المنطقة بعضه بتدخلات عسكرية واُخرى سياسية وثالثة معارك فكرية لضرب كل بؤر او أنوية فكرية وسياسية او وطنية تعتقد الرياض انها تشكل خطرا على النزوع الإمبراطوري للمملكه
ورغم اننا نفهم او ندرك ان للسعودية اسبابها لمواجهة الاخوان لكنها ربما ايضا تدفع ثمن مواقف إقليمية ودولية مساندة لها في مواجهة ايران مقابل موافقتها على تصعيد المواجهة مع الاخوان في التوقيت نفسه.