2017-09-09 الساعة 09:25م
يصادف اليوم الثامن عشر من حجة، ويوم تكرس باعتباره عيداً دينياً لدى الطائفة الشيعية، تأسيس على ادعاءات بأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا في مثل هذا اليوم إلى مبايعة علي بن أبي طالب بولاية المسلمين من بعده، وذلك في اجتماع عقده مع الصحابة في غدير خم وهو في طريق عودته من حجة الوداع إلى المدينة.
انضمت صنعاء إلى طهران وبغداد والضاحية الجنوبية، ومدن شيعية أخرى في إحياء مناسبة الولاية وعيد الغدير، وهذه المرة بدت صورة صنعاء كما لو كانت تتهيأ لظهور الإمام علي نفسه.
تمضي الأمور في صنعاء حثيثاً لتكريس منطق الولاية، وهو مصطلح يستدعي النظريات التي دفنها البشر وهم في طريقهم نحو ابتكار نموذج للحكم يليق بكرامتهم، ويتيح لهم فرص إدارة شؤونهم وتدبرها، على نحو يحررهم من عوز الحاجة والفاقة ويجنبهم الصراعات التي تحركها نوازع الاستئثار بالسلطة، ويوصلهم إلى مستويات متقدمة من رفاهية العيش.
هذا الهدف تحقق تقريباً في البلدان التي توصف اليوم بأنها الأكثر تقدماً في العالم، وهي البلدان نفسها التي تعايشت قروناً مع النظرية الكهنوتية القائلة بأن الملوك هم ظل الله على الأرض، وتعايشوا مع نماذج دكتاتورية بشعة أنتجتها عصور الجمهورية كذلك، وها هو النظام السياسي الديمقراطي اليوم يتكرس كنموذج عالمي واسع النطاق.
للأسف هناك في اليمن، من يحاول أن يبني على أنقاض ثورة الأمل والتغيير والانعتاق عهدا مظلماً، يدشنه الحوثيون الذين يرفعون اليوم شعار الولاية، وهو شعار مراوغ لا دخل للإمام علي بن أبي طالب به، ولم يكن ليقعد عن حق فرضه الله له وحث عليه رسوله، ولم تكن ولاية أمر الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم خاضعة لوصفة الولاية الجاهزة التي يروجها اليوم الحوثيون والمنظومة الشيعية الموغلة في تزييف حقائق التاريخ، والنقل الكاذب عن النبي الصادق صلى الله عليه وسلم.
علي عبد الله صالح ومعه صالح الصماد كذلك، إذا قدر للتاريخ أن يتذكرهم، فلن يشير إليهم إلا باعتبارهم مسامير قبلية صدئة حاول دعاة الحق الإلهي من خلالهما أن يثبتوا في الجغرافية اليمنية حقاً لا أساس له لا في الدين ولا في التاريخ ولا في السياق الحضاري الذي نعيشه اليوم، هذه الجغرافيا التي تشربت دماء شهداء الكفاح و الجمهورية ولن تثمر سوى شجرة الحرية.
فالأول سلمهم صنعاء لأنه فقد السلطة التي أراد تأبيدها تماماً مثلما يحاول الحوثيون أن يفعلوا. والثاني ينتحل صفة رئيس اليمن، لكنه عوضا عن أن يرفع صورته في المؤسسات العامة التي تخضع لسلطة الانقلابيين يرفع لافتات مراوغة، ويستدعي اسم الله أحياناً واحياناً أخرى شعارات.
لن يجرؤ بالتأكيد أن يعمم صورته في الإطار الذي اعتاد الناس رؤيتها فيه، لأن هذا الإطار غير مخصص له، فالقائد ليس هو والرئاسة ليست له.
لذا لم أستغرب أن أسمع منه يوم أن كان يتردد على منازل ذوي القتلى الذين سقطوا في أول مواجهة مسلحة بين قوات المخلوع صالح وعناصر مسلحة حوثية بصنعاء، مردداً عبارة جئت لأنقل إليكم تحيات القيادة السياسية.
في الواقع ليس من قيادة سياسية للانقلابيين غير تلك التي يمثلها هو ونائبه وأعضاء ما يسمى المجلس السياسي الأعلى، ولكنه كان يعني القيادة المختفية في أحد الكهوف بصعدة.
منذ أول يوم لاندلاع ثورة الحادي عشر من فبراير 2011، تورط الحوثيون في مخطط الاستحواذ على هذه الثورة، وعندما فشلوا في تحقيق ذلك، انقضوا عليها وعقدوا صفقتهم مع المخلوع صالح، وقد تحقق لهم عبر ثورة مضادة خططوا لها بدعم من إيران، وحدث أن تلقفتها الرياض وأبو ظبي منحتها ما تحتاجه من غطاء إقليمي ودولي وتمويل وإسناد إعلامي واتفاق سياسي أيضاً.
في حسابات الحوثيين كان الهدف هو تنصيب قائد الثورة الذي يراد له أن يؤسس سلطة الولاية التي يحتفلون بها اليوم، باعتباره الحق الإلهي المكتوب باسم الإمام علي بن أبي طالب وذريته إلى يوم القيامة.
*اليمن نت